أثار إعلان إدارة الفيسبوك عن خططها لإصدار عملة إلكترونية خاصة بعملاق التواصل الاجتماعي قلقاً داخل الكونغرس الأمريكي، فما هي قصة "ليبرا"، ومتى ستكون متوفرة، وكيف يمكن استخدامها، وهل ستكون آمنة؟ القصة الكاملة للسلاح الجديد الذي يخطط مارك زوكربيرغ لإضافته لإمبراطوريته التي تثير الفزع داخل أروقة صنع السياسة الأمريكية.
ما هي ليبرا؟
يقول فيسبوك إن ليبرا "عملة عالمية وبنية تحتية مالية"، بمعنى آخر هي عبارة عن أصل مالي رقمي يبنيه الفيسبوك وتسانده نسخة خاصة بالفيسبوك من التقنية المشفرة الخاصة بالبيتكوين والعملات الإلكترونية الأخرى.
ليبرا مشتقة من وحدة القياس الرومانية للوزن، وهي نفس الكلمة المستخدمة كرموز للجنيه الإسترليني في إنجلترا.
لماذا يطلق الفيسبوك عملة إلكترونية، وهل هذا مسموح به؟
تقول إدارة الفيسبوك إن هدفها هو الوصول لـ1.7 مليار شخص حول العالم لا يمتلكون حساباً بنكياً.
مَن سيتولّى إدارة ليبرا؟
ستقوم على إدارة العملة مجموعة من الشركات تسمى "مؤسسة ليبرا"، وتكون مهمتها الأساسية العمل بمثابة "ضامن لاستقرار العملة"، وذلك بربطها بالأصول المالية الموجودة مثل الدولار أو اليورو، في محاولة لجعلها أقلّ عرضة للتقلبات الكبيرة التي تعاني منها كثير من العملات الإلكترونية.
تصف إدارة الفيسبوك "مؤسسة ليبرا" بأنها منظمة مستقلة غير ربحية مقرّها سويسرا، وستقوم بوظيفتين أساسيتين، توثيق الصفقات عبر سلسلة محلات ليبرا، وإدارة الاحتياطي المربوطة به ليبرا، وتخصيص الأموال للقضايا الاجتماعية.
وسيدير المؤسسة مجلس مؤسسة ليبرا الذي سيضم ممثلاً عن كل عضو من أعضائها الشركات، وتؤكد إدارة الفيسبوك أنها ستنسحب كشركة من مركز إدارة ليبرا، بعد أن يتم إطلاقها فعلياً العام المقبل، ومن بين الشركات التي انضمّت بالفعل كعضو مؤسس بعد أن وافقت على المساهمة بحد أدنى 10 ملايين دولار في مؤسسة ليبرا شركات تكنولوجيا مثل سبوتيفاي وبايبال وإي باي وأوبر وليفت، إضافة لشركات استثمارية في القطاع المالي، أبرزها فيزا وماستركارد.
كيف سيحصل المستخدم على ليبرا؟
لم ينشر فيسبوك بعد تفاصيل كيفية الحصول على العملة أو مدى توفرها عند الإطلاق، لكن المؤشرات تدل على استخدام عدة أساليب متنوعة عند طرحها، بحسب صحيفة الغارديان البريطانية، فوجود شركات سداد تقليدية مثل فيزا وماستركارد في قائمة الأعضاء المؤسسين يعني أن شراء العملة ببساطة مقابل العملات التقليدية سيكون أحد الأساليب.
ومن المتوقع أيضاً أن تتبع إدارة الفيسبوك أسلوب "نقطة إلقاء هوائي"، أي إتاحة كميات قليلة من العملة مجاناً كوسيلة لإطلاق نظام العملة الجديدة، وسيكون هذا الأسلوب حاسماً في سرعة انتشارها لو وفرت للناس هدف الخدمات المالية دون الحاجة لحساب بنكي.
لكن لن تكون تلك وسيلة كافية للحصول على العملة، ومن المتوقع على المدى الطويل أن تقوم بعض الشركات المؤسسة للعملة بدفع رواتب موظفيها بالعملة الجديدة ليبرا.
كيف يمكن استخدامها؟
عند إطلاق العملة سيكون هناك تطبيق "كاليبرا"، وهو عبارة عن محفظة رقمية تسمح بالإرسال لأي شخص معه هاتف ذكي، وستكون المحفظة متاحة من خلال المسنجر وواتساب، إضافة لتطبيق خاص بها.
ورغم أنه ليس واضحاً حتى الآن في أي بلد سيتم الإطلاق أولاً، إلا أن الفيسبوك يقول إن أي شخص معه هاتف ذكي سيكون بمقدوره تحميل التطبيق.
ماذا يمكنك أن تشتريه وتدفع بليبرا؟
بعيداً عن الصفقات التي ستتم من خلال التطبيق نفسه، يريد الفيسبوك أن يسهل استخدام ليبرا لدى البائعين في عمليات الشراء اليومية، وغالباً ستكون البداية مع الشركات المؤسسة مثل أوبر حيث يمكن للعملاء سداد ثمن الرحلات بعملة ليبرا.
هل العملة آمنة؟
يوجد كثير من التخوفات فيما يخص السرية، بشأن تطبيق مالي يديره الفيسبوك مع ازدياد القلق حول سياسات حماية الخصوصية لدى الشركة، وتقول إدارة الفيسبوك إنها ستتخذ إجراءات أشدّ صرامة لحماية ليبرا من غسيل الأموال والنصب.
ما هي أسباب القلق إذن؟
مشروع ليبرا طموح، لكن إدارة الفيسبوك بحاجة للحصول على موافقة لجنة الخدمات المالية بالكونغرس الأمريكي حال أراد تمكين مستخدميه من تحويلها من وإلى العملات الفعلية، وهنا تكمن المشكلة، فرئيس وأعضاء تلك اللجنة أعربوا عن قلقهم من الخطوة بمجرد الإعلان عنها، بحسب موقع أكسيوس الأمريكي.
رئيسة اللجنة في مجلس النواب ماكسين ووترز (نائبة ديمقراطية عن كاليفورنيا) وعضو اللجنة باتريك ماكهنري (جمهوري عن نورث كارولينا) أعلنا على الفور استدعاء مسؤولي شركة فيسبوك للشهادة، مؤكدين أن اللجنة ستطالب بوقف المشروع.
لماذا؟ "الفيسبوك يمتلك بيانات عن مليارات الأشخاص، وقد أظهرت إدارته مراراً وتكراراً أنها لا تقيم وزناً لحماية تلك البيانات أو استعمالها بطريقة حذرة، وبإعلانها عن خطط إصدار عملة خاصة بها، تُواصل الشركة التوسع دون مساءلة، والسيطرة على حياة مستخدميها بصورة مقلقة"، بحسب ما قالته ووترز لرويترز.
"فيسبوك بالفعل أكبر وأقوى مما ينبغي، وقد استفادت الشركة من تلك القوة في استغلال بيانات المستخدمين دون حماية خصوصيتهم"، بحسب ما قاله السيناتور شيرود براون، العضو الديمقراطي الأبرز في لجنة البنوك بمجلس الشيوخ لرويترز، مضيفاً: "لا يمكننا أن نسمح للفيسبوك بأن يدير عملة إلكترونية جديدة، تتسم بالخطورة، من خلال حساب في بنك سويسري دون رقابة".
رفْض ليبرا لم يقتصر فقط على أعضاء الكونغرس، بل عبَّر أيضاً مشرعون وخبراء اقتصاد حول العالم عن نفس التخوفات.
زوكربيرغ يكمل أركان الإمبراطورية؟
التخوفات ليست من فراغ، فمارك زوكربيرغ البالغ من العمر خمسة وثلاثين عاماً يمتلك إمكانيات وصلاحيات تفوق ما يمتلكه رئيس أقوى دولة في العالم، وكان هذا واضحاً، العام الماضي، أثناء استجوابه من جانب الكونغرس الأمريكي، في قضية انتهاك خصوصية ملايين المشتركين في مملكته المعروفة بالفيسبوك، حيث بدا واثقاً وكأنه أقوى من مستجوبيه من أعضاء الكونغرس.
ثروة زوكربيرغ بلغت مطلع العام الحالي نحو 70 مليار دولار أمريكي، تتمثل في 18% من أسهم شركة فيسبوك، وهي أكبر شركة عملاقة على مستوى العالم، لكن الأهم من القيمة المالية هي أن زوكربيرغ يمتلك 60% من حق التصويت في قرارات فيسبوك، أي أنه المتحكم الوحيد في أخطر سلاح ثقافي اخترعه الإنسان.
ومع إصدار عملة خاصة بمملكة زوكربيرغ، أي الفيسبوك، التي يبلغ تعدادها أكثر من ملياري شخص ويزدادون بعشرات الآلاف يومياً في صورة مستخدمين جدد، يمكن القول إن أركان الإمبراطورية قاربت على الاكتمال.