أعلنت الرئاسة التونسية، اليوم الخميس 25 يوليو/ تموز 2019، وفاة الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي عن عمر ناهز 92 عاماً.
وقالت وكالة الأناضول إن الرئاسة التونسية أعلنت في بيان رسمي عن وفاة السبسي، وجاء فيه: "وافت المنية صباح اليوم الخميس 25 تموز/يوليو، 10:25 (9:25 بتوقيت غرينيتش) المغفور له بإذن الله رئيس الجمهورية محمد الباجي قايد السبسي بالمستشفى العسكري بتونس."
وعقب وفاته المتوقعة ظهرت تساؤلات كثيرة بشأن الوضع الدستوري لمنصب الرئيس في حال شغوره، سواء بالوفاة أو في حالة العجز والصحي الكامل عن أداء المهام الموكلة إليه، وهذا سنحاول عرضه في الأسطر القادمة
على ماذا ينص الدستور التونسي؟
في تسلسل دستوري واضح، ينص الدستور التونسي في الفصل 84، على أنه "عند الشغور الوقتي لمنصب رئيس الجمهورية، لأسباب تحول دون تفويضه سلطاته، تجتمع المحكمة الدستورية فوراً، وتقرّ الشغور الوقتي، فيحل رئيس الحكومة محل رئيس الجمهورية، ولا يمكن أن تتجاوز مدة الشغور الوقتي ستين يوماً".
وبحسب الدستور، إذا تجاوز الشغور الوقتي مدة الستين يوماً، أو في حالة تقديم رئيس الجمهورية استقالته كتابة إلى رئيس المحكمة الدستورية، أو في حالة الوفاة، أو العجز الدائم، أو لأي سبب آخر من أسباب الشغور النهائي، تجتمع المحكمة الدستورية فوراً، وتقرّ الشغور النهائي، وتبلّغ ذلك إلى رئيس مجلس النواب الذي يتولى فوراً مهام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة لأجل أدناه خمسة وأربعون يوماً وأقصاه تسعون يوماً.
يذكر أن رئيس البرلمان الحالي هو محمد الناصر (85 عاماً)، هو سياسي تونسي مخضرم، تولى رئاسة البرلمان منذ 4 ديسمبر/كانون الأول 2014، وشغل وزارة الشؤون الاجتماعية أكثر من مرة في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، وشغل نفس المنصب في حكومة الباجي قائد السبسي في فبراير/شباط 2011.
أما نائبه عبدالفتاح مورو (71 عاماً) فهو محامٍ وسياسي في التيار الإسلامي التونسي وأحد القادة التاريخيين لحركة "النهضة"، ويشغل حالياً منصب نائب رئيس الحركة ونائب أول لرئيس مجلس نواب الشعب منذ 4 ديسمبر/كانون الأول 2014.
وجدير بالذكر أن الفصل 86 من الدستور التونسي يحظر على القائم بمهام رئيس الجمهورية في حالتَي الشغور المؤقت والدائم، المبادرة باقتراح تعديل الدستور، ويمنعه من اللجوء إلى الاستفتاء أو حل مجلس نواب الشعب.
هل يمكن أن تحدث حالة من الفراغ الدستوري إذاً؟
خلاصة ما سبق، تعد الجهة الدستورية الوحيدة في تونس، المخولة بنقل صلاحيات الرئيس إلى غيره، هي المحكمة الدستورية. لكن وبسبب غياب التوافق بين الأحزاب والكتل البرلمانية التونسية، لم تعقد المحكمة الدستورية في البلاد منذ عام 2014، إذ أخفق البرلمان التونسي 5 مرات في انتخاب أعضاء المحكمة.
إذ يشترط انتخاب عضو واحد بالمحكمة الدستورية حصوله على أغلبية الثلثين من الأصوات (145 صوتاً من أصل 217)، وهو ما لم يحصل بين الكتل البرلمانية.
وتعد المحكمة الدستورية التي أقرها الدستور التونسي الجديد الصادر في 26 يناير/كانون الثاني 2014، "هيئة قضائية مستقلة ضامنة لعلوية الدستور وحامية للنظام الجمهوري الديمقراطي وللحقوق والحريات في نطاق اختصاصاتها وصلاحياتها المقررة بالدستور والمبينة بقانونها".
وتتكون المحكمة من 12 عضواً (9 مختصين في القانون و3 من غير المختصين في القانون)، ينتخب البرلمان 4 أعضاء، وينتخب المجلس الأعلى للقضاء (مؤسسة دستورية مستقلة) 4، ويعين رئيس الدولة 4 آخرين.
لذا يرى مراقبون أن على البرلمان التونسي الاستعجال في حل أزمة المحكمة الدستورية، وربما لهذا السبب يجتمع بصفة عاجلة، رؤساء الكتل البرلمانية التونسية، وذلك بعد دعوة من رئيس البرلمان التونسي محمد الناصر أمس الخميس.
في حين ربما يلجأ البرلمان لتعديل القوانين الانتقالية وتوسيع صلاحيات اللجنة المراقبة للدستور والقوانين، والتي تعوض في بعض مهامها المحكمة الدستورية، إذ يعد البرلمان في النهاية هو أعلى مؤسسة منتخبة في البلاد.
ما هي صلاحيات المحكمة الدستورية؟
تراقب المحكمة الدستورية مشاريع تعديل الدستور، والمعاهدات ومشاريع القوانين، والقوانين، والنظام الداخلي للبرلمان، وتبت في استمرار حالات الطوارئ، والنزاعات المتعلقة باختصاصي رئيسي الجمهورية والحكومة.
كما تنظر في إعفاء رئيس الدولة في حالة الخرق الجسيم للدستور و "تصدر المحكمة قراراً يقضي بعزل رئيس الجمهورية في صورة ثبوت إدانته بخرق الدستور" بحسب البند 68 من القانون المحدث للمحكمة.
وينص دستور تونس، في باب أحكامه الانتقالية، على أن المحكمة الدستورية يتم تشكيلها بعد عام من الانتخابات التشريعية (2014)، لكن تم الإخلال بهذا الأجل الدستوري. ويذكر أنه لم تعرف تونس سابقاً إرساء محكمة دستورية في تاريخها.