تشكيل قوة بحرية لحماية الملاحة في مضيق هرمز .. حل سحري أم شرارة حرب؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/07/24 الساعة 11:28 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/07/24 الساعة 12:42 بتوقيت غرينتش
صورة لقطعة بحرية تابعة للبحرية البريطانية/ رويترز

تزايدت في الآونة الأخيرة دعوات تشكيل قوة بحرية دولية لضمان حرية الملاحة في مياه الخليج ومضيق هرمز وبحر عمان بعد تكرار تعرض السفن وناقلات النفط لحوادث التخريب ووصول التهديدات الإيرانية ذروتها باحتجاز ناقلة نفط بريطانية، فما هي إمكانية تشكيل مثل تلك القوة بشكل واقعي؟ وهل تنجح بالفعل في توفير حرية الملاحة؟

الفكرة بدأت أمريكية منذ نحو شهر على لسان الرئيس دونالد ترامب، الذي أعلن أن بلاده لن تتحمل وحدها عبء تأمين الملاحة في الخليج ومضيق هرمز، وأنه على الدول الأوروبية والآسيوية المستفيدة من ذلك الطريق الملاحي أن "تدفع مقابل حماية سفنها وناقلاتها" .

ترامب قال أن على بريطانيا أن تحمي ناقلاتها بنفسها \رويترز

يمر نحو ثلث النفط العالمي من مضيق هرمز يومياً، نصيب الولايات المتحدة منه – بحسب ترامب – يكاد يكون صفراً بعد أن وصلت واشنطن إلى الاكتفاء الذاتي من إنتاج الطاقة، وبالتالي يجب على الدول المستفيدة أن تشارك في حماية مصالحها، أو أن تدفع مقابل تلك الحماية.

الخطة الأمريكية التي تسمى "الحارس" تشمل تشكيل قوة بحرية تشارك فيها الدول الأوروبية الكبرى التي تمتلك أساطيل بحرية قوية مثل هولندا واليونان وبريطانيا وغيرها، إضافة للقوى الآسيوية التي تعتمد على نفط الخليج مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية والهند، على أن تقوم المملكة العربية السعودية وباقي دول الخليج المنتجة للنفط بتقديم الأموال اللازمة لتمويل القوة، بحسب مصادر لصحيفة وول ستريت جورنال.

وفي هذا السياق، أكد مسؤول سعودي للصحيفة أن بلاده ودولاً خليجية أخرى منفتحة على فكرة تمويل حماية أمريكية بحرية لناقلاتها في الخليج.

وقد وافقت كل من بريطانيا وهولندا والهند، بحسب التقارير، على المقترح الأمريكي، وأرسلت بريطانيا والهند بالفعل سفناً حربية إلى مياه الخليج، فيما رفضت دول أخرى بينها فرنسا وإسبانيا المشاركة في المقترح؛ لأنها تريد تجنب التصعيد مع إيران.

مقترح بريطاني

بعد أن قامت إيران باحتجاز الناقلة البريطانية ستيني أمبيرو، وجه وزير الخارجية جيريمي هانت الدعوة لباقي الدول الأوروبية للمشاركة في قوة بحرية لمراقبة حركة الملاحة في مضيق هرمز، بعيداً عن المقترح الأمريكي، ورغم التناقض في الموقف (بريطانيا تسعى جاهدة للخروج من الاتحاد الأوروبي والآن تطلب التعاون)، إلا أن ردود الفعل الأوروبية جاءت إيجابية.

ما هي معوقات التنفيذ؟

فكرة تشكيل قوة لمراقبة مياه مضيق هرمز تبدو من الناحية النظرية ممكنة التنفيذ، لكن الواقع العملي يفرض عدداً من التحديات لا يبدو أنه لدى أصحاب المقترح إجابات شافية عنها.

ناقلات نفط في مضيق هرمز

من ناحية الوقت الذي قد يستغرقه تشكيل القوة البحرية، يرى الخبراء أنها تحتاج لأربعة أشهر على الأقل كي تصبح موجودة وعاملة بالفعل في المنطقة، وهذا يعني أن الوضع الحالي مستمر حتى ذلك الوقت، وهو ما يراه الجميع أمراً خطيراً ومكلفاً ولا يمكن استمراره كل هذا الوقت.

على سبيل المثال، زادت تكلفة التأمين على ناقلات النفط التي تمر من مضيق هرمز بصورة مقلقة، حيث وصلت لنصف مليون دولار للناقلة وهو ما سيترجم بالقطع في ارتفاع أسعار النفط.

إيران ترفض وتهدد

ما يزيد من صعوبة تشكيل تلك القوة هو الرفض الإيراني المعلن وإصرار إيران على أن أي وجود عسكري أجنبي في مياه مضيق هرمز (التي تعتبرها طهران بالكامل مياهاً إقليمية) سيكون عامل اضطراب وليس عنصر استقرار.

إطلاق صواريخ متوسطة المدى جديدة من سفينة حربية إيرانية قرب مضيق هرمز
إطلاق صواريخ متوسطة المدى جديدة من سفينة حربية إيرانية قرب مضيق هرمز/ رويترز

التصريحات أو بالأحرى التهديدات الإيرانية لا يمكن تجاهلها قياساً على سلوك إيران منذ احتدام الأزمة بينها وبين الولايات المتحدة قبل نحو ثلاثة أشهر، وبالتحديد مسألة احتجاز ناقلة النفط البريطانية ما يعني أن طهران غير مستعدة للتراجع عن أي تهديد تطلقه.

تأكيدات إيران اليوم الأربعاء 24 يوليو/تموز أنها لن تتوقف عن تصدير نفطها "مهما كانت الظروف" وأنها دولة مصدرة للنفط، يعني أنها لن تسمح لخطوة كإنشاء قوة مراقبة بحرية تتم وتصبح فاعلة دون اتخاذ المزيد من خطوات التصعيد التي قد تشعل الحرب التي لا يريدها أحد.

إشكاليات تنفيذ المقترح الأمريكي

إذا كانت هناك صعوبات تواجه المقترح البريطاني أبرزها عامل الوقت، فإن الخطة الأمريكية "الحارس" والتي ربما لا تواجه مشكلة الوقت، فالتواجد الأمريكي العسكري البحري في المنطقة مكثف بالفعل، والأسطول الخامس متمركز في البحرين وانضمت له حاملة طائرات، وزاد عدد الجنود والبحارة في الأشهر الأخيرة.

تكثيف الوجود العسكري في مضيق هرمز ينذر بالخطر

لكن الحوادث التي شهدتها المنطقة في الأسابيع الأخيرة، وأبرزها إسقاط إيران لطائرة استطلاع أمريكية والتي كادت أن تمثل شرارة الحرب لولا تراجع ترامب عن الرد العسكري قبل عشر دقائق فقط من التنفيذ، يعني أن الغرض من تشكيل "الحارس" وهو حماية حرية الملاحة في مضيق هرمز ربما يتحول للسبب المباشر في اندلاع شرارة الحرب، مع وجود القوارب الحربية الخاصة بالحرس الثوري الإيراني والسفن الحربية الإيرانية في حالة تأهب.

الحديث عن تولي أحد الحلفاء لواشنطن قيادة القوة البحرية المقترحة ربما يمثل خطوة لتقليل فرص التصعيد العسكري، لكنه بالقطع لن يكون كافياً، حيث إن المنتظر أن تمثل البحرية الأمريكية العنصر الأبرز داخل قوة المراقبة البحرية المقترحة.

تحميل المزيد