سألت نفسي لماذا تشعر بهذا الغضب الشديد من وفد الفنانين المصريين إلى روسيا؟ فإنك ان اتفقت معهم أو اختلفت، فحقهم أن يشجعوا منتخب بلادهم، ربما لأنهم أثروا على تركيز اللاعبين؟
لكن هذا الكلام ليس منطقياً، لأن اللاعبين معزولون تماماً في طابق كامل بمفردهم، وفي كل الأحوال فإن الفندق مليء بالنزلاء، فلن يكون الفرق كبيراً إن كانوا فنانين أو جمهوراً عادياً.
قلت لنفسي ربما لأنهم سافروا وأقاموا في هذا الفندق بأموالنا نحن الشعب المصري؟
لكن أيضاً هذا ليس سبباً كافياً لأن خيرات بلادنا مسروقة من زمان والأمر لم يتوقف عليهم!
وعندما فكرت بهدوء، وجدت أن سبب حنقي وغضبي هو أن هؤلاء الناس يسرقوننا منذ زمن طويل، يسرقون حلمنا وشغفنا كما سرقوا كل شيء جميل في حياتنا قبل ذلك.
لن أنسى أبداً يوم 11 فبراير عندما كانت كل القنوات الفضائية المصرية تستضيف نفس هذه الأشكال والشخصيات وهم يهنئون بعضهم البعض ويباركون لنجاح ثورة 25 يناير، وكأنهم هم صنعوها!
أي لقطة جميلة وبها شو إعلامي ظريف لصالحهم، تجد هذه النخبة يقفزون فيها ويحشرون أنفسهم ليسرقوها من أصحابها.
ربما نحن كشعب مصري نحب كرة القدم كثيراً، لأننا نشعر أن هذه اللعبة تنتمي للبسطاء أمثالنا، وهي الشيء الوحيد الذي يُسعدنا ويُمتعنا بعيداً عن القهر المجتمعي الذي نعيش فيه.
لذلك فإن الغصة التي شعرنا بها من صور هؤلاء الممثليين والنواب والإعلاميين سببها أن الفئة التي لها دور كبير في القهر الذي نعيشه، لم يكفها ذلك وحسب، بل سافرت هناك لتسرق لحظة الفرح التي ننتظرها لنعيشها.
هذه الأشكال والشخصيات لم يضعوا أقدامهم في شيء إلا وخربوه بالمعنى الحرفي، وجوه عكرة وابتسامات لزجة مصطنعة وبوتكس "طافح" من الصور.
في كأس القارات عام 2009، بعدما هزمنا البرازيل وإيطاليا وكنا وقتها سنُلاعب أميركا أيضاً لنهزمها ونصعد، نفس هذه الشخصيات أحبت أن تقتحم المشهد و"تركبه"، وسافروا في طيارتين محملتين فنانين إلى جوهانسبرج، وكان الأمر وقتها في منتهى السخرية، الفندق كان ممتلئاً عن آخره وفي منتهى الفوضى، وفازت علينا أميركا بثلاثة أهداف، وقبل المباراة بيوم، ظهرت إشاعات أن رامز جلال كان معه بنات يبيتون في غرفته، وبعد الهزيمة واحد من هؤلاء الفنانين نشر إشاعة أن رامز كان معه أيضاً بعض لاعبي المنتخب المصري، وبعد المباراة خرج علينا عمرو أديب في شاشة التلفزيون يصرخ ويسب حسن شحاته ويلمح بكلام إباحي بذيء!
وقتها أحمد حسن وأبو تريكة أحدثوا مشكلة كبيرة جداً لم تنته إلا باعتذار رسمي لهم.
يوم مباراة أم ردمان، وعندما كنا ذاهبين لكسب الجزائر وبعدها نذهب إلى كأس العالم، الاتحاد الإفريقي قال قبلها أننا لو لجأنا لمباراة فاصلة كل دولة عليها أن تختار مكاناً تلعب فيه وبعدها تكون النتيجة عن طريق عمل قرعة بين البلدين.
وقتها الجزائر اختارت تونس ونحن اخترنا السودان، وكانت القرعة في صالحنا، وعندما كنا على وشك اللعب في الخرطوم لأنها كالقاهرة.
وكان من حق كل دولة 10 آلاف تذكرة، الجزائر أرسلت 10 آلاف مشجع أما نحن فأرسلنا عدداً محدوداً من الطيارات كلهم من الفنانين بقيادة فردوس عبد الحميد وفتوح أحمد وأحمد بدير وكانت مهزلة لن ينساها التاريخ.
قبل وأثناء المباراة، الجمهور الجزائري أشعل الملعب بشكل حرفي بالهتافات والتشجيعات، أما مدرج مصر كان كله عبارة عن أشخاص من سيليكون ليس لهم صوت!
وائل جمعة قال حينها لو كنا لعبنا هذه المباراة في "عنابة" لأن الوضع كان ليكون أرحم بكثير.
طبعاً في هذه المباراة خسرنا خسارة مريرة أمام المنتخب الجزائري، لم تكفنا الهزيمة حتى نعود بكرامتنا إلى مصر، ظهرت علينا هذه النخبة بغباء لا مثيل له لتُكمل المهزلة والفضيحة للنهاية، نتذكر جميعاً حواراتهم الفاشلة ومحمد فؤاد يبكي ويصرخ لعمرو أديب: "إحنا بنموت يا عمرو"، بيجروا ورانا بالسكاكين يا عمرو"، حتى ريهام سعيد ظهرت في برنامج معتز الدمرداش وظلت تحكي عن قصة إنقاذها من الاغتصاب على يد الجزائريين، وتقول "أنا دخلت شارع مقفول ولقيت في آخره جمهور الجزائر يحتفل، اضطريت أخلع التيشرت الأحمر وأمشي في الشارع بملابس داخلية عشان لو شافوني لابسة أحمر كانوا دبحوني" وكأنها لو كانت لابسة أحمر سيتحرشوا بها أما لو كانت عارية فإنهم سيتركونها تمر دون مضايقات أو تحرش!
كل هذا اتضح أنه كذب وافتراء و"هجص"، فقط كل ما فعلوه أنهم فضحونا وقتها، وخرجنا من المباراة خاسرين الكرة والسيادة والأخلاق وكل شيء.
أتمنى أن نكسب اليوم، ولو خسرنا لن أسامح هذه الأشكال طوال العمر، ولن أسامح أيضاً هذا المخبول الذي سفرهم على حسابنا ومن أموالنا ومن جيوب الغلابة مثلنا.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.