يعد بنك التسويات الدولية في بازل، سويسرا، بنك محافظي البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم. وهي المؤسسة الأكثر تحفظاً بين مؤسسات البنوك المركزية، المتحفظة بطبعها؛ بمعنى آخر، أظهرت المؤسسة بطئاً ملحوظاً فيما يتعلق بالعملات الرقمية. ويبدو أنها تحاول الآن مواكبة الأمر، خاصة بعد إعلان فيسبوك هذا الشهر خططها لإصدار عملة رقمية تسمى "Libra"، فهل يتحول اهتمام البنوك المركزية لإصدار عملات رقمية؟
اقرأ أيضاً
تحوُّل كبير على وشك الحدوث
في شهر مارس/آذار الماضي قال أغوستين كارستنز، مدير عام بنك التسويات الدولية، إن البنوك المركزية لم تكن ترى قيمة" إنشاء عملة رقمية تابعة للبنك المركزي. والآن، كارستنز على وشك أن يغير رأيه، كما يقول موقع Quartz.
إذ أصدر بنك التسويات الدولية، في 30 يونيو/حزيران، تقريره السنوي، ويحتوي على فصل كامل، من أصل أربعة فصول، مخصص لتوضيح أثر التقنيات الكبيرة على عالم المال.
كما قال كارستنز لجريدة Financial Times إن بنك التسويات الدولية يعمل مع البنوك المركزية التي تطور عملات رقمية. وقال: "تعمل العديد من البنوك المركزية على هذا الأمر؛ ونعمل على ذلك أيضاً في بنك التسويات الدولية، وندعمها. وقد تظهر هذه الأسواق في وقت أقرب بكثير مما نعتقد، ويجب حينها أن نكون قادرين على توفير العملات الرقمية للبنوك المركزية".
اقرأ أيضاً
لكن هناك مخاوف إلحاق الضرر بالبنوك الكبيرة
ويوّضح تقرير بنك التسويات الدولية المخاوف الكبيرة بشأن دخول الشركات التقنية العملاقة في عالم المال خلال السنوات الأخيرة، نظراً لأن الكم الضخم من البيانات التي تجمعه الشركات العملاقة، مثل فيسبوك وجوجل وأمازون وعلي بابا تشكِّل تهديداً للخصوصية وتضر بالبنوك الكبيرة، ومن الممكن أن تؤدي أيضاً إلى تقويض الاستقرار الاقتصادي عالمياً. وأضاف التقرير أنه بالنظر إلى الاهتمام المتزايد من تلك الشركات بمجال التمويل، من توفير الائتمان إلى الإقراض وإصدار العملات، تصبح الشركات التقنية قوة لا يستهان بها.
وفي ضوء ذلك، يخطط بنك التسويات الدولية لإنشاء مركز ابتكاري للتقنيات المالية. ووفقاً لتقرير SwissInfo، تعمل سويسرا، وهونغ كونغ، وسنغافورة، بالتعاون مع مسؤولي السياسات النقدية بكل منها، على إنشاء مراكز ابتكارية للتقنيات المالية لاستكشاف هذا المجال. بينما يعمل البنك المركزي السويدي بالفعل على تطوير عملة رقمية، ومن الواضح أن كارستنز يدعم هذا الأمر.
عملة فيسبوك الرقمية فتحت شهية البنوك المركزية
وأعلنت فيسبوك عن عملة Libra في 18 يونيو/حزيران، وقالت إنها ستكون "عملة مستقرة" ترتبط قيمتها بسلة من العملات والأصول. ولم تكشف الشركة بعد عن أي تفاصيل، ولكن كما أوضح ماثيو دي سيلفا من موقع Quartz: بوجود 2.7 مليار مستخدم على منصاتها (والتي تتضمن إنستغرام، وماسنجر، وواتساب)، تمتلك فيسوك قاعدة مستخدمين لا نظير لها. وعلى عكس معظم مشروعات العملات الرقمية المشفرة، لن تحتاج فيسبوك لإقناع الأشخاص بالتسجيل؛ فهي لديها العملاء بالفعل، وسوف تتكامل عملة Libra مع التطبيقات التي تعتبر جزءاً فعلياً من حياة المستخدمين اليومية.
وأشعل الإعلان عن العملة الجديدة الإثارة في أسواق العملات الرقمية وتجدَّدَت الاهتمامات بالبتكوين وغيرها من العملات الرقمية. ويبدو كذلك أن القلق يساور محافظي البنوك المركزية بشكل خاص مما يدفعهم للتحرك والمشاركة قبل أن تهيمن الشركات التقنية الكبرى على السوق.
ومع ذلك، يظل من غير الواضح متى يمكن للبنوك المركزية إصدار عملاتها الرقمية، أو إن أمكنها من الأساس. حتى إن كارستنز ليس واثقاً تماماً من مدى صلاحية وملاءمة العملات الرقمية حتى الآن، وقال: "هناك حاجة لأدلة واضحة توضّح وجود طلب على العملات الرقمية للبنوك المركزية، وهذا الطلب غير واضح حتى الآن".
وفي الوقت الحالي، تسرع فيسبوك في مخططاتها لإطلاق عملة Libra التي قد تُغيِّر المشهد الاقتصادي والمالي تماماً بالنسبة للبنوك المركزية.