مصائب إيران عند السعودية فوائد.. دعوة لقمم خليجية وعربية لتأكيد الزعامة؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/05/20 الساعة 14:40 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/05/20 الساعة 19:02 بتوقيت غرينتش
دول الخليج قد تتراجع عن التزاماتها مع أمريكا في حالة الخطر/ رويترز

من حيث الشكل إيران والولايات المتحدة الأمريكية هما طرفا التوترات المستعرة حالياً في الخليج، إلا أن السعودية أكثر جرأة في توجيه الاتهامات لطهران من واشنطن، وجاءت دعوة العاهل السعودي لعقد قمة خليجية وأخرى عربية في الأيام القليلة القادمة لتكشف عن سعي الرياض لاستعراض دورها القيادي في المنطقة وتأكيد جهوزيتها لكل الاحتمالات، فما هي أبعاد القصة وماذا ينتظر المنطقة من جراء الطموحات السعودية؟

هل اختيار التوقيت كاشف للنوايا؟

الدعوة السعودية لعقد قمة خليجية وأخرى عربية جاءت في أعقاب تعرض 4 سفن لعملية تخريب قبالة سواحل الإمارات العربية المتحدة الأسبوع الماضي، وكانت الرياض أول من وجه اتهاماً مباشراً لإيران بالوقوف وراء عملية التخريب، وهو ما نفته إيران بشكل قاطع.

ثم جاءت عملية استهداف المتمرّدين اليمنيّين المدعومين من إيران محطّتَي ضخّ لخط أنابيب نفط رئيسي في السعودية بطائرات بلا طيّار، لتوجه السعودية لإيران اتهاماً مباشراً بإعطاء الأوامر للمتمرّدين اليمنيّين بمهاجمة منشآتها النفطية.

وفي خطوة مفاجئة دعت السعودية مساء السبت إلى عقد قمّتَين "طارئتين"، خليجيّة وعربيّة، للبحث في "الاعتداءات وتداعياتها على المنطقة (…) وعلى إمدادات واستقرار أسواق النفط العالمية"، في مكّة المكرمة في 30 أيار/مايو، وذلك عشيّة قمّة إسلاميّة تستضيفها مكة أيضاً.

تصعيد سعودي مفاجئ

وتزامن ذلك مع قيام الرياض  باستخدام نبرة أكثر استفزازاً بشأن التوترات مع إيران، فقال الأمير خالد بن سلمان، نائب وزير الدفاع وشقيق حاكم البلاد الفعلي ولي العهد محمد بن سلمان، الخميس 16 مايو/أيار 2019، إنَّ الهجوم بالطائرات بدون طيار على المنشآت النفطية السعودية من جانب المتمردين الحوثيين في اليمن كان "بأمرٍ" من إيران.

وفي خطوة تصعيدية أخرى الأحد، حذّر وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجيّة عادل الجبير في مؤتمر صحافي في الرياض من أنّ المملكة قادرة على مواجهة إيران عسكريّاً، رغم أنّها لا تسعى إلى الحرب.

وأوضح أنّ بلاده "لا تريد حرباً ولا تسعى لذلك، وستفعل ما بوسعها لمنع قيام هذه الحرب، وفي الوقت ذاته تؤكّد أنّه في حال اختيار الطرف الآخر الحرب، فإنّ المملكة ستردّ على ذلك بكلّ قوّة وحزم وستدافع عن نفسها ومصالحها".

وترى إليزابيث ديكنسون المحلّلة في مجموعة الأزمات الدولية، أنّ "حملة الضغوط الأمريكية على إيران لا تحظى بتأييد كبير في الغرب، لكنّ الرياض تريد أن تظهر (للعالم) أنّ المنطقة تؤيّد" هذه الضغوط، بحسب وكالة فرانس برس الإثنين 20 مايو\أيار.

وأضافت أنّ السعودية "تبني، بنظرها، أقوى تحالف عربي إسلامي للتصدّي لإيران".

هل الرياض تريد الحرب فعلاً؟

الغريب أن إيران والولايات المتحدة أعلنتا مراراً وتكراراً عن عدم رغبة كل منهما في الدخول في حرب مع الآخر، في حين تتزايد وتيرة الاتّهامات السعوديّة والحديث عن احتمال نشوب حرب.

ورغم أن قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي أقرّ السبت بأنّ بلاده منخرطة حالياً في "حرب استخبارات شاملة" مع الولايات المتحدة، إلا أن وزير الخارجيّة محمد جواد ظريف قال في ختام زيارة للصين السبت "إنّنا متأكّدون (…) لن تكون هناك حرب لأنّنا لا نريد حرباً، ولا أحد لديه أوهام بأنّ بوسعه مواجهة إيران في المنطقة".

كيف يمكن قراءة موقف الإمارات؟

الموقف الأخير للإمارات وهي الحليف الأبرز للسعودية جاء هادئاً على عكس المتوقع، حيث دعت أبوظبي إلى خفض التوتّر نظراً إلى حساسيّة المرحلة.

وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش الأربعاء في دبي "نحن ملتزمون بخفض التصعيد، وبالسّلام والاستقرار (…) علينا أن نلزم الحذر وألا نطلق الاتّهامات".

الموقف القطري كان أكثر وضوحاً عندما قلل من التوتر المتصاعد وأشار إلى أن واشنطن وطهران لا تريدان اندلاع حرب في المنطقة، وقال وزير الدولة للشؤون الخارجيّة القطري سلطان المريخي لوكالة فرانس برس على هامش مؤتمر صحافي لصندوق قطر للتنمية أن "ترامب قال إنّه لا يريد الحرب، ولا أعتقد أنّ إيران تريد الحرب أو عدم استقرار في المنطقة"، مضيفاً "أعتقد إذا ابتعدنا عن الأنظمة الطفوليّة في المنطقة، كلّ المشكلات ستتمّ تسويتها".

هل هي فرصة لتوجيه ضربة قاضية؟

بنظرة أكثر عمقاً على التنافس السعودي الإيراني حول النفوذ الإقليمي نجد أن هذا التنافس ظل طوال السنوات الأخيرة يعبر عن نفسه في كل أحداث المنطقة خصوصاً منذ غزو العراق عام 2003 مروراً بثورات الربيع العربي في 2011 وتحديداً الثورة السورية التي تحولت لحرب أهلية وأخيراً حرب اليمن.

غزو العراق أفاد إيران بصورة واضحة اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً، وبالتالي تمكنت طهران رغم العقوبات المفروضة عليها من الولايات المتحدة والغرب من زيادة نفوذها في المنطقة وأصبحت في موقف قوي لمساندة حليفها بشار الأسد في سوريا وكذلك دعم الحوثيين في اليمن مسببة خسائر فادحة للرياض في كلا الجبهتين.

أي أنه على مدى العقود الماضية ظل التنافس السعودي-الإيراني يعبر عن نفسه من خلال وكلاء سواء في سوريا أو اليمن أو لبنان، وبالتالي ترى الرياض الفرصة سانحة الآن كي تقوم واشنطن بمهمة تقليم أظافر إيران عسكرياً وسياسياً من خلال وجود رئيس في البيت الأبيض تمكنت الرياض من السيطرة عليه بشكل واضح.

حرب اليمن

تصعيد اللهجة السعودية في الأيام الأخيرة جاء متزامناً مع رغبة ترامب المعلنة مؤخراً في تهدئة الأجواء بإعلانه أنه لا يتمنى أن تدخل واشنطن الحرب مع طهران، كما أن وزير الخارجية مايك بومبيو أجرى اتصالاً بولي العهد السعودي محمد بن سلمان الأحد 19 مايو/أيار لمناقشة التطورات في المنطقة دون الكشف عن تفاصيل ما دار في المكالمة، بحسب وول ستريت جورنال.

يمكن قراءة التطورات التصعيدية الأخيرة في إطار رغبة الرياض في عدم انتهاء الأزمة الحالية دون الحصول على ضمانات تكبح جماح إيران وتحجم دورها في المنطقة سواء اندلعت الحرب أو تم التوصل لحلول دبلوماسية.


تحميل المزيد