القصة المذهلة لشارلوت، أول ملكة لإنجلترا من أصول إفريقية

قبل وقت طويل من المولود الملكي الجديد آرتشي، نجل الأمير هاري والدوقة ميغان ماركل، كان الأصل الإفريقي موجوداً بالفعل في العائلة المالكة البريطانية.

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/05/15 الساعة 22:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/05/15 الساعة 22:52 بتوقيت غرينتش
القصة المذهلة لشارلوت، أول ملكة لإنجلترا من أصول إفريقية

قبل وقت طويل من المولود الملكي الجديد آرتشي، نجل الأمير هاري والدوقة ميغان ماركل، كان الأصل الإفريقي موجوداً بالفعل في العائلة المالكة البريطانية.

وفقاً لسجلِّ الأنساب، كانت صوفيا شارلوت من مكلنبورغ-ستريليتس (1744-1818)، ملكة إنجلترا وزوجة الملك جورج الثالث (1738-1820)، سليلة مباشرة لامرأة إفريقية.

بحسب موقع BBC Mundo الإسباني، قُدِّمت البيانات لأول مرة في عام 1996، خلال برنامج Frontline لقناة PBS الأمريكية.

في البرنامج، أشار المؤرخ ماريو دي فالديس واي كوكوم، المتخصص بموضوع الشتات الإفريقي، إلى أن هناك مؤشرات قوية تؤكد قصة أن شارلوت كانت سليلة لمدراجانا بنت الواندرو (1230 -؟)، عشيقة الملك البرتغالي ألفونسو الثالث (1210-1279)، ويفصل بينهما 15 جيلاً.

وصف المؤرخ من القرن السادس عشر، دوارتي نونيز دي لياو، عشيقة ألفونسو الثالث بأنها امرأة من المورو، كما كانوا يطلقون في أوروبا على الأشخاص الذين تعود أصولهم إلى شعوب شمال إفريقيا.

بورتريه للملكة شارلوت

والصلة التي تربط هذه المرأة مع شارلوت، وفقاً لماريو دي فالديس وكوكوم، هي النبيلة مارغريتا من كاسترو وسوسا، والتي عاشت في القرن الخامس عشر.

وقال المؤرخ في عام 1996: "إن الملكة شارلوت، زوجة ملك إنجلترا جورج الثالث، انحدرت مباشرة من مارغريتا من كاسترو وسوسا، الفرع الإفريقي في البيت الملكي البرتغالي".

وفقاً لفالديس وكوكوم، تم حل لغز أصول الملكة شارلوت الإفريقية بعد تحليل صور الأشخاص ذوي الملامح الإفريقية في اللوحات الفلمنكية التي تعود للقرن الخامس عشر.

وأضاف: "تم الحصول على أدلة تُثبت أن هذه الشخصيات ذات الملامح الإفريقية في اللوحات، على الأرجح، كانت من أفراد العائلة المالكة البرتغالية".

اللوحات

في حالة اللوحات التي رُسمت لشارلوت، فإن الأدلة العرقية واضحة أكثر في الأعمال التي رسمها الفنان ألان رامزي (1713-1784).

تلك اللوحات صنعت تاريخاً. في كتاب African Impact: Historical Cross Reference، يخصص الباحث جوزيف جونسون فصلاً للملكة شارلوت، يسلط الضوء على أن الملامح الإفريقية واضحة في لوحات رامزي، وأن أصل نسبها أكده علم الأنساب.

يستشهد جونسون أيضاً بالطبيب كريستيان فريدريش فريهر فون ستوكمار، المقرب من الملوك البريطانيين، والذي وصف شارلوت أيضاً بأنها امرأة ذات "وجه مولاتو".

مؤلف كتاب "موسوعة الوجود الأسود في تاريخ وثقافة أوروبا"، إريك مارتون، يؤيد هذه الأطروحة.

يشير مارتون في كتابه إلى قصة العشيقة الشهيرة لألفونسو الثالث، على الرغم من أنه يوضح أنه لا يُعرف عن حياتها سوى القليل.

ويضيف أنه على الرغم من أنها ليس لها "تأثير مهم في تاريخ البرتغال، فإن هناك اهتماماً كبيراً بشأنها في المملكة المتحدة، لا سيما بأصولها العرقية؛ إذ إنها جدة للملكة إليزابيث الثانية وعائلتها".

يستشهد مارتون بأشهر أحفاد علاقة ألفونسو الثالث مع عشيقته: مارغريتا من كاسترو وسوسا.

وقال: "مارغريت كانت نبيلة تزوجت جان الثاني، كونت نوفشاتيل ولورد مونتاجو وفونتينوي".

وأضاف: "إن أحفاد هذا المنزل يضمون عديداً من النبلاء من المنازل الأوروبية المختلفة، ومن ضمنهم شارلوت من مكلنبورغ-ستريليتس، التي أصبحت في النهاية ملكة إنجلترا".

صاحبة الجلالة البريطانية الحالية، إليزابيث الثانية، هي سليلة مباشرة لأحد أبناء هذين الزوجين.

الخلفية التاريخية

يؤكد الخبير في موضوعات الملكية الأوروبية، باولو ريزوتي، أن الملك ألفونسو الثالث قد أنجب من علاقة غير شرعية.

وأوضح ريزوتي: "كانت لديه بالفعل عشيقة وأنجب طفلين منها، لكنها لم تكن سوداء، كانت عربية، من شمال إفريقيا، ولديها بشرة فاتحة، وتشبه المغاربة إلى حد كبير".

قال ريزوتى إنه من الممكن أن يكون أحد المتحدرين من العلاقة غير الرسمية قد تم الاعتراف به باعتباره نبيلاً؛ ومن ثم فقد شارك في إحدى تلك الزيجات التي كانت تتم بين البيوت الملكية الأوروبية في ذلك الوقت.

يقول: "لم يكن غريباً أن يصبح أطفال الملوك غير الشرعيين نبلاء، على سبيل المثال، تنحدر عائلة براغانزاس الملكية، التي حكمت البرتغال قرنين تقريباً، من ابن غير شرعي لعائلة أفيز الملكية".

يشير ريزوتي، وهو كاتب سيرة الإمبراطور البرازيلي بيدرو الأول (1798-1834)، إلى أن الإمبراطور، عندما اعترف بدوقة غوياس كابنته -وُلدت من علاقة مع عشيقته ماركيزا دي سانتوس- أرسل مقالاً للنشر في صحف ريو دي جانيرو حول هذا الموضوع.

وأضاف: "أوضح النص أنه في البرتغال، كما هو الحال بالمنازل الأوروبية الأخرى، كان من الشائع الاعتراف بالأبناء غير الشرعيين، كما أضاف أن عديداً من المنازل الملكية نجت بفضل هذا النوع من الممارسات".

يشير المؤرخ أيضاً إلى أنه في عهد الملكة شارلوت، لم يكن كون أحدهم أسود بالضرورة سبباً للتمييز في أوروبا.

وقال: "لم يكن غريباً أن نجد السود في عديد من الملكيات الأوروبية بمواقع مرموقة، وعادة ما يصبحون نبلاء".

يتذكر المؤرخ، على سبيل المثال، حالة الكاتب الروسي ألكسندر بوشكين (1799-1837)، سليل أبرام بتروفيتش غانيبال، وهو رجل أسود ينتمي إلى بلاط القيصر بطرس الأكبر.

في كتاب Legal History of the Color Line، يضع المؤرخ فرانك و. سويت الملكة شارلوت بجانب شخصيات بارزة أخرى تنحدر من أصل إفريقي، إلى جانب بوشكين، والكاتب الفرنسي ألكسندر دوماس (1802-1870) وعالِم الطبيعة جون جيمس أودوبون (1785 – 1851).

ومع ذلك، هناك خلاف بين الخبراء حول الأدلة التي تشير إلى أصول شارلوت الإفريقية.

في حديثه لصحيفة "بوسطن غلوب"، قال ديفيد ويليامسون، المحرر المشارك السابق في Debrett's Peerage (دليل النبلاء البريطانيين)، إن الصلة بين مادراجانا وكارلوتا كانت بعيدة جداً.

قال مؤرخون بريطانيون لصحيفة The Guardian، إن "المسافة بين الأجيال بين شارلوت وجدِّتها الإفريقية المزعومة كبيرة جداً، لدرجة أنها تجعل هذا الافتراض مثيراً للسخرية".

في عام 2017، سألت صحيفة "بوسطن غلوب" المتحدث باسم قصر باكنغهام، ديفيد باك، عن هذه القصة، وأجاب الأخير: "كانت هناك شائعات منذ سنوات".

واختتم بقوله: "بصراحة، إنها مسألة تاريخية، ولدينا أشياء أكثر أهمية يجب القيام بها".

شارلوت

وُلدت صوفيا كارلوتا في ميرو، بالإمبراطورية الرومانية المقدسة آنذاك، وكانت شغوفة بالفنون، وأقامت علاقة صداقة مع الموسيقار العظيم يوهان كريستيان باخ (1735-1782)، الذي تعلمت منه دروس الموسيقى، وولفغانغ أماديوس موزارت (1756-1791).

كانت أيضاً مغرمة بعلم النبات وساعدت في إعادة إنشاء حدائق باكنغهام الملكية، وهي تُعتبر واحدة من مؤسسي الحدائق النباتية الملكية في كيو ببلندن، والمعروفة باسم حدائق كيو.

شغلت شارلوت المرتبة الثانية لأكثر زوج ملكي على العرش البريطاني: 57 سنة و70 يوماً، إذ يسبقها زوج الملكة الحالية إليزابيث الثانية، الدوق فيليب، منذ عام 1947.

تحميل المزيد