مبادرات عدة أصبحت مطروحة على الساحة السودانية، ورغم ذلك مازالت الأزمة مستمرة، فما هي نقاط الخلاف بين العسكري السوداني وقوى إعلان الحرية والتغيير في ظل تصدر المبادرة الإفريقية للمشهد في البلاد، وأين توارت المبادرة الإثيوبية التي كان يقودها الرئيس الإثيوبي آبي أحمد؟.
زحمة المبادرات في السودان لا تعني اقتراب الحل، بقدر ما قد تعني أن هناك قوى عديدة تحاول تأمين مصالحها سواء كانت هذه قوى داخلية أو خارجية.
فقد طرحت مبادرة إثيوبية وبعدها ظهرت أخرى إفريقية قيل إنهما اندمجتا.
كما تحدث العسكري السوداني عن مبادرة للجامعة العربية بدا أن هدفها إجهاض المبادرة الإثيوبية والتي كانت تلبي المطلب الرئيسي للحراك وهي مجلس سيادي انتقالي بأغلبية مدنية.
وكان العسكري السوداني قد رفض المبادرة الإثيوبية التي قادها رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد، وبدا أنه يحاول التملص منها عبر حديثه عن وجود مبادرة للجامعة العربية بعد زيارة أمينها العام أحمد أبو الغيط للسودان، فيما بدا أنها محاولة لاستخدام ورقة الجامعة العربية للتخلص من المبادرة الإثيوبية.
كيف تخلص العسكري السوداني من المبادرة الإثيوبية؟
رغم إعلان "قوى إعلان الحرية والتغيير"، موافقتها على المبادرة الإثيوبية، إلا أنه يبدو أنه لم يكتب لها النجاح بسبب رفض العسكري السوداني لها.
وتشمل المبادرة الإثيوبية تأكيداً على الاتفاقات السابقة بين المجلس العسكري وقوى التغيير، ومنها حصول قوى التغيير على 67% من مقاعد البرلمان، وأن تتولى منفردة تشكيل الحكومة الانتقالية.
وكانت المبادرة تشكيل مجلس سيادي من 15 عضواً، سبعة يرشحهم التحالف ومثلهم يرشحهم العسكريون على أن تكون الشخصية الـ 15 المدنية يتم اختيارها من قبل الطرفين بالتوافق على أن تكون الرئاسة دورية بين الجانبين بمعدل 18 شهراً لكل طرف، تبدأ بالعسكر.
وكان العسكري السوداني قد قال في معرض محاولته للإطاحة بالمبادرة الإثيوبية أنهم تسلموا نسخة من مسودة مبادرة الاتحاد الإفريقي أولاً، ثم لاحقاً تسلموا نسخة من المبادرة الإثيوبية، لافتاً إلى أنهم لم يقرأوا محتواها لأنها جاءت متأخرة، ولأنهم ظنوا أن المبادرة مشتركة، وليست مبادرتين منفصلتين.
وقال الناطق باسم المجلس العسكري الفريق شمس الدين كباشي إن الوساطة استغرقت وقتاً طويلاً، وقال إن هناك تكتلات سياسية وتكتلات شبابية ظهرت في الساحة، وتريد أن تكون جزءاً من الحل.
ولفت الناطق الرسمي إلى أن المجلس العسكري تسلم مبادرات من الجامعة العربية وجنوب السودان ونيجيريا لحل الأزمة السودانية، منوهاً إلى أنهم أبلغوا أصحاب تلك المبادرة بأن الأولوية لمبادرة الاتحاد الإفريقي.
والآن فإن المبادرة الإفريقية هي المطروحة على الساحة، بعد الإعلان عن دمج الإثيوبية معها بناء على طلب العسكري ، ولكن الطرح الرئيسي في المبادرة الجديدة يبدو غير مقبول من قوى إعلان الحرية والتغيير.
فلماذا ترفض قيادات الحراك رغم أنها قبلت المبادرة الإثيوبية من قبل؟
نقاط الخلاف بين العسكري السوداني وقوى إعلان الحرية والتغيير
تعدد نقاط الخلاف بين العسكري السوداني وقوى إعلان الحرية والتغيير، ولكن هناك عدة نقاط أساسية أبرزها الأغلبية في المجلس السيادي الانتقالي، ومسألة رئاسته.
الخلاف الأكبر الآن هو رئاسة المجلس السيادي
قال مصدر من وفد التفاوض بقوى إعلان الحرية والتغيير بالسودان، إنهم رفضوا منح رئاسة المجلس العسكري الانتقالي للمجلس السيادي الذي سيحكم البلاد، وأكدوا إصرارهم على أن تكون رئاسته مناصفة بين الطرفين.
كما تحفظت "قوى إعلان الحرية والتغيير" على مقترح آخر يمنح المجلس العسكري رئاسة المجلس السيادي في 18 شهراً بالفترة الانتقالية، ويتم نقاش بشأن تولي قوى التغيير رئاسة المجلس السيادي في النصف الثاني من الفترة الانتقالية، بحسب ما ذكر مصدر من هذه القوى للأناضول.
كما أن هناك خلافاً على تكوين المجلس ذاته
ويبدو أن هناك خلافاً أيضاً فيما يتعلق بتشكيل المجلس،إذ أبدت قوى إعلان الحرية والتغيير ملاحظات للوساطة الإفريقية – الإثيوبية المشتركة بتعديلات طفيفة، حسبما قال المصدر ذاته للأناضول.
وأضاف أن تلك التعديلات تتعلق أيضاً بـ"تكوين مجلس سيادة من 5+5+1 أعضاء (5 أعضاء لكل طرف واختيار شخصية توافقية) بناء على طلب المجلس العسكري بتقليص عدد الأعضاء في المجلس السيادي من 7+7+1 أعضاء".
وأشار إلى أن "هناك بعض النقاط الخلافية التي لم تحسم بعد وأننا في انتظار رد المجلس العسكري على الوساطة المشتركة الثلاثاء 2 يوليو/تموز 2019".
قوى الحراك تريد أن تشكل مجلس الوزراء بالكامل
كما"تتمسك قوى التغيير بإعلان مجلس وزراء بالكامل من بينها، فيما وافقت على إرجاء تشكيل المجلس التشريعي لفترة زمنية لا تتجاوز الثلاثة أشهر"، ووفق المصدر ذاته.
وأعلن مبعوث الاتحاد الإفريقي إلى السودان، محمد الحسن ولد لبات، تقدم التفاوض بين المجلس العسكري، وقوى التغيير، دون تفاصيل عن هذا التقدم.
ومن المنتظر أن يعقد مبعوثا الاتحاد الإفريقي؛ محمد حسن ولد لبات، وإثيوبيا محمود درير، مؤتمراً صحفياً حول تطورات المفاوضات غير المباشرة بين المجلس العسكري وقوى التغيير.
وسبق أن سئل المبعوث الإفريقي عن فرض عقوبات على السودان بعد انتهاء مهلة الاتحاد الإفريقي، فقال ولد لبات: "ما دام أن هناك تقدماً في التفاوض ليس هناك ما يدعو للقلق".
وقرر الاتحاد الإفريقي، في 6 يونيو/حزيران الماضي تعليق عضوية السودان في جميع أنشطته لحين تسليم السلطة للمدنيين.
وصدر القرار قبل انتهاء المدة التي منحها الاتحاد الإفريقي، مطلع مايو/أيار الماضي، (مهلة 60 يوماً) للمجلس العسكري في السودان، لتسليم السلطة لحكومة انتقالية.
والآن هناك مبادرة جديدة لرجال الأعمال تمنح الأغلبية للمدنيين والرئاسة للعسكريين
وهناك مقترح جديد طرحه رجال أعمال سودانيين يشمل تشكيل مجلس سيادة بأغلبية مدنية، وإسناد رئاسته بشكل دائم للمجلس العسكري، وفق مصدر مطلع.
وتأتي مبادرة رجال الأعمال في محاولة للدفع إلى الأمام بالمفاوضات غير المباشرة بين "العسكري" وقوى إعلان الحرية والتغيير"، قائدة الاحتجاجات، تحت مظلة المبادرة الإفريقية الإثيوبية المشتركة.
وفي تصريح للأناضول، قال مصدر من وساطة رجال الأعمال، الثلاثاء، إن المقترح يطرح تشكيل مجلس السيادة بعضوية 7 مدنيين مقابل 5 من "العسكري"، مع رئاسة دائمة للمجلس العسكري.
وأضاف، مفضلاً عدم نشر هويته، أن "رجال الأعمال (لم يحددهم أو يذكر عددهم) يبذلون جهودهم مع مبعوثيْ الاتحاد الإفريقي وإثيوبيا، من أجل حل الأزمة السياسية الراهنة.
ولفت إلى أنّه جرى تسليم المقترح الجديد إلى طرفي الأزمة، ولكنهم لم يتلقوا رداً على ذلك.
وحتى الساعة (14.27 بتوقيت غرينيتش)، لم يصدر أي تعقيب من قوى التغيير أو "العسكري" حول المقترح الجديد أو ما ورد بتصريحات المصدر.
اجتماع مع السفراء الأربعة
الفريق ركن ياسر العطا، نائب رئيس اللجنة السياسية بالمجلس العسكري، قال، يوم الإثنين إن قيادات بالمجلس اجتمعوا بقيادات قوى "الحرية والتغيير" المعارضة، عشية مظاهرات، الأحد، وبمشاركة سفراء 4 دول.
وأوضح أن الاجتماع جاء بوساطة من رجال أعمال سودانيين وجرى بمنزل أحدهم (لم يسمّه) في الخرطوم، بحضور سفراء السعودية، الإمارات، بريطانيا، والولايات المتحدة.
وأعلنت قوى "الحرية والتغيير" بالسودان، الإثنين، عن جداول احتجاجية جديدة، تشمل دعوات لتظاهرات "مليونية" مركزية وعصيان مدني شامل يومي 13 و14 يوليو/تموز الجاري.
والشارع مازال خياراً مطروحاً
وشهدت العاصمة الخرطوم و16 مدينة أخرى، تظاهرات، أمس الأول الأحد، تحت عنوان "مواكب القصاص للشهداء وتسليم السلطة للمدنيين"، تلبية لدعوة من "قوى إعلان الحرية والتغيير"، قائدة الاحتجاجات الشعبية، وشابتها أعمال عنف.
وأعلنت لجنة طبية تابعة للمعارضة السودانية، أمس الإثنين، العثور على 3 جثامين لمحتجين بمدينة أم درمان غربي العاصمة، عقب الاحتجاجات.
وبذلك يرتفع عدد قتلى احتجاجات، الأحد، إلى 10 استناداً إلى وزارة الصحة التي أعلنت في وقت سابق سقوط 7 قتلى.
وعزلت قيادة الجيش عمر البشير من الرئاسة (1989- 2019)، في 11 أبريل/نيسان الماضي، تحت وطأة احتجاجات شعبية، بدأت أواخر العام الماضي، تنديداً بتردي الأوضاع الاقتصادية.
وتتحدث المعارضة عن سقوط أكثر من 150 "شهيداً" خلال الاحتجاجات منذ عزل البشير.