إعلان إيران اليوم الإثنين 17 يونيو/حزيران 2019، أنها ستتجاوز حد تخصيب اليورانيوم المتفق عليه هو بمثابة مهلة مدتها عشرة أيام، فماذا تعني هذه الخطوة؟ وهل هي لخفض التوتر أم لتصعيده؟ وماذا يمكن أن تفعله الأطراف المقصودة بتلك المهلة؟
إيران كانت قد هددت مطلع مايو/أيار الماضي بالانسحاب من الاتفاق النووي الموقّع عام 2015، رداً على العقوبات الأمريكية الخانقة عليها، في خطوة تصعيدية من جانب طهران حذرتها منها باقي أطراف الاتفاقية.
الاتفاق النووي الإيراني تم توقيعه عام 2015 أثناء إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووقَّعت عليه إيران وواشنطن وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وبموجبه وافقت إيران على إخضاع برنامجها النووي بالكامل للإشراف الدولي مقابل رفع العقوبات الأمريكية والأممية واندماج إيران في المجتمع الدولي.
لكن مع وصول دونالد ترامب للبيت الأبيض أعلن انسحاب واشنطن من الاتفاقية، ونفّذ ذلك بالفعل وفرض عقوبات اقتصادية تخنق إيران، عكس رغبة باقي الأطراف الموقعة على الاتفاق النووي، وخصوصاً الدول الأوروبية الثلاث التي حاولت ولا تزال مواصلة الالتزام بالاتفاق النووي.
أيّ من بنود الاتفاق لن تلتزم به إيران؟
المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية قال اليوم إن طهران ستتجاوز الحدود المتفق عليها دولياً لمخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب خلال عشرة أيام، وهذا كان أحد أهم شروط الاتفاق النووي.
فبموجب الاتفاق وافقت إيران على بيع فائض اليورانيوم المخصب بدلاً من الاحتفاظ به، والهدف هو تصدير اليورانيوم المخصب لمنع ارتفاع المخزون الإيراني منه، عن القدر المسموح، وهو 300 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب.
الرئيس الإيراني حسن روحاني كان قد هدَّد أواخر إبريل/نيسان الماضي بأن طهران ستواصل تخصيب مخزون اليورانيوم في الداخل، كما هدد أيضاً باستئناف إنتاج يورانيوم عالي التخصيب خلال 60 يوماً، ما لم تلتزم باقي الدول الموقعة على الاتفاق النووي ببنوده من جانبها.
الخطوة الإيرانية إذن تصعيدية كنوع من الضغط على الدول الأوروبية والصين وروسيا لعدم الالتزام بالعقوبات الأمريكية التي فرضتها إدارة ترامب عقب انسحابها من الاتفاقية.
ماذا تعني المهلة؟
مهلة الأيام العشرة التي أعلنها اليوم المتحدث الإيراني تأتي إذن في سياق تهديدات حسن روحاني التي كان قد أعلن عنها أواخر أبريل/نيسان، وهذا ما أكده المتحدث باسم الطاقة النووية اليوم، لكنه ترك الباب مفتوحاً، حيث أضاف أنه لا يزال هناك وقت أمام الدول الأوروبية لإنقاذ الاتفاق النووي: "لا يزال هناك وقت… إذا ما تحركت الدول الأوروبية".
الخطوة الإيرانية رسالة شديدة اللهجة لباقي أطراف الاتفاق النووي مفادها أن العقوبات الأمريكية تخنق إيران وأن الوقت ليس في صالحها، فإما التدخل لإنقاذها وإما هدم المعبد، أو بمعنى آخر الذهاب إلى المواجهات العسكرية حتى وإن كانت نتيجتها محسومة بهزيمة إيران.
يمكن في هذا السياق قراءة خطوات التصعيد الإيراني الأخرى، وأبرزها استهداف ناقلات النفط، رغم أن طهران تنفي مسؤوليتها عن تلك الهجمات، لكن الرسالة واضحة وأعلنتها إيران رسمياً على لسان رئيس الحرس الثوري حينما قال إنه لو تم منع إيران من تصدير النفط عبر مضيق هرمز فلن يمر نفط لأي دولة أخرى.
وزيرة الدفاع الفرنسية كانت قد قالت إن بلادها تريد الإبقاء على الاتفاق النووي وحذَّرت إيران من عدم احترام التزاماتها، قائلة إن ذلك قد يجعل مسألة إعادة تفعيل آلية العقوبات مطروحة، مضيفة أن فرنسا وبريطانيا وألمانيا تبذل قصارى جهدها للإبقاء على الاتفاق.
الصين أيضاً كانت قد عبَّرت عن ذات المعنى، إذ قالت عبر وزارة خارجيتها إن الاتفاق النووي الإيراني يجب تنفيذه بالكامل، وكل الأطراف مسؤولة عن ضمان تحقيق ذلك.