قدَّم المنتخب المغربي أداء كبيراً في أولى مبارياته بكأس العالم منذ بطولة فرنسا 1998، لكنه أضاع فوزاً كان في المتناول؛ بسبب رعونة لاعبيه أمام المرمى، هذا الفوز المحتمل تحوَّل عن طريق رأس عزيز بوحدوز إلى خسارة مريرة من المنتخب الإيراني في الدقائق الأخيرة، في سيناريو مشابه لخسارة مصر أمام أوروغواي.
في قادم السطور، سنحاول الاطلاع على ما حدث في المباراة التي جمعت بين المغرب وإيران الجمعة 15 يونيو/حزيران 2018 ضمن منافسات المجموعة الثانية لكأس العالم 2018.
بداية "ولا أروع"
بدأ المنتخب المغربي المباراة بطريقة مثالية؛ مستخدماً سلاح الضغط العالي بشكل "هستيري"، ما أربك لاعبي المنتخب الإيراني بشكل واضح، حيث استغل "أسود الأطلس" ضعف ظهيري الجنب في المنتخب الإيراني وكثَّفوا هجماتهم عن طريق الأجنحة، مستغلين قدرات كل من أمين حارث على الرواق الأيسر، وحكيم زياش على الرواق الأيمن، ما خلق العديد من الفرص السانحة للتسجيل.
كما كان انتشار لاعبي المغرب وسط الملعب أكثر من ممتاز خلال الشوط الأول، ما حرم إيران من الكرة أغلب الوقت ومنعها من تشكيل أي خطورة تُذكر على حارس المرمى المغربي. لقد سيطر المغربيون على مجريات الأمور بـ "الطول والعرض" خلال الشوط الأول، ولم يعطوا أي متنفَّس لرجال المدرب البرتغالي كارلوس كيروش، لكن تناوَب على إهدار الفرص كل من مهدي بن عطية وأيوب الكعبي وأمين حارث بتسرع غير مبرر ورعونة شديدة.
لأن البدايات لا تدوم…
مع بداية الشوط الثاني، استطاع المنتخب الإيراني لمَّ شمل لاعبيه وإيقاف المد الهجومي العنيف لـ "أسود الأطلس"، ومنعهم من اختراق دفاعاته عن طريق التكتلات الدفاعية القوية والمنظمة للغاية، مع الاعتماد على الهجمات المرتدة السريعة والمنظمة للتسجيل، وهو ما بدأ يؤتي ثماره مع منتصف الشوط الثاني عندما بدا المنتخب المغربي عاجزاً عن تهديد مرمى الإيرانيين مع خطورة واضحة لهم في الهجمات المرتدة.
وحتى تبديلات الفرنسي هيرفي رينادر، مدرب المنتخب المغربي، لم تجد نفعاً في تغيير الأحوال، وإنما بقي المنتخب الإيراني قوياً مع إمكانية تهديده مرمى الحارس منير محمدي.
الحلم صار كابوساً!
مع إشارة الحكم التركي جونيت شاكير إلى الحكم الرابع بإعلان 6 دقائق وقتاً بدل ضائع، راود المغاربة حلم تسجيل هدف قاتل يُبقي آمالهم قائمة في التأهل من هذه المجموعة الصعبة.
وبالفعل، انطلق زياش في إحدى اللقطات "العنترية"، لكنَّ محاولته باءت بالفشل، ليؤمن الجميع حينها بأن الحصول على نقطة واحدة وضياع الفوز هو واقع لا مفر منه. لكن عزيز بوحدوز أبى إلا أن "يُهدي" النقاط الثلاث لإيران بعدما حوَّل الكرة برأسه إلى شباك مرماه بمهارة يُحسد عليها، ليعلن وفاة الحلم المغربي إكلينيكياً.
أرقام وإحصائيات
توضح الاحصائيات الواردة من موقع Who Scored تفوق المنتخب المغربي، حيث كان الأكثر استحواذاً، وتسديداً، وتمريرًا ناجحاً، ومرواغة، وحصولاً على ركنيات، وفوزاً بالصراعات الهوائية وخلقاً للفرص، لكن مباريات كرة القدم تحسم عن طريق الأهداف المسجلة فقط لا غير.
توضح الصورة الثانية، كيف استغل الفريق المغربي أطرافه بتركيز واضح لاستغلال ضعف أظهرة المنتخب الإيراني، وتحديدًا الجانب الأيسر الذي شن "أسود الأطلس" منه قرابة نصف هجماتهم طيلة المباراة بقيادة الصغير أمين حارث لاعب نادي شالكه الألماني، ما أدى إلى إهمال واضح في الإختراق من العمق، فقط (23 %) من محاولات المغرب جاءت عن طريق العمق.
هذا التصميم على الإختراق عن طريق الأطراف التي تم إغلاقها مع بداية الشوط الثاني عن طريق المدرب كيروش أضاع من المنتخب المغربي 45 دقيقة بلا طائل.
خسر المغرب مباراة كانت بمثابة المفتاح السحري للعبور لدور الـ 16 وأصبح الآن بحاجة إلى معجزة حقيقية للتأهل.. فهل تتحقق المعجزة على حساب البرتغال وإسبانيا؟