الرسوم الجمركية على السلع هي السلاح الأبرز الذي يستخدمه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لفرض شروطه على باقي دول العالم بغض النظر عن كون الدولة حليفةً كتركيا أو عدواً كالصين أو حتى جاراً كالمكسيك، لكن يبدو أن إفراطه في إطلاق نيران ذلك السلاح في كل اتجاه قد يصبح سبباً رئيسياً في خسارته منصبه في الانتخابات الرئاسية العام القادم، وذلك بسبب الفزع الذي تسبب فيه لرجال الأعمال الأمريكيين، فما قصة هذا السلاح؟
أدى إفراط ترامب في استخدام سلاح فرض الرسوم الجمركية إلى حالة من القلق بين مجتمع المال والأعمال الأمريكي، وتحول ذلك القلق إلى تحركات عملية لسحب ذلك السلاح من بين أيدي هذا الرئيس تحديداً وأي رئيس يأتي بعده، بحسب موقع أكسيوس الأمريكي.
آخر تطورات هذا الموضوع هو تراجع ترامب، الجمعة الماضية 7 يونيو/حزيران، عن فرض مزيدٍ من الرسوم الجمركية على السلع المكسيكية كوسيلة للضغط على المكسيك بسبب موقفها المتساهل -من وجهة نظر ترامب- في التصدي للهجرة غير الشرعية على الحدود بين البلدين.
ورغم الارتياح الذي ساد أوساط الأعمال الأمريكية بعد تراجع ترامب، فإن مجتمع المال والأعمال بدأ يتحرك بصورة جدية لسحب السلطات التجارية المطلقة من بين أيدي السلطة التنفيذية وإعادتها للكونغرس كما ينص الدستور الأمريكي.
اجتمع ممثلو الصناعات المختلفة والشركات الكبرى وقادة المؤسسات التجارية وأعضاء من الكونغرس للاتفاق على خطوات عملية للحد من السلطات التي يتمتع بها ترامب وتجعله يفرض الرسوم الجمركية متى وكيفما أراد.
وغرّد جون ميرفي الذي يدير السياسة الدولية في غرفة التجارة الأمريكية قائلاً: "خلال بضع ساعات.. وقع أكثر من 140 مؤسسة تجارية وزراعية هذا البيان المعارض لفرض الرسوم على البضائع المكسيكية".
"هذه نقطة تحول حقيقية لأن هذا تهديد خطير باستخدام فرض الرسوم على أنه حالة طوارئ وهذا ما لم يحدث من قبل قط، ونود أن نعيد توجيه جزء من مواردنا للضغط من أجل أن يستعيد الكونغرس السلطة في مسألة الرسوم"، بحسب مصدر صناعي لموقع أكسيون.
"يمكننا أن نتراجع عن يوسمكا (اتفاقية ترامب للتجارة بين المكسيك وكندا والولايات المتحدة التي يريد أن تحل محل اتفاقية نافتا)، ولكنني أعتقد أننا سنرى جهوداً أكثر جدية على المدى الطويل من مجتمع الأعمال لمساعدة الكونغرس على استعادة سلطاته على فرض الرسوم".
في هذا السياق يمكن أن يتم إقرار تشريع يفرض موافقة الكونغرس على معظم القرارات التجارية الرئاسية، وهناك بالفعل تحركات في هذا الاتجاه يقودها عضوا مجلس الشيوخ تشاك جراسلي وبات طومي وهما جمهوريان.
كواليس القصة
قبل أن يتراجع ترامب مساء الجمعة، قام تحالف المؤسسات والشركات التجارية الداعم لترامب في إعادة التفاوض مع كندا والمكسيك بشأن نافتا، بمناقشة وقف تمويلهم لحملة دعم يوسمكا (اتفاقية ترامب الجديدة) بملايين الدولارات، وتوجيه الأموال نحو معارضة قرارات ترامب لفرض الرسوم واحتمال دعم جهود تقليم أظافر الرئيس التجارية.
بعد تراجع ترامب سيعودون لدعم يوسمكا، ولكن المؤكد أنهم أدركوا خطورة ترك ذلك السلاح الخطير بين أيدي ترامب، وبالتالي ستشهد الفترة المقبلة مواجهات ساخنة بين ترامب وداعميه الأساسيين.
ما أهمية ما يحدث؟
تمكّن ترامب حتى الآن من استخدام سلاح الرسوم في مواجهة الدول الأخرى بصورة فعالة، والسبب الأساسي هو تخلي الكونغرس عن سلطاته التجارية بموجب المادة الأولى من الدستور، بحسب المعارضين.
القضية نفسها لم تكن تحمل أهمية لدى غالبية اللاعبين في واشنطن، ولم ينتبه الكثيرون عندما تقدم السيناتور الجمهوري مايك لي في بدايات 2017 بمشروع قانون "يخضع جميع القرارات التجارية التي تتخذها السلطة التنفيذية (بما فيها زيادة الرسوم الجمركية) لموافقة الكونغرس".
من هنا تأتي أهمية أحداث الأسبوع الماضي التي حولت الاعتراضات الهامسة من بعض رجال الأعمال الأمريكيين إلى تحركات جادة ومنظمة لتجريد ترامب من أقوى أسلحته.