قبل أقل من 100 عام كان بإمكاننا رؤية آلاف النجوم كلما تطلعنا إلى السماء في الليالي الصافية، كنا نستطيع حتى رؤية درب التبانة الذي يشبه الحليب المنسكب من جوف السماء بكل وضوح ودون الحاجة إلى التلسكوبات… يحجب عنا هذا الجمال اليوم ظاهرة تدعى: التلوث الضوئي، فما هو؟ وكيف يسهم في اختلال النظام البيئي؟
ما هو التلوث الضوئي؟
الاستخدام غير المناسب أو المفرط به للضوء الصناعي يشكل ما يعرف بالتلوث الضوئي، وبالرغم من عدم إيلاء هذا النوع من التلوث الأهمية الكافية، إلا أن العواقب البيئية لهذا النوع من التلوث خطيرة على البشر والحياة البرية والمناخ.
بالإضافة إلى أنه يحرمنا من الاستمتاع بسماء الليل المرصعة بالنجوم كما كان يستمتع بها أجدادنا.
والجدير بالذكر أن نسبة كبيرة من الإنارة المستخدمة في الشوارع في الليل هي عديمة الجدوى، إذ يضيع الضوء والكهرباء المستخدمة في توليده هباء في السماء، كما أن حدة الإنارة غالباً نا تكون أقوى من اللازم بكثير.
يتم قياس التلوث الضوئي بمقياس من 1 (أخفض درجات التلوث)، إلى 9 (أعلى درجات التلوث(.
ما مدى سوء التلوث الضوئي؟
لمعرفة درجة السوء الذي وصل إليه التلوث الضوئي في مدينتك ما عليك سوى النظر ليلاً إلى السماء وعدّ النجوم القليلة جداً، التي تستطيع رؤيتها.
وفقاً لـ "الأطلس العالمي لسطوع السماء الليلية الاصطناعية" لعام 2016، فإن 80% من سكان العالم يعانون من نتائج التلوث الضوئي، ولا يتمتعون بسماء طبيعية، بينما يعاني 99% من سكان الولايات المتحدة وأوروبا من هذه المشكلة.
تستطيع الاطلاع على خريطة التلوث الضوئي في العالم من هنا.
آثار التلوث الضوئي
بحسب موقع The International Dark-Sky Association، فإن الحياة على كوكب الأرض تمتعت طيلة 3 مليارات سنة بتوازن ضوئي طبيعي، إذ كان مصدر الإنارة الوحيد لسماء الأرض هو الشمس والقمر والنجوم.
اليوم، تغلبت الأضواء الصناعية على عتمة الليل، وباتت مدننا متوهّجة حتى بعد غياب الشمس.
للتلوث الضوئي آثار سلبية على النظام البيئي في المقام الأول، إذ يعطل الأنظمة الحيوية لكثير من الكائنات الحية، ويؤثر سلباً بشكل واضح على الحياة البرية، كما يخل بدورة النوم الطبيعية مما ينعكس سلباً على صحة الإنسان.
أيضاً، يعطل التلوث الضوئي البحث الفلكي في كثير من المناطق كما يسهم في زيادة هدر الطاقة.
الوعي الدولي يتزايد بهذا الخصوص
يتزايد الوعي دولياً بمشكلة التلوث الضوئي، لذلك قامت بعض الدول بوضع حلول للحد من هذا التلوث.
فقامت بوضع إطار قانوني للإضاءة في المناطق العمومية للحدّ من ظاهرة الإضاءة الصناعية ووضع مقاييس محددة للإضاءة، تعمل على توفير الكم الهائل من الطاقة المهدرة، والتي تسبب حدوث هذا التلوث.
كذلك تم تشكيل محميات للسماء تتوفر فيها جميع الشروط المثالية والطبيعية التي تحمي السماء من انصباب الأضواء الصناعية عليها والتعرض لها، للاستمتاع بسماء خالية من جميع أشكال التلوث.
على الصعيد الفردي، من الممكن أن يساهم كل منا بالحد من هذه الظاهرة عن طريق التخفيف من استخدام الإنارة وحدتها، واعتماد وسائل إنارة بديلة صديقة للبيئة.