حسبما قالت صحيفة The Guardian البريطانية، فإنه من المقرر أن يلتقي رئيس وزراء باكستان عمران خان مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الإثنين 22 يوليو/تموز 2019، في أول زيارة له لواشنطن، حيث قَدِم رئيس الوزراء الباكستاني ساعياً لإصلاح العلاقات الغارقة في انعدام الثقة بين الجانبين، واستعادة الدعم المالي الذي قطعه ترامب.
عمران خان يحاول استعادة العلاقات مع واشنطن في أول زيارة له
وقالت صحيفة "الغارديان" البريطانية إن الولايات المتحدة الأمريكية علَّقت معظم مساعداتها العسكرية، التي تقدَّر بـ300 مليون دولار، بعد أن اتهم ترامب باكستان بأنها لم تبذل جهوداً كافية لمكافحة التطرف.
"خان" يسعى أيضاً إلى إخراج بلاده من قائمة عقوبات "مجموعة العمل المالي"، التي أُدرجت بها لاعتبارها غير متعاونة في مكافحة غسل الأموال، وهي قائمة قدَّر بعض المحللين أنها تكلف الاقتصاد الباكستاني نحو 10 مليارات دولار.
ووضعت الولايات المتحدة باكستان على قائمة المراقبة، لعدم حمايتها للأقليات الدينية.
وقال مانوج جوشي، من مؤسسة "Observer Research Foundation" وهي مؤسسة بحثية في دلهي: "يجب على الحكومة الباكستانية إعادة علاقاتها مع الولايات المتحدة إلى مسارها الصحيح. لقد أوقفت الولايات المتحدة المساعدات العسكرية لباكستان، ولذا فالحكومة بحاجة إلى استعادة ذلك، وبالطبع تريد أيضاً تخفيف ضغط مجموعة العمل المالي، وهو أمر مهم للغاية، لأنه إذا لم تختفِ كل هذه الضغوط، فسيصبح الوضع الاقتصادي في مهب الريح".
وعندما يلتقيان، الإثنين 22 يوليو/تموز، سيتعين على ترامب و "خان" أولاً أن يغضا الطرف عن سجلٍّ حافل بالعداء المتبادل على وسائل التواصل الاجتماعي. فقد وصف الرئيس الأمريكي باكستان ذات مرة بأنها "مجرد دولة ضمن كثير من الدول التي تأخذ من الولايات المتحدة دون أن تقدم لها أي شيء في المقابل".
ليردَّ عليه "خان" على موقع "تويتر"، قائلاً: "بدلاً من جعل باكستان كبش فداء لفشلها، ينبغي للولايات المتحدة إجراء تقييم حقيقي للوضع، فرغم وجود 140 ألفاً من قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إضافة إلى 250 ألفاً من القوات الأفغانية وما أوردته التقارير من إنفاق تريليون دولار أمريكي على الحرب في أفغانستان- فإن (طالبان) أصبحت اليوم أقوى من ذي قبل".
ومن المتوقع أن يتضمن لقاء عمران خان وترامب ملف الجماعات المسلحة
ومن المتوقع أن يناقش رئيس الوزراء الباكستاني في واشنطن، دعم إسلام آباد للمحادثات الأمريكية مع طالبان، واعتقال حافظ سعيد، مؤسس الجماعة الإرهابية المسؤولة عن هجمات 2008 في مومباي، كدليل على حسن نواياها في مكافحة التطرف، والسعي لتخفيف الضغوط الاقتصادية الخانقة التي فرضتها واشنطن.
وقال جوشي: "لحسن الحظ أن أُلقي القبض عليه في وقت تبرز فيه أزمة باكستان مع مجموعة العمل المالي، وفي الوقت الذي يزور فيه رئيس الوزراء الباكستاني واشنطن".
لكن المسؤولين الأمريكيين شككوا في أمر اعتقال سعيد، مشيرين إلى أنه قد اعتُقل 7 مرات منذ عام 2001، حسبما يحلو لإسلام آباد سياسياً. وقال مسؤول أمريكي: "لهذا السبب نحن منتبهون هذه المرة إلى أمر اعتقاله. فقد أُطلق سراحه قبل ذلك، ثم اعتُقل وأُطلق سراحه مرة أخرى".
ورغم أن تأثير "خان" سيكون محدوداً، فإن حسن نوايا باكستان يعد أمراً ضرورياً إذا انتُزعت التنازلات من طالبان. كما يمكنه اللعب على وتر مخاوف الولايات المتحدة من انجراف بلاده إلى دائرة نفوذ الصين.
وقال أحد المسؤولين البارزين في الإدارة الأمريكية: "إن الغرض من الزيارة هو الضغط من أجل تعاون ملموس من باكستان، لدفع عملية السلام في أفغانستان وتشجيع باكستان على تعميق ودعم جهودها الأخيرة للقضاء على المسلحين والإرهابيين داخل أراضيها".
وأضاف: "نريد أيضاً إيصال رسالة إلى باكستان، مفادها أن الباب مفتوح لإصلاح العلاقات وبناء شراكة مستمرة إذا غيَّرت باكستان سياساتها تجاه الإرهابيين والمسلحين".
بالإضافة إلى ملف انسحاب قوات أمريكا من أفغانستان
وبالنظر إلى قوة الجيش الباكستاني ومرافقة قائد الجيش قمر جاويد باجوا لرئيس الوزراء الباكستاني في زيارته، قالت عائشة صديق، الكاتبة والمحللة السياسية: "الحوار الحقيقي سيبدأ" بين ترامب وقيادة الجيش الباكستاني بعد مغادرة "خان".
وأضافت: "من الواضح أن أفغانستان ستكون على رأس جدول الأعمال، إذ يدرك الوفد الباكستاني الزائر، الذي يتضمن قائد الجيش باجوا، أنه يتعين عليه التعاون مع واشنطن لضمان انسحاب هادئ للقوات الأمريكية من أفغانستان، في حين يحتاج (فريق ترامب) إلى الوفاء بوعده في أي فرصة خلال الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها عام 2020. وتكون هذه بالتأكيد هي الضرورة الأساسية لحث الأمريكيين على إعادة تقديم المساعدات العسكرية لباكستان".
وفي ظل تدهور العلاقات بين باكستان والولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة، تَشَكَّل مفهوم سائد لدى الحكومة الباكستانية، يتمثل في ضرورة أن تخفف البلاد من اعتمادها على الولايات المتحدة مع تزايد نفوذ الصين في المنطقة.
ويبدو أن سلسلة تغريدات ترامب العنصرية، خلال الأيام الماضية، ستسهم في زيادة تدهور سمعة ترامب السيئة بالفعل في باكستان، باعتباره معادياً للإسلام. فقد أعاد وزير في الحكومة الباكستانية، مؤخراً، نشر مقالة بمجلة New Yorker الأمريكية بعنوان "عنصري في البيت الأبيض"، قائلاً: "عندما تصبح العنصرية والتعصب قواعد سياسية مقبولة في الديمقراطيات". ولكن الوزير سرعان ما حذف هذه التغريدة.