الخروج إلى المجهول.. كل ما سيحدث لبريطانيا بعد 90 يوماً بسبب انسحابها من «اليورو»

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/08/02 الساعة 09:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/08/02 الساعة 18:57 بتوقيت غرينتش
رئيس وزراء بريطانيا الجديد بوريس جونسون/رويترز

مازالت ردود الأفعال على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق مستمرة، رغم استقالة 2 من رؤساء الوزراء وهما ديفيد كاميرون وتريزا ماي، مما فتح الباب أمام التساؤلات عن قدرة لندن على إغلاق هذا الملف

تزداد التساؤلات مع اقتراب 31 أكتوبر/تشرين الأول المقبل -وهو اليوم الذي لابد وأن تخرج فيه لندن من اليورو- عن كيفية انتهاء هذا الكابوس المزعج بحسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، سنحاول الإجابة في السطور القادمة.

كيف يمكن ألا يحدث اتفاق؟

بريطانيا ترفع مطلب إعادة التفاوض على خطة الانفصال عن الاتحاد الأوروبي
French President Emmanuel Macron, British Prime Minister Theresa May and German Chancellor Angela Merkel walk during the EU-Western Balkans Summit in Sofia, Bulgaria, May 17, 2018. REUTERS/Stoyan Nenov

دون اتفاق هو الخيار والوضع الافتراضي، بدون وجود اتفاقية انسحاب قيد التنفيذ، سيحدث الخروج دون اتفاق تلقائياً بحلول يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول. ويبدو من المستبعد التوصل إلى اتفاق جديد بالنظر إلى طلب بوريس جونسون ووزرائه شروطاً، مثل إلغاء الدعم الأيرلندي واتفاق انسحاب جديد تماماً، رفضتها بروكسل مراراً، كما تعد المطالبة بمثل هذه الشروط خطوة طموحة أكثر من اللازم نحو التوصل إلى اتفاق، نظراً لتبقّي أقل من 90 يوماً فقط على الموعد النهائي.

هل يمكن إيقاف ذلك؟

يبدو أن أغلبية أعضاء البرلمان لا تزال تعارض الانفصال دون اتفاق، كما كان الحال في مارس/آذار. ومع ذلك، يظل من غير المعروف إن كان بإمكان مجلس العموم البريطاني إيقاف جونسون إن كان ينوي الخروج من الاتحاد الأوروبي بهذا الشكل، خاصة مع احتمالية تأجيل انعقاد البرلمان. سيكون النواب بحاجة إلى خلق ملابسات تسمح بإجراء تصويت ملزم، ومن غير الواضح كيف يمكنهم فعل ذلك. ويُذكر أن البعض في البرلمان يرون أن الحكومة عازمة على منع خروج أي اتفاق من البرلمان يمنع الخروج من الاتحاد الأوروبي، وهذا هو السيناريو المفضل لجونسون حيث سيسمح له بالدعوة إلى إجراء الانتخابات مرتدياً عباءة بطل أزمة "الخروج من الاتحاد الأوروبي".

ما الذي تعنيه عبارة "دون اتفاق"؟

يعني ذلك ببساطة إنه بحلول الساعة 11 مساء بتوقيت بريطانيا ليلة 31 أكتوبر/تشرين الأول، سوف تصبح بريطانيا، بشكل تلقائي، "دولة ثالثة" في علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي، بدون خطة لما بعد الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، وبدون فترة انتقالية. وسوف يؤدي ذلك إلى خروج بريطانيا من عدد لا يحصى من المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات، تغطي كل شيء من التعريفات الجمركية على المواد الغذائية، وغيرها من السلع والبيانات، إلى انتقال الأشخاص، وعدد كبير من الاتفاقيات الخاصة بأمور مثل الطيران والشرطة والأمن. وبدون اتفاق شامل للانفصال سوف تحتاج بريطانيا للتفاوض مجدداً على كل عنصر من عناصر تلك الاتفاقيات القديمة. في أعقاب ذلك مباشرة، وبدون اتفاق، ستضطر بريطانيا للتعامل تجارياً مع الاتحاد الأوروبي وفقاً للشروط الافتراضية لمنظمة التجارة العالمية (WTO)، بما في ذلك الرسوم الجمركية على المنتجات الزراعية.

وما هي الآثار المترتبة على ذلك؟

قمة زعماء الدول الأوروبية
انطلقت في العاصمة البلجيكية بروكسل قمة زعماء دول الاتحاد الأوروبي، لبحث قضايا، أبرزها عملية خروج بريطانيا من الاتحاد، والإطار المالي 2021-2027، وجدول الأعمال الاستراتيجي 2019-2024، واختيار رؤساء مؤسسات الاتحاد. وقبيل انطلاق القمة، أوضحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أن بلادها تواصل تبنّي عملية "سبيتزينكانديدات" في اختيار رئيس جديد للمفوضية الأوروبية.(الأناضول)

يعد ذلك إلى حد كبير خطوة إلى المجهول، بالنظر إلى كثرة العوامل المتأثرة بذلك وتعددها، ولكن هناك قطاعات معينة أكثر قلقاً من غيرها. بالنسبة للمزارع الحيوانية، ستكون هناك زيادة فورية 40% على التعريفة الجمركية وفقاً لمنظمة التجارة العالمية على صادراتها إلى الاتحاد الأوروبي، مما قد يقضي فوراً على العديد من الشركات والعاملين في هذا المجال. وسوف تحتاج الشركات البريطانية الأخرى التي تُصدّر إلى الاتحاد الأوروبي إلى التقدم بطلب لإنجاز إجراءات الجمارك والضرائب وضريبة القيمة المضافة، وإلا لن تتمكن من شحن بضائعها. كما سيكون للتأخيرات الناجمة عن عمليات التفتيش على الحدود، التي تحذر العديد من مجموعات الأعمال من أنها ستصبح طويلة جداً في المستقبل القريب، تأثيراً سلبياً على الشركات التي تعتمد على تدفق دائم للإمدادات والموارد. وبالنسبة للأفراد، هناك مخاوف بشأن الإمدادات الطبية، واحتمالية احتياج المسافرين إلى أي من دول الاتحاد الأوروبي إلى عمليات فحص وإجراءات إضافية. بشكل عام، بالنسبة للأعمال والأفراد، قائمة التأثيرات السلبية طويلة جداً ولا يمكن التنبؤ بها بالكامل.

ما هي الإجراءات المتخذة للتخفيف من حدة تلك التأثيرات؟

بدأت الحكومة التحضير لاحتمالية الانفصال دون اتفاق قبل توقيت الانفصال الأصلي في شهر مارس/آذار الماضي، حيث سنّت تشريعات تغطي عدداً من المجالات، مثل المواد النووية والنقل البري وغسيل الأموال، وتكليف آلاف موظفي الخدمة المدنية على العمل على خطط الخروج دون اتفاق. وبالرغم من تحذيرات البعض من أن الحكومة لا تزال غير مستعدة للخروج من الاتحاد الأوروبي في شهر أكتوبر/تشرين الأول دون اتفاق، كثّفت الحكومة من مخططاتها مع تولّي جونسون رئاسة الوزراء، وتكليف مايكل غوف بقيادة عملية التخطيط، واكتمال اللجنة الفرعية لمجلس الوزراء. ووعد ساجد جافيد، وزير الخزانة، بضخ المزيد من الأموال، في حالة الخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، ووضع موازنة خريفية لإنعاش الاقتصاد. وأفادت الأنباء أيضاً إن الحكومة تنفق ما يصل إلى 100 مليون جنيه إسترليني (120 مليون دولار تقريباً) على حملة إعلانية لتوعية الشركات والأفراد بكيفية التحضير للخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.

وما الذي سيعنيه ذلك بالنسبة للحدود الأيرلندية؟

سوف يتطلب ذلك نقاط تفتيش من نوع ما، مهما بلغ إصرار الحكومة البريطانية على عدم وضع أي حواجز أو بنية تحتية على الحدود. وكما أوضحت الحكومة الأيرلندية مراراً، إن أيرلندا لا يمكن أن تظل جزءاً من السوق الأوروبية الموحدة والسماح بتدفق غير مراقب للبضائع عبر ما ستصبح حدوداً جمركية تخضع للوائح ومعايير. وبالرغم من أن هناك تفهماً للرغبة في تجنب أعمال البنية التحتية الحدودية، المتمثلة في العديد من نقاط العبور التي يستحيل تأمينها بالكامل، قد يصبح هناك حاجة لدخول نظام جديد للتفتيش حيز التنفيذ.

كيف قد يؤثر ذلك على خطط الحكومة؟

جونسون عراب مغادرة الاتحاد الأوروبي

هذا هو السؤال الذي لم تجب عنه حكومة جونسون، حتى الآن، خاصة فيما يتعلق بالعديد من الاستقطاعات الضريبية وخطط الإنفاق التي كُشف النقاب عنها حتى الآن. وتستند الكثير من تلك الخطط على فكرة استخدام بعض أو كل مبلغ "التمويل الإضافي"، الاقتراض الإضافي المسموح به ضمن الحدود الحالية، البالغ 26 مليار جنيه إسترليني (30 مليار دولار تقريباً) لتنفيذ تلك المخططات. ولكن توقعات وزارة الخزانة تقول إن هذا المال سوف يتبخر إزاء الضربة الاقتصادية التي ستتعرض لها بريطانيا في حالة الخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق. وفي الحملة الانتخابية، قال جونسون إن الحكومة يمكنها بدلاً من ذلك استخدام مبلغ تسوية الانفصال المتفق عليه مع الاتحاد الأوروبي والذي يبلغ 39 مليار جنيه إسترليني (47 مليار دولار تقريباً). ولكنها خطة غير موثوق بها، حيث إن هذا المبلغ يغطي عدداً من الالتزامات التي اتفقت بريطانيا عليها بالفعل والمدفوعة على مدى عدة سنوات. بعض الأموال لا يمكن استعادتها، والتراجع عن المدفوعات الأخرى قد يضر بشدة المصداقية المالية لبريطانيا.

هل يعني ذلك تجاوز أزمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أخيراً؟

لا. واحدة من أكبر الدعوات التي يروّج لها مؤيدو الخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق هي فكرة "تجاوز الأمر"، واستيعاب الفوضى الناتجة عن ذلك والمضي قدماً للعمل على أولويات أخرى. ولكن هذا ضربٌ من الخيال. لن تتمكن بريطانيا من التداول بشكل دائم وفقاً لشروط منظمة التجارة العالمية وسوف تحتاج إلى إبرام اتفاق تجاري دائم مع الاتحاد الأوروبي، يتضمن نفس القضايا والمشكلات التي سبق تناولها خلال مفاوضات الانفصال، مثل فاتورة الانفصال، والاتفاقيات حول الحدود الإيرلندية. الفارق الرئيسي إن بريطانيا تحتاج إلى إنجاز ذلك بأسرع ما يمكن، دون إهدار فترة المرحلة الانتقالية التي تنتهي بنهاية عام 2020.

تحميل المزيد