تشيرنوبل يتحول إلى وجهة سياحية.. فهل من الآمن زيارته؟

الآن، أصبح تشيرنوبل، موقع الحادث النووي الأكثر دموية في العالم، وجهة سياحية ذات شعبية مدهشة، لكن الإشعاعات القاتلة لا تزال تتغلغل في البيئة حول الموقع

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/06/10 الساعة 07:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/06/10 الساعة 07:51 بتوقيت غرينتش
موقع تشيرنوبل

الآن، أصبح تشيرنوبل، موقع الحادث النووي الأكثر دموية في العالم، وجهة سياحية ذات شعبية مدهشة، لكن الإشعاعات القاتلة لا تزال تتغلغل في البيئة الطبيعية حول الموقع، فلماذا تكون الزيارة آمنة أصلاً؟

فتح المسؤولون الأوكرانيون المنطقة أمام السياح منذ ما يقرب من عقد من الزمن، وأعلنوا أن الزيارات كانت آمنة، على الرغم من أن الجولات تُنظَّم بصرامة، ومنذ ذلك الحين، توافد آلاف الأشخاص على منطقة تشيرنوبل المحظورة.

صحيح أن الجرعات الكبيرة من الإشعاع يمكن أن تسبب تلف الأنسجة والغثيان الشديد، وتزيد من خطر الإصابة بالسرطان، وذلك وفقاً لجمعية السرطان الأمريكية.

ومع ذلك، فإن الناس في كلِّ مكان على الأرض يغرقون كل يوم في الإشعاع الذي يعد جزءاً طبيعياً من البيئة، ويشمل ذلك الإشعاع الأرضي المنبعث من الأرض نفسها، والإشعاع الداخلي الذي تولده الكائنات الحية، والإشعاع الكوني الصادر عن الشمس والنجوم، وفقاً للجنة المراقبة النووية الأمريكية (NRC).

مكتب سياحي في تشيرنوبل
مكتب سياحي في تشيرنوبل

أنقاض المفاعل لاتزال مشعة جداً

لا تزال أنقاض مفاعل تشرنوبل، الموجود الآن تحت غلاف معدني، مشعة للغاية، ومن المرجح أن تظل كذلك لمدة تصل إلى 20 ألف عام.

ومع ذلك، فإن المناطق المفتوحة الآن للجمهور في تشيرنوبل ربما تلقت في البداية جرعات أقل من الإشعاع، على الرغم من قربها من المفاعل المدَمَّر، وفقاً لما قاله ميتلر لموقع Live Science.

وأضاف ميتلر أن المستويات الطبيعية للإشعاع حول تشيرنوبل عموماً كانت أيضاً أقل من المتوسط العالمي قبل الحادث، مما قد يكون ساعد في التخفيف من زيادة الإشعاع الناتجة عن الحادث.

سائح يأخذ صور لبقايا أقنعة في تشيرنوبل
سائح يأخذ صور لبقايا أقنعة في تشيرنوبل

السياحة في تشيرنوبل

ومع ذلك، فإن المخاوف المستمرة من الإشعاع المتعلقة بالسلامة تجعل السياح مقيدين بمناطق معينة، ولا يُسمح لهم بالتجول بمفردهم، كما كتب قادة الرحلات في Chernobyl Tour على موقع الشركة الأوكرانية.

تبدأ جولة السياحة في تشيرنوبل بزيارة لمدة يوم واحد في المتوسط، وتنتهي بمرورها عبر نقطة تفتيش رسمية للتحكم في قياس الجرعات، أو قياس الإشعاع، وهناك نقطة تفتيش إضافية للإشعاع في منتصف الرحلة، وفقاً لوكالة أوكرانيا الحكومية لإدارة المنطقة المحظورة.

قال ممثلو جولات تشيرنوبل إنه لا يجوز للزوار لمس أي هياكل أو نباتات أو إزالة أي شيء من المنطقة، ويُحظَر عليهم الجلوس أو وضع أي معدات للكاميرا على الأرض.

قال أنطون تارانينكو، رئيس إدارة السياحة والترويج في إدارة مدينة كييف، في الآونة الأخيرة، إن حوالي 60 ألف سائح زاروا تشيرنوبل في عام 2016؛ وقال تارانينكو، بحسب وكالة الأنباء الوطنية الأوكرانية، إنه من بين جميع الوجهات السياحية الأكثر شعبية في أوكرانيا، فإن "منطقة تشيرنوبل هي الرائدة".

زعم ممثلو وكالة السياحة الأوكرانية أن الحجوزات إلى تشيرنوبل ارتفعت بنسبة تقارب 30% في شهر مايو/أيار، ومن المرجح أن تكون أعلى خلال أشهر الصيف بسبب شعبية سلسلة HBO الأخير "Chernobyl"، وفقاً لما ذكره موقع Live Science في وقتٍ سابق.

الإنسان يتعرض للإشعاعات دائماً

في المتوسط، يتعرض أي شخص في الولايات المتحدة -على سبيل المثال- لحوالي 3 مللي زيفرت (mSv) من الإشعاع كل عام، والذي يعتبر جيداً ضمن مستويات التعرض الآمن.

وتراوحت إشعاعات تكنولوجيا التصوير الطبي بين أقل من 1 مللي زيفرت وحوالي 20 مللي زيفرت في بعض عمليات التصوير المقطعي المُحوسب، حسبما أفادت الكلية الأمريكية للأشعة.

يمكن أن تؤدي الجرعات الإشعاعية التي تتراوح من 50 إلى 200 مللي زيفرت إلى تلف الكروموسومات، بينما يمكن أن تسبب الجرعات التي تتراوح من 200 إلى 1000 مللي زيفرت انخفاضاً مؤقتاً في عدد خلايا الدم البيضاء.

وتحدث الأمراض الخطيرة الناجمة عن الإشعاع عند التعرُّض لحوالي 2000 مللي زيفرت، ويموت الشخص في غضون أيام عند التعرض لـ10 آلاف مللي زيفرت، وفقاً لـAtomic Archive.

لكن ما حجم الأشعة التي تعرض لها عمال تشيرنوبل؟

بعد وقت قصير من انصهار قلب المفاعل النووي في تشيرنوبل، تعرَّض العشرات من عمال التنظيف في المفاعل لمستويات إشعاع عالية وصلت إلى 8 آلاف إلى 16 ألف مللي زيفرت، أي ما يعادل 80 ألفاً إلى 160 ألف عملية أشعة سينية على الصدر.

وقد أدى ذلك إلى إصابة 134 عاملاً على الأقل بمرض إشعاعي خطير، وتسبب في 28 حالة وفاة.

مجموعة من السياح في موقع تشرينوبل
مجموعة من السياح في موقع تشرينوبل

عندما انفجر مفاعل تشرنوبل، أطلق مستويات إشعاعية قاتلة، ولكن الآثار الإشعاعية لم  تنتشر بالتساوي في جميع أنحاء المنطقة المحيطة، بسبب الظروف الجوية وتغير الرياح.

وقال فريد ميتلر، الأستاذ الفخري والبروفيسور الطبي في قسم الأشعة في جامعة نيومكسيكو مدرسة الطب، إن المواقع التي كانت بعيدة عن المفاعل أصبحت بؤراً إشعاعية ساخنة، وكانت هناك قرى قريبة بشكل معقول من المفاعل، ولم يصبها الكثير من التلوث.

حتى داخل القرى، لم يكن انتشار الإشعاع متساوياً، ويمكن أن يختلف من شارع إلى شارع، كما علم ميتلر عندما زار المنطقة من عام 1989 إلى عام 1990 مع اللجنة العلمية للأمم المتحدة المعنية بآثار الإشعاع الذري (UNSCEAR).

تحميل المزيد