بعد إتمام تركيا لصفقة شراء منظومة الدفاع الروسية S400، وتصاعد أزمة برنامج صناعة مقاتلات F-35 الأمريكية بين أنقرة وواشنطن، بعد استبعاد الأخيرة للأولى من المشروع، ما زالت تطرح تساؤلات عدة حول مدى نجاح الأمريكيين باستبدال مئات الأجزاء من طائرات F-35، التي كانت تصنّعها تركيا بجودة عالية وتكلفة منخفضة.
موقع The National Interest الأمريكي أشار إلى لقاء أجراه اللواء البحري الأمريكي مات وينتر، الرئيس التنفيذي للبرنامج المشترك لصناعة المقاتلة الهجومية "F-35″، مع مجلة Air Force Magazine، قبل أشهر عدة، حذّر فيه وينتر من إقصاء تركيا، ودعا إلى الإبقاء عليها شريكة في تصنيع مُقاتلات F-35، رغم مخاوفه من شراء أنقرة لمنظومة دفاعٍ صاروخي روسية الصُّنع.
وبحسب ما نقله الموقع الأمريكي، قال وينتر إنَّ مكتب البرنامج المشترك كُلِّفَ تقديم حُكمه على الآثار المُحتملة لاستبعاد تركيا من برنامج مُقاتلات F-35. وتعرَّضت تركيا، إحدى الشركاء الأصليين في البرنامج، للإقصاء الأمريكي من البرنامج بسبب شرائها منظومة S-400 للدفاع الجوي الروسية. إذ أعرب الكونغرس عن مخاوفه من أنَّ تشغيل مُقاتلات F-35 على مقربةٍ من منظومة S-400 سيمنح التقنيين الروس قدرةً مُهمة على استكشاف وتتبُّع مقاتلات F-35 الشبح.
لماذا يجب أن تبقى تركيا في برنامج إف-35؟
اللواء وينتر قال في اللقاء، إنه دعم تقرير الوزارة في نوفمبر/تشرين الثاني، والذي تطرَّق إلى مخاوف حول آثار العلاقة التركية-الأمريكية الحالية. وكشف "تقييم القاعدة الصناعية" للبرنامج أنَّ تركيا التي تُنتج بعض أجزاء مقاتلات F-35، في صورة مستودع المُحرك، ستشتري 100 طائرة من المُقاتلة، وهذا الأمر سيتمثل في إطالة عُمر البرنامج المشترك، مؤكداً حينها أنَّ تركيا يجب الإبقاء عليها ضمن البرنامج إن أمكن.
"في الحقيقة إن تركيا تُنتج 844 جزءاً لي، وهي أجزاءٌ عالية الجودة، ومنخفضة التكلفة، ويجري تسليمها في الوقت المُحدَّد"، يضيف وينتر مدافعاً عن الابقاء على تركيا بالبرنامج الصناعي.
ووصف وينتر مؤسسة الصناعة التركية المُشارِكة في إنتاج مُقاتلات F-35 بأنها "واحدة من أفضل الشركاء"، وبأنها "تؤدي عملاً رائعاً". وأكد أن "تصريحه الرسمي" هو أنَّ تركيا ما تزال "شريكاً مُلتزماً، وسنُواصل تنفيذ البرنامج على المستوى الرسمي، بمشاركة تركيا، لتحصل على طائراتها وتُثبِّت أقدامها وتتجهَّز لوصول طائراتها إلى البلاد في نوفمبر/تشرين الثاني المُقبل". لكن يبدو أن الرياح أتت بعكس ما تمناه وينتر، إذ قامت واشنطن مؤخراً بإلغاء تسليم المقاتلات لأنقرة، وأقصتها من برنامج الصناعات، وهو أمر ستتحمل تكلفته واشنطن بشكل كبير.
تطوير نسخ جديدة متوقف على حل الأزمة
في السياق، أكَّد وينتر أن اليابان طلبت مؤخراً 105 مُقاتلات من F-35 إضافة إلى طلبها الحالي الذي كان يضُمُّ 42 مُقاتلة، وستشمل هذه الصفقة المُوسَّعة مزيجاً من طرازي F-35A للإقلاع التقليدي وF-35B للإقلاع القصير/والهبوط العمودي "بمجموع 147 مُقاتلة F-35.
وعن تطوير نسخة Block IV من مُقاتلات F-35، يقول وينتر إنها ستتمتَّع بقدرات هجومٍ بحرية مُعزَّزة. وسيُضيف هذا "خيطَ مهمةٍ" خامس إلى المهمات الأربع: التفوُّق الجوي، وقمع وتدمير دفاعات العدو الجوية، والدعم الجوي عن قُرب، والهجوم الاستراتيجي على الأهداف الحيوية.
وتستطيع نسخة Block 3F تنفيذ ضرباتٍ محدودة ضد السُّفن، لكن وينتر أوضح أنَّ الرادار وغيره من وظائف الاستشعار المطلوبة للهجوم على الأهداف الأرضية تختلف عند الهجوم على الأهداف البحرية. وسيسمح التحديث الذي سيطرأ على نسخة Block IV لمقاتلات F-35 بأن تكون فعَّالةً في دور الضربات البحرية أيضاً، على حد قوله.
وبحسب موقع The National Interest الأمريكي، لا تُعدُّ الصواريخ المضادة للسفن طويلة المدى (LRASM)، أحد مُشتقات صواريخ AGM-158 (جاسم-إي آر)، التي تستخدمها القوات البحرية والجوية عنصراً أساسياً في قدرات المهمة الجديدة. ورغم أنَّ مقاتلات F-35 خضعت لفحوص المُلاءمة مع صواريخ LRASM من الخارج، وتستطيع على الأرجح حمل السلاح داخلياً، فقد قال وينتر إنَّ عتبة الذخيرة الخاصة بالبحرية لهذه المهمة هو سلاح المُواجهة المُشتركة AGM-154، مُشيراً إلى احتمالية إضافة LRASM لاحقاً.
لكن وينتر أشار في النهاية إلى أنَّ مكتبه يبحث باستمرار عن حلولٍ سهلة يُمكن تنفيذها في حال انسحاب أيّ شريكٍ أو تعرُّضه لمشكلات إنتاجٍ حادة قد تُعرِّض البرنامج للخطر، إذ يحصل البرنامج على الأجزاء والمواد من الدولة المُشاركة كافة. وقال وينتر، بشأن تركيا: "أدير على نحوٍ ملائم، مخاطر سلسلة التوريد المكتسبة، على غرار ما أفعله في كل مكان. لذا، فأنا لا أفعل أيّ شيءٍ مُميَّز".