تصريحات مثيرة أدلى بها رئيس حركة البلوش القومية، خليل بلوش، اعتبر فيها الهجمات العسكرية الأخيرة على أهداف إيرانية وصينية وباكستانية هجمات مشروعة، لكن الأمر الأكثر إثارة، هو أن صحيفة سعودية نشرت ما قاله الزعيم بلوش.
يرى موقع Lobelog الأمريكي أن حديث بلوش لصحيفة Riyadh Daily، وهي النسخة الإنجليزية لصحيفة الرياض السعودية الحكومية، يحمل إشارة أخرى إلى الدعم السعودي الضمني للمسلحين في بلوشستان، وهي إقليم باكستاني مضطرب على حدود إيران، ويعد جوهرة التاج في مبادرة الحزام والطريق الصينية للبنية التحتية والطاقة.
اهتمام سعودي بالتصريحات التي تصدر من حركة البلوش القومية
وقد أجرت صحيفة Riyadh Daily المقابلة مع بلوش على خلفية التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة وإيران، والتي يخشى الكثيرون من أنها قد تتصاعد إلى صراع عسكري.
وجاءت هذه المقابلة في أعقاب ما نشره مركز أبحاث مقره الرياض وتربطه علاقات بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، عام 2017، دعا فيها قائد قومي بلوشي، إلى دعم التمرد في المقاطعة الإيرانية التي يقطنها البلوش والمتاخمة لباكستان، وهي موطن ميناء تشابهار الذي تدعمه الهند على بحر العرب.
ويتجاور هذا الإقليم أيضاً مع المسلحين الباكستانيين المعادين للشيعة والمعادين لإيران والذين يديرون المدارس الدينية على طول الحدود الإيرانية الباكستانية والذين قيل إنَّ التمويل السعودي لهم قد ازداد.
ويعتقد أنَّ هذه الأموال تأتي جزئياً من المواطنين السعوديين من أصحاب الأصول البلوشية، لكنَّ المسلحين يشيرون إلى أنَّ هذا التمويل يحظى على الأقل بموافقة حكومية ضمنية.
دعم سعودي لحركة البلوش القومية يشير لممارستها حرباً بالوكالة ضد إيران
كانت بلوشستان قد شهدت هجمات متعددة على أقلية الهزارة الشيعية، وشهدت في شهر مايو/أيار هجوماً على فندق فخم ذي تأمين عال يتردد عليه المواطنون الصينيون في ميناء غوادار الذي تدعمه الصين، كما شن مسلحون هجوماً على موكب من المهندسين الصينيين وكذلك القنصلية الصينية في كراتشي.
وقتل المسلحون 14 شخصاً في شهر أبريل/نيسان في هجوم على موكب للحرس الثوري الإيراني وفجروا سيارة مفخخة في شهر ديسمبر/كانون الأول في بلدة تشابهار.
ويشتبه أيضاً في دعم السعودية لمنظمة مجاهدي خلق، وهي مجموعة إيرانية مثيرة للجدل في المنفى تسعى إلى إسقاط النظام الإيراني وتحظى بدعم سياسيين غربيين كبار ومسؤولين سابقين فضلاً عن مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون قبل تعيينه [في منصبه الحالي]، ورئيس جهاز الاستخبارات العامة السعودية تركي الفيصل.
وفي الوقت الراهن، من المرجح أن يكون الدعم السعودي الضمني للمقاتلين البلوش متعلقاً بوضع قدم لها في تلك المنطقة أكثر من كونه قراراً حازماً بشن حرب بالوكالة منخفضة الشدة.
وقال بلوش: "هذا التصعيد الأخير في هجمات المسلحين رد فعل مباشر على الفظائع المتزايدة للجيش الباكستاني في بلوشستان والنهب الصيني المتواصل لموارد البلوش".
وشدد بلوش على أنَّ الجزء الباكستاني من بلوشستان تحتله باكستان منذ عام 1948،
وأصر على أنَّ "الأمة البلوشية تقاوم هذا الانضمام القسري، وهذا التمرد استمرار لذلك".
وقد أدى الدعم السعودي المزعوم المصحوب بخطط لاستثمار سعودي بقيمة 10 مليارات دولار في مصفاة في غوادار ومنجم في بلوشستان إلى إثارة نقاش في بكين حول جدوى الحصة الصينية [في الميناء] التي تزيد قيمتها عن 45 مليار دولار في [ضوء] أمن واستقرار المنطقة.
ومما يعقد الوضع على الحدود الإيرانية حقيقة أنه كما هو الحال في مياه الخليج، حيث تتواجه القطع البحرية قبالة بعضها، فإنَّ تصاعد الموقف وخروجه عن السيطرة لا يتطلب الكثير. وهذا هو الحال بشكل خاص مع تحول التكتيكات الإيرانية من الصبر الاستراتيجي إلى الرد على التصعيد المتصور بتصعيد من جانبها.
وعلاوة على ذلك، فإنَّ إيران كانت تستعد لحرب سرية محتملة، قد تشنها السعودية وتشجعها الولايات المتحدة من خلال دعمها لجماعات عرقية متمردة، فضلاً عن احتمالية مواجهة عسكرية مباشرة مع واشنطن، من خلال بناء شبكة من المنشآت العسكرية السرية على طول حدودها مع باكستان والعراق وذلك بحسب سيد محمد مرندي، وهو أكاديمي إيراني كثيراً ما يدافع عن موقف حكومة طهران في وسائل الإعلام الدولية.
وأصدرت إيران مؤخراً مقطع فيديو يظهر غرفة محصنة تحت الأرض تضم ترسانتها من الصواريخ.
وفي زيادة إضافية للتوتر، هاجم الحرس الثوري الإيراني يوم الجمعة مجموعات إيرانية مسلحة في إقليم كردستان العراق بطائرات من دون طيار وصواريخ. وقصفت المدفعية الإيرانية بشكل منفصل قرى في منطقة لا تسكنها فحسب الجماعات الكردية المسلحة المناهضة لإيران وتركيا، وإنما يقطنها المهربون أيضاً.
وجاءت هذه الضربات في أعقاب مقتل 3 من الحرس الثوري الإيراني. ونفى متحدث رسمي باسم الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني مسؤولية الحزب عن مقتل أولئك الجنود.
خلاف بين واشنطن وحلفائها على الهدف النهائي للتصعيد مع إيران
ويعزز خطر التصعيد حقيقة أنه بينما تتفق الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل على مبدأ الضغوط القصوى، فإنهم لا يتفقون بالضرورة حول الهدف النهائي لذلك.
فبينما يبدو أنَّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يريد إجبار إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات، يُعتقد أنَّ إسرائيل وبولتون يؤيدان محاولة تغيير النظام متجاهلين الخطر من أنَّ ذلك الجهد ربما يتمخض عن حكومة أقل قبولاً بالنسبة لهم.
وسوف تناسب هذه النتيجة السعودية التي لا تريد أن ترى ظهور نظام يحظى بقبول الدول الغربية ويُسمح له بالعودة إلى الحظيرة الدولية حراً من العقوبات.
ومن شأن هذه الحكومة المقبولة أن تحول إيران إلى قوة شرق أوسطية ذات ميزة تنافسية على السعودية وتعقد من طموح المملكة في أن تصبح لاعباً أساسياً في مجال الغاز الطبيعي والحفاظ على دورها القيادي الإقليمي.
وحذر الصحافي محمد أكبر نوتيزاي، عندما كتب في التقرير الأمني لباكستان لعام 2018: "كلما انزلقت باكستان في المدار السعودي، ازدادت علاقاتها مع إيران سوءاً.. إذا ظلت حدودهم مضطربة، فيمكن لأي شخص أن يصطاد في المياه العكرة".