التابلت المصري.. قصة إحباط وألم للمواطن، والنظام يتغنَّى بتطوير التعليم

عربي بوست
تم النشر: 2019/05/22 الساعة 17:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/05/22 الساعة 18:44 بتوقيت غرينتش
قوات الأمن المصرية نفذت حملات اعتقالات ضد طلاب اعترضوا على نظام التابلت - فيسبوك

التعليم في مصر قصة فشل بامتياز منذ عقود طويلة، ومصطلح "تطوير التعليم" ربما يكون من أكثر المصطلحات تردداً على لسان المسؤولين في أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، لكن ما حدث هذه الأيام في امتحانات الفصل الثاني من العام الدراسي الحالي لطلاب الصف الأول من المرحلة الثانوية جاء كاشفاً لمدى انفصال النظام عن مواطنيه، فما هي قصة التابلت؟

تطوير التعليم على الطريقة المصرية

دعونا نبدأ القصة على لسان طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، الذي يرى أن وزارته "تسعى إلى تطوير نظام التعليم من جذوره"، واصفاً ما يتم داخل الوزارة بأنه بمثابة "عشرات المشروعات القومية التي تنفذها الدولة في مجالات التعليم".

ولنتوقّف عند ما يسميه الوزير بملحمة تطوير المناهج، ونتوقف عند جملة أن "كل سطر من المناهج الجديدة روجع داخل وخارج مصر"، مضيفاً أن التفكير في المناهج الجديدة ووضعها كان قبل الدراسة بأربعة أشهر فقط!

التابلت نموذج للتطوير

التابلت .. قصة فشل وخيبة أمل

قال الوزير إن طلاب الصف الأول الثانوي سيمتحنون المناهج الجديدة على التابلت، أي أن الامتحانات ستكون إلكترونية، ولِضمان سير الامتحانات بسلاسة تقرَّر إجراء امتحانات تجريبية في مارس/آذار الماضي.

من المهم أن نذكر هنا تأكيد الوزير على أن الإجابة عن الأسئلة في النظام الجديد تعتمد على التفكير والإبداع وليس الكتاب، مضيفاً: "الطالب مش هيلاقي الإجابة بشكل مباشر في الكتاب، لكن هيقدر يستنتجها من مجموع اللي درسه"، بحسب موقع صحيفة أخبار اليوم الحكومية.

تم بالفعل إجراء الامتحانات التجريبية في مارس/آذار الماضي، وجاءت كاشفة بالفعل للوضع المتردّي على كل المستويات، فالسيستم لا يعمل في معظم الأحيان، والطلاب وأولياء الأمور أصابهم الغضب والاستياء والخوف على مستقبلهم.

ماذا حدث في امتحان "أولى ثانوي"؟

جاءت ردود الوزير في نفس السياق الذي يتبناه، وهو أن عملية إدخال التابلت في منظومة التعليم نقلة عظيمة، وسيتم إصلاح العيوب قبل امتحانات النصف الثاني من العام الدراسي، التي انطلقت مطلع الأسبوع الحالي، فماذا حدث؟

أحد أولياء الأمور من محافظة كفرالشيخ ابنته في الصف الأول الثانوي، حكى التجربة في أول أيام الامتحانات على لسان ابنته:

"الطلاب جلسوا في أماكنهم ومعهم التابلت، في انتظار بداية وقت الامتحان، ولكن السيستم لم يفتح. نقلوهم إلى لجان أخرى داخل المدرسة ليجيبوا من خلال الورقة والقلم، وبعد نحو نصف ساعة أخبرهم المراقبون أن السيستم فتح، وأنهم سيُكملون من خلال التابلت، وبالفعل انتقل الطلاب لمقر الإجابة من خلال التابلت، وبدأوا الإجابة، وقبل أن تجيب ابنتي -المتفوقة للغاية والأولى على الإدارة منذ الصف الأول الابتدائي- على ربع الأسئلة، أخبروهم أن الوقت انتهى، وعندما احتجَّ الطلاب أخبرهم المراقبون ألا يقلقوا وأن الكل ناجح!"

ولي الأمر الذي يمتهن المحاماة أضاف أن ابنته مصابة بالإحباط الشديد، وتشعر بالظلم لأن مجهودها في المذاكرة طوال العام ضاع هباءً، حيث ستتساوى بسبب "نظام التابلت الفاشل" مع من لم يبذل مجهوداً طوال العام.

كيف ردّ الوزير؟

طارق شوقي من جانبه أرجع فشل السيستم وما تعرَّض له الطلاب لنقص الموارد المالية لدى الوزارة، في تصريحات أثارت عاصفةً من السخرية والاستنكار عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

ونقلت الصحف المصرية عن شوقي تفسيره لسبب وقوع سيستم امتحانات الصف الأول الثانوي بقوله: "مدفعناش فلوس الإنترنت ومفيش فلوس في جيبنا".

"الوزير كأنه عايش في المريخ، ولا علاقة لكلامه بالواقع أصلاً"، العبارة على لسان مدرس أول لغة عربية في إحدى المدارس الثانوية بمحافظة الغربية، لـ "عربي بوست"، رفض أن نذكر اسمه خوفاً من "البهدلة".

السوشيال ميديا نافذة لعكس الواقع

وفي ظل سيطرة النظام المصري المطلقة على وسائل الإعلام، لم يعد أمام أولياء الأمور والمعارضين سوى اللجوء لمواقع التواصل الاجتماعي، للتعبير عمَّا يحدث على أرض الواقع، بعيداً عن تصريحات الوزير وقيادات التعليم، والتهليل المستمر من جانب القنوات والصحف والمواقع الحكومية.

في هذا السياق أصبح التابلت من أبرز التريندات على موقع تويتر منذ الأحد وحتى اليوم الأربعاء 22 مايو/آذار 2019، وأحد تلك التريندات #التابلت_طلع_فشنك يحمل صوراً وفيديوهات لرجال أمن يحاصرون مدارس، ويعتدون بوحشية على طلاب وطالبات حاولوا التعبير عن غضبهم مما سبَّبه لهم التابلت!

وانتشرت عشرات الفيديوهات والصور من شتى محافظات الجمهورية لطلاب وطالبات يحاولون التظاهر، ويرددون هتافات ضد نظام التعليم والوزير، وسط بطش وحشي في بعض الحالات من رجال الشرطة.

وقد نشرت صحيفة المصري اليوم تقريراً حول خروج مظاهرات في سوهاج في صعيد مصر، والدقهلية في وسط الدلتا، من طلاب وأولياء أمور طالبوا بإقالة الوزير، وهو ما يعكس حالة الغليان التي تسبَّب فيها "نظام التابلت".

وبحسب بيانات وزارة التربية والتعليم لم يتمكن سوى  128 ألف طالب فقط من أداء الامتحان إلكترونياً، بينما يبلغ عدد الطلاب 600 ألف، فيما اتجهت معظم المدارس للامتحان الورقي البديل.

تحميل المزيد