نحب جميعاً فصل الصيف، لكن ثمة غصة ما تكمن في أنه حار للغاية. ولا يقتصر الأمر على كونه مزعجاً من ناحية الشعور بالحر الشديد، لكن أيضاً يمكن أن تزيد فرصتك في أن ينتهي بك الأمر إلى الإصابة بالإنهاك الحراري، مع زحف درجات الحرارة إلى أعلى أيضاً.
هل لك إذاً أن تذكر الفرق بين التوق إلى الشعور الرائع المنطوي على عناق غرفة مكيفة، والتواجد في منطقة ربما تكون خطيرة إلى حدِّ إصابتك بالإنهاك الحراري؟ إليك ما يجب أن تعرفه من أجل الحفاظ على سلامتك؛ بحسب ما نصح به موقع مجلة Self الأمريكية.
ما هو الإنهاك الحراري؟
الإنهاك الحراري هو مرض له علاقة بدرجات الحرارة، ويصيبك عندما لا تتصدى له آليات التبريد المعتادة في جسمك، وذلك وفقاً لمؤسسة Mayo Clinic. ونتيجة لذلك، تصير ساخناً بدرجة كبرى، مما قد يتسبب في ضررك في النهاية لو لم تتخذ خطوات لخفض درجة الحرارة سريعاً.
تقول مؤسسة Mayo Clinic إنه للإبقاء على درجة حرارة الجسم الأساسية عند حوالي 98.6 فهرنهايت (37 درجة مئوية)، فإن الجسم يتمتع بعدة آليات مختلفة للتبريد أو التسخين عند الضرورة. وفي درجات الحرارة الشديدة، لاسيما لفترات طويلة من الزمن أو أثناء بذل مجهود، يمكن أن ينتهي الأمر بجسدك باستهلاك حرارة أكثر من التي يتخلص منها من خلال تلك الآليات.
أخبر دكتور لورنس فيليبس، وهو أستاذ في الطب وطبيب قلب في مركز NYU Langone Health مجلة SELF، بأنَّ الطريقة الأكثر وضوحاً التي يستجيب من خلالها الجسم للحرارة والجهد هي التعرق. يرطب العرق سطح الجسم ويبرده أثناء تبخره، مما يساعد على تنظيم درجة حرارة الجسم، وفقاً لما ذُكر في كتاب Merck Manual of Diagnosis and Therapy.
ويكون هذا العرق مفيداً للغاية، لكن لو أن جسمك يفرز طناً من العرق في محاولة لتبريد جسمك، يمكن عندئذ أن تُصاب بالجفاف، فهذا يعني أنك تفقد الكثير من السوائل، لدرجة أن جسمك لا يمكنه العمل بشكل طبيعي.
ثمة طريقة أخرى يبدد الجسم من خلالها الحرارة الزائدة، وتتمثل في إرسال الدم إلى ذراعيك وساقيك، حيث تكون الأوعية الدموية أقرب إلى الجلد، مما يسمح للدم أن يبرد بشكل أسرع عن وجوده في مكنونة الجسد، وفقاً لما قاله مايكل ميلين، دكتور في الطب، وأستاذ مساعد في طب الطوارئ في كلية الطب بجامعة جونز هوبكينز، لمجلة SELF. لكن المشكلة تكمن في أن هذا يعني أن هناك القليل من الدم الذي يعود إلى القلب ويُضخ منه، بحسب ما يوضح دكتور ميلين.
وبين مشكلات الجفاف وتدفق الدم، ربما تبدأ في المعاناة من أعراض الأمراض المرتبطة بالحرارة. ربما تتجاهل بعض ردود الأفعال تلك، ظناً بأنها ردود فعل طبيعية ليوم حار، لكن الكثير منها لا يحدث قطعاً في كل مرة تشعر فيها بالحرارة أكثر قليلاً من المعتاد.
بعض الأعراض تميز الإنهاك الحراري عن مجرد الشعور بالحرارة
ما يميز الإنهاك الحراري هو أن أعراضه لا تنشأ من العدم. فهو موجود بالفعل على نطاق مجموعة من الأمراض المتعلقة بالحرارة، مع ظهور التشنجات الحرارية التي تسبق ذلك. لو عالجت التشنجات الحرارية في الوقت المناسب، يمكنك تجنب الإصابة بالإنهاك الحراري تماماً، لذا يجدر بنا التطرق إلى تلك الأعراض أولاً:
- التعرق الشديد
- تشنجات العضلات
- الإعياء
- العطش
لو أُصبت بالإنهاك الحراري، يتعرَّض جسمك بشكل أساسي لتشنجات الحرارة. إضافة إلى ذلك، ربما تشعر بـ:
- بشرة باردة ورطبة مع قشعريرة رغم أن الجو حار في الخارج
- الشعور بالإغماء
- الشعور بالدوار
- شحوب البشرة
- نبضات سريعة وضعيفة
- الشعور بالدوار عند الوقوف
- الغثيان والقيء
- صداع الرأس
لو لم تعالج الإنهاك الحراري في الوقت المناسب، ربما ينتهي بك الأمر إلى الإصابة بتلك الأعراض الإضافية، التي قد تشير إلى الإصابة بضربة شمس:
- بشرة ملتهبة يمكن أن تكون رطبة أو جافة
- التشوش، واللعثمة، أو غيرها من علامات إجهاد الصحة العقلية
- درجة حرارة تزيد عن 104 فهرنهايت (40 درجة مئوية)
يمكن لضربة الشمس أن تكون خطراً على الحياة، لذا من الواضح أنه من الأفضل تجنب أن تطأ بقدميك على طريق الأمراض المرتبطة بالحرارة. وبدلاً من الانغماس في التفكير في الفروق التي لا طائل منها والمتجلية في سؤال "هل أشعر بمجرد السخونة أم أن هناك شيئاً آخر يحدث؟"، لا بد من التركيز على مراقبة الأعراض. وهذا بدوره ينقلنا إلى النقطة التالية.
ماذا تفعل لو شككت في أنك مصاب بالإنهاك الحراري؟
الخبر السار هو أنه يمكنك غالباً العناية بتشنجات الحرارة، أو الإنهاك الحراري، أو مجرد الشعور بالسخونة الشديدة عن طريق التواجد في مكان أكثر برودة أو يوفر الرطوبة.
ربما تميل لشرب طن من الماء بأسرع ما يمكن، لكن تذكر أن محاربة الجفاف تعني أيضاً تجديد الإلكتروليت الذي تفقده بسبب التعرق، وفقاً لدكتور ميلين. وتساعد تلك الأملاح، بصورة أساسية الصوديوم والبوتاسيوم، والكالسيوم، والكلورين، والماغنسيوم، والفوسفات، على التأكد من أن أعصابك وعضلاتك وقلبك وعقلك جميعها يعمل بالطريقة التي ينبغي لها أن تعمل بها.
وفقاً للمكتبة الوطنية الأمريكية للطب. لأن الإلكتروليت الأساسي الذي تفقده عن طريق التعرق يكون الصوديوم، عليه فإن تناول وجبة خفيفة مالحة مع شرب المياه من شأنه أن يساعد في تعويض ما فقدته، وفقاً لما نشرته مجلة SELF سابقاً.
بالطبع، هناك أيضاً خيار رفض المشروبات الرياضية. فتناول مثل تلك المشروبات بشكل منتظم قد لا يكون مثالياً، نظراً لكونها مشروبات سكرية (مع أن هذا يعتمد حقاً على عاداتك الغذائية بوجه عام)، لكن لو كانت هي المتاحة لديك عندما تشعر بالحرارة الشديدة، فإن المشروبات الرياضية هي أكثر من جيدة في تلك الحالة، وفقاً لما يقول دكتور فيليبس.
بإمكانك أيضاً خفض حرارة جسدك عن طريق وضع مياه على بشرتك. ويفضل عمل ذلك في مكان ما بعيداً عن الشمس، كأن تنتقل إلى الداخل، وتبلل بشرتك، ومن ثم تجلس أمام المروحة. يقول دكتور ميلين إن هذا من شأنه أن يحاكي ردة فعل الجسم ضد التعرق، المتمثلة في تبريد الجسم. لو كنت تشعر بالسخونة حقاً ولا يمكنك الذهاب إلى مكان أكثر برودة، حاول حماية نفسك دون تعريض نفسك لمزيد من الحرارة بالجلوس أسفل مظلة، ولف نفسك بمنشفة مبللة.
لو لم تشعر بالتحسن بعد مرور ساعة، أو أن الأعراض صارت تتدهور، توصي Mayo Clinic بالسعي إلى الحصول على العناية الطبية على الفور. ويقول دكتور ميلين، إنه يجب عليك أن تفعل الشيء ذاته لو لم تتمكن من ترطيب جسمك نتيجة القيء، أو تشعر بأنه سيغشى عليك، أو بالفعل تغيب عن الوعي.
كيفية تجنب الإنهاك الحراري
ربما استوعبت الآن أن الترطيب الجيد هو بمثابة هجوم وقائي أساسي ضد الإنهاك الحراري (وجدياً، لو كنت ستتعرض للحرارة، اشرب الكثير من الماء!)، لكن ثمة أشياء أخرى بإمكانك فعلها أيضاً:
بالنسبة لشخص يقضي عطلة نهاية الأسبوع في تناول المارغريتا على الشاطئ، أعلم أن ذلك ليس الاقتراح الأكثر تحفيزاً على الإطلاق، لكن وفقاً لدكتور فيليبس، فالكحول والحرارة لا يجتمعان.
إذ يمكن أن يتسبب الكحول في الجفاف، الأمر الذي نعرف بالفعل أنه يمكن أن يساهم في الأمراض المرتبطة بالحرارة. كذلك قد يقلل من إدراكك لأعراض مرض مثل الإنهاك الحراري. لأنك تدرك ما يتسبب لك في شعور الدوار أو الغثيان أو الاحمرار أو الإعياء؟ نعم صحيح إنه شرب الكحول.
لا أقول إنه لا يمكنك شرب الكحوليات في الحرارة، لكن إن كنت مقدماً على ذلك، تأكد من اتخاذ الاحتياطات الصحيحة، مثل الحفاظ على تساوي نسبة الكحول إلى نسبة المياه، وتناول ما يكفي من الطعام، وربما تناول المشروبات التي تحتوي على كميات أقل من الكحول مثل البيرة والكوكتيلات الممزوجة بالصودا مع الكحول.
خطط مسبقاً
يقول الدكتور ميلين إن الأشخاص غير المعتادين على الحرارة الشديدة أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المتعلقة بالحرارة. والمثال لو أنك في إجازة في مكان أكثر حرارة من مكان منزلك وانتقلت إلى درجة حرارة عالية حد الخطورة. امنح نفسك وقتاً فقط للتأقلم.
مثال آخر حيث يمكنك التخطيط مسبقاً: لو كنت تعرف أنك ستقضي الكثير من الوقت في ممارسة التمرينات في الخارج هذا الصيف. إن كان الأمر كذلك، ربما عليك التفكير في تناول بعض الأقراص أو مسحوق إعادة الإماهة عبر الفم في حالة الطوارئ. يمكنك مزجه بالماء للحصول على الإلكتروليتات التي تحتاجها، وبعض الأشخاص يجدون أنه من الأسهل تناوله بشكل عادي أو يفضلونه على الوجبات الخفيفة المالحة أو المشروبات السكرية.
احمِ نفسك ضد حروق الشمس
لو أصبت بحروق الشمس، فأنت أكثر عرضة للإصابة بالإنهاك الحراري. فحروق الشمس نفسها هي أحد أشكال أمراض الحرارة، وتؤثر على قدرة جسمك على خفض درجة حرارته. تقترح مؤسسة Mayo Clinic ارتداء قبعة عريضة ونظارات شمس واستخدام واقي شمس يحمي ضد طيف واسع من الأشعة، مع عامل حماية يصل إلى 15 على الأقل في الخارج. ولا تنس وضعه حسب التعليمات.
ضع خطة لأيام سيئة إضافية.
لو ضربت موجة حر الأفق وأنت تعيش في مكان حيث لا يوجد مكيف هواء، ابحث عن مكان ربما تتمكن من قضاء ما يحلو لك من الوقت فيه. وفي تلك الحالة تكون المكتبات ومراكز التسوق خياراً رائعاً.
تحدَّث إلى طبيبك لو كنت تتناول أدوية معينة.
وفقاً لعيادة Mayo Clinic، يمكن لأدوية معينة أن تنال من قدرة جسمك على أن يبقى رطباً، مثل مدرات البول ومضادات الهستامين ومضادات الاكتئاب. لو كنت تتناول دواءً تظن أنه قد يؤثر على احتمالات بقاء جسمك بارداً في الحرارة، تحدث إلى طبيبك للحصول على بعض النصائح حول كيفية التعامل مع الأمر.