تشعر المملكة العربية السعودية بالقلق إزاء اعتمادها على استخدام مضيق هرمز لشحن نفطها إلى الأسواق الخارجية الحيوية. ومن المفهوم أن ينتابها هذا الشعور بعد كل الحوادث التي وقعت في المضيق خلال الأشهر الأخيرة. لكن خطتها البديلة لضخ المزيد من نفطها الخام عبر البلاد وتصديره عن طريق البحر الأحمر قد لا توفر لها قدراً كبيراً من الأمان كما تأمل، بحسب تقرير لوكالة Bloomberg الأمريكية.
وقد تسبب هجومان منفصلان على ناقلات النفط في مايو/أيار ويونيو/حزيران بالقرب من مضيق هرمز في ارتفاع تكاليف النقل وأسعار التأمين. تجنبت السفن التي ترفع العلم البريطاني المرور عبر المضيق بعد أن احتجز الحرس الثوري الإيراني إحداها رداً على احتجاز ناقلة النفط الإيرانية العملاقة غريس 1 قبالة سواحل جبل طارق في وقت سابق من هذا الشهر.
خيارات السعودية والإمارات
وبالتأكيد فإن منتجي النفط يدرسون خياراتهم. ولكن على عكس معظم الدول الأخرى في المنطقة، فإن السعودية لديها بالفعل بعض الخيارات الأخرى. فالسعودية والإمارات هما الدولتان الوحيدتان في الخليج العربي اللتان لهما خط ساحلي يطل على بحر آخر. في حالة السعودية، البحر الأحمر، الذي يشكل الحدود الغربية للبلاد.
ويوجد بالفعل خط أنابيب نفطي كبير ينقل الخام السعودي من حقولها النفطية في الشرق إلى الساحل الغربي. ومع القدرة على نقل خمسة ملايين برميل من النفط يومياً، يعد واحداً من أكبر خطوط النفط في العالم. وكان من المقرر أن ينمو هذا الخط أكثر بالفعل، لكن التوترات في هرمز تعني أن النمو سيصبح الآن أكبر وأسرع بكثير.
تخطط المملكة الآن لاستكمال توسيع الخط لنقل 7 ملايين برميل يومياً بحلول شهر سبتمبر/أيلول. ولكن في الفترة الأخيرة من شهر أبريل/نيسان، أظهر البيان التمهيدي لأول عملية بيع دولية للسندات من جانب شركة النفط السعودية أرامكو، المملوكة للدولة، أن تاريخ الانتهاء من عمليات التوسع كان على بعد أربع سنوات وكانت الطاقة الاستيعابية المخطط لها أصغر بمقدار نصف مليون برميل.
التوسع في أنابيب النفط
عززت أرامكو أيضاً من قدرتها التصديرية على ساحل البحر الأحمر، حيث أعادت تأهيل مرفأ المعجز النفطي في ينبع الجنوبية، بطاقة 3 ملايين برميل يومياً. كانت هذه في الأصل هي المحطة النهائية لخطوط الأنابيب النفطية العراقية في المملكة العربية السعودية، التي كانت تنقل النفط العراقي إلى البحر الأحمر حتى غزو صدام حسين للكويت في عام 1990. وقد توقف العمل على الخط وصادره السعوديون في نهاية الأمر بدلاً عن مدفوعات التعويضات المستحقة على العراق. ونظراً لأن الطاقة المفترضة للمحطة تبلغ 1.65 مليون برميل يومياً وتعمل بالتوازي مع الخط الذي يعبر المملكة من الشرق إلى الغرب، فقد تشكل الأساس لزيادة الطاقة الاستيعابية.
هل صادرات السعودية أصبحت أكثر أماناً؟
لكن هل كل هذا العمل يجعل صادرات النفط السعودي أكثر أماناً؟ ربما الإجابة هي لا.
تعرض خط الأنابيب الممتد من الشرق إلى الغرب نفسه لهجوم من طائرات بدون طيار في مايو/أيار. وقد أعلن الحوثيون مسؤوليتهم، رغم أن المسؤولين الأمريكيين اعتبروا لاحقاً أن التوغل كان مصدره العراق، حيث الدفاعات السعودية أقل قوة. ولا يمكن استبعاد تكرار مثل هذه الحوادث إذا زادت التوترات مع إيران.
ويملك الخط وفرة في السعة غير المستخدمة، حتى في ظل الوضع الراهن. ففي العام الماضي، نقل فقط 2.1 مليون برميل يومياً إلى الساحل الغربي، وكان معظمها مخصصاً للمصافي في ينبع. وليس هناك ما يشير من بيانات بلومبرغ لتتبع الناقلات إلى زيادة في الصادرات عبر البحر الأحمر مع تصاعد التوترات حول هرمز في الأشهر الأخيرة. بل إن إجمالي حصة الصادرات السعودية الخام التي يجري شحنها عبر البحر الأحمر انخفضت إلى أقل من 10٪ في الربع الثاني من العام بعد أن كانت 12٪ في الربع الأول.
أزمة مضيق باب المندب
وبحسب الوكالة الأمريكية، قد يجنب شحن النفط الخام عبر البحر الأحمر السعودية مشكلات مضيق هرمز، غير أنها ستواجه أيضاً مأزقاً عليها تجاوزه؛ وهو مضيق باب المندب، أو بوابة الدموع. يُعرف المضيق بأنه الممر البحري الضيق بين اليمن وجيبوتي، الذي يربط البحر الأحمر بالمحيط الهندي والطرق البحرية إلى آسيا. وهذه التفاصيل قد تثبت أن هذا الخيار ليس أقل خطورة من الإبحار عبر مضيق هرمز.
في العام الماضي، تعرضت ناقلات النفط السعودية للهجوم مرتين في باب المندب، مما تسبب في وقف المملكة عمليات الشحن عبر المضيق.
إذ إن تحويل المزيد من صادرات المملكة العربية السعودية من النفط الخام عبر البحر الأحمر يمكن أن يزيد من تعقيد مهمة حماية ناقلات النفط، مما يتطلب من القوات البحرية الاضطلاع بدوريات مراقبة ليس فقط على نقطة اختناق واحدة، لكن على نقطتين، وهما نقطتان تتمتع إيران، أو الميليشيات التي تدعمها، بدرجة من السيطرة عليهما.
لقد أظهرت إيران مدى سهولة مضايقة ناقلات النفط في مضيق هرمز وتعريض شحنات النفط للخطر. وقد يحاول وكلاؤها في اليمن قريباً إظهار قدراتهم على المضايقة في باب المندب، وإذا كان الأمر كذلك، فإن تدفقات النفط العالمية عبر باب المندب قد لا تكون أقل عرضة للخطر.