قال مسؤولون أمريكيون إن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أرسلت قوّات قوامها مئات الجنود إلى المملكة العربية السعودية في إطار جهود مواجهة تهديدات إيران وحلفائها، وهو ما يُعدّ عودة للولايات المتّحدة إلى المملكة بعد انسحابها من البلاد في عام 2003.
وقال مسؤولون وخبراء لصحيفة Wall Street Journal الأمريكية إن القوات الأمريكية ستتمركز في قاعدة الأمير سلطان الجوية، التي أُغلِقت في وجه الجيش الأمريكي منذ سقوط بغداد في أعقاب غزو الولايات المتحدة للعراق.
وتأتي تلك الخطوة في خضمّ المواجهة بين إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والكونغرس بشأن بيع الأسلحة الأمريكية للسعودية ودول الخليج، إلى جانب دعم الولايات المتحدة لجهود الحرب التي تقودها السعودية في اليمن. كما أنّها تمثّل دليلاً جديداً على اهتمام واشنطن الاستراتيجي بالرياض.
وقال مسؤولون إن الجيش بدأ بالفعل في نشر أكثر من 500 جندي من أفراد القوات الأمريكية في قاعدة الأمير سلطان الجوية، التي تبعد نحو 150 كيلومتراً جنوب غرب الرياض. ولم يرد مسؤولون سعوديون على طلبات صحيفة Wall Street Journal الأمريكية للتعليق على الأمر. وامتنع مسؤولون من القيادة المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط عن التعليق على الأمر.
لماذا جاءت أمريكا بقواتها؟
تأتي عملية نشر القوات بعدما قالت إيران إنها احتجزت ناقلة نفط في المنطقة، وقالت الولايات المتحدة الأمريكية، يوم الخميس 18 يوليو/تموز 2019، إنها أسقطت طائرة بدون طيار إيرانية اقتربت من سفينة حربية أمريكية.
وقال مسؤولون أمريكيون إن إيران استهدفت ما لا يقل عن ست سفن تجارية في مضيق هرمز في الأشهر الأخيرة، مما شجّع على نشر قوات إضافية في المنطقة. ونقلت شبكة CNN الإخبارية الأمريكية خبر نشر القوات الأمريكية يوم الأربعاء 17 يوليو/تموز 2019.
ويقول خبراء إن عملية نشر القوات الأمريكية تشير إلى اعترافٍ بأنه على الرغم من معارضة الكونغرس لتسليح السعودية بسبب الحرب في اليمن والقتل الوحشي الذي طال الصحفي السعودي جمال خاشقجي على يد فريق من الرياض العام الماضي، لا يزال الجيش الأمريكي يرى المملكة بالغة الأهميّة لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة، وأن الرياض تظل في حاجة إلى الولايات المتحدة.
تاريخ القوات الأمريكية في الخليج
وقد استخدمّت القوات قاعدة الأمير سلطان الجوية، التي يشار إليها بالأحرف الأولى PSAB في أوساط الجيش، مقراً للقيادة المركزية للعمليات القتالية الجوية في حرب الخليج عام 1991، وخلال غزو العراق عام 2003. لكن في أعقاب الغزو، اختار المسؤولون الأمريكيون سريعاً نقل القيادة من السعودية إلى قطر، بسبب التضيقات التي فُرِضت على الولايات المتحدة في الرياض، التي كانت تتعرّض أيضاً لضغوط سياسية داخلية بسبب وجود القوات العسكرية الأمريكية.
وبِناءً على تقييمات استخباراتية في أبريل/نيسان أشارت إلى أن إيران حمّلت صواريخ على قوارب صغيرة، فضلاً عن أدلة أخرى لم تشاركها الولايات المتحدة علناً، طلب رئيس القيادة المركزية الأمريكية فرانك ماكنزي إرسال المزيد من الجند والمعدات العسكرية إلى الشرق الأوسط.
وتضمّن ذلك الإسراع بنشر حاملة الطائرات، يو إس إس أبراهام لينكولن، ونشر قاذفات من طراز B-52 في قاعدة العديد الجوية في قطر، وإرسال قوات إضافية إلى المنطقة.
بعد التخلي عن المنطقة واشنطن تقيم موقفها
تُعتبر هذه التحركات تغييراً مهمّاً بالنسبة للولايات المتحدة على مدار العامين الماضيين، إذ كان واضعو الخطط العسكرية يركزون على التهديدات المحتملة التي قد تمس بالولايات المتحدة من الصين وروسيا، وتجاهل البنتاغون مواجهة التمرّد في العراق وسوريا وأفغانستان.
تقلّصت أعمال القيادة المركزية الأمريكية، التي احتكرت كثيراً من موارد الجيش على مر السنين أثناء خوضها لتلك النزاعات، في السنوات الأخيرة للسماح للجيش بالتركيز على أولويات أخرى. وخفّضت السلطات عمليات نشر حاملات الطائرات، التي اعتادت الوجود دائماً في المنطقة في مرحلة ما، وأُعيد نشر القوات خارج منطقة الشرق الأوسط. وفي العام الماضي، سحب البنتاغون أربعة أنظمة صواريخ من طراز بطاريات باتريوت من المنطقة.
لكن المسؤولين العسكريين يقولون إنه مع ظهور إيران كتهديد، دفع الجنرال ماكنزي وغيره لاستعادة فعالية القوات الأمريكية في المنطقة. وبحسب مسؤولين عسكريين، فعلى مدار الأشهر القليلة الماضية، استهدف فيلق الحرس الجمهوري الإيراني، وهو جناح النخبة في الجيش الإيراني، عدداً من السفن التجارية في المنطقة بالصواريخ والألغام المغناطيسية وغيرها من الأسلحة.