حميدتي.. تاجر الإبل الذي مدته السعودية بدبابات وتصنع منه الإمارات حفتر جديد في السودان

عربي بوست
تم النشر: 2019/05/06 الساعة 11:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/05/06 الساعة 11:57 بتوقيت غرينتش
نائب المجلس العسكري السوداني الحاكم محمد حمدان دقلو/ مقطع فيديو

بعد قرابة الشهر على تنحي الرئيس السوداني عمر البشير لمع اسم رجل كان قبل 11 أبريل/نيسان 2019، -يوم رحيل الجنرال- لا يعرفه أحد إلا السودانيون كما كان يعد يد البشير اليمنى التي يضرب بها خصومه وقتما شاء لكنه أصبح صاحب الكلمة العليا في السودان الآن إنه الفريق محمد حمدان دقلو الذي لقبه البشير نفسه بـ"حميدتي" تحبباً وتلطفاً.

حميدتي، أصبح نائباً لرئيس المجلس العسكري الحاكم الآن عقب الإطاحة بالرئيس عمر البشير، رفض في البداية المشاركة في المجلس العسكري، لكن هذا الرفض لم يستمر إلا يومين، بعدها وافق تاجر الإبل السابق على أن يكون الرجل الثاني في السودان الآن، وربما الأول.

فمن هو حميدتي وكيف أصبح قوة لا يستهان بها في السودان؟ وعلى أي دعم يستند هذا الرجل، الذي لم يكمل تعليمه وانتهى به الحال تاجراً للإبل؟!.

من هو حميدتي؟

عمل محمد حمدان دقلو "حميدتي" بالتجارة في مدينة "مليط" عام 1989، وهو نفس العام الذي انقلب فيه العميد (آنذاك) عمر البشير على ثاني نظام ديمقراطي بالسودان.

وظل "حميدتي" يعمل في التجارة المنقولة بين مدينتي "مليط" و"نيالا" ثلاث سنوات، حتى حققت تجارته وأعماله نجاحاً بين السودان وتشاد ودارفور وجنوب ليبيا.

بعد انقلاب الأوضاع في دارفور، أكبر إقليم بالسودان، وحدوث تمرد من حركات مسلحة، حمل "حميدتي" وبعض أقرانه من قبيلة "الرزيقات" السلاح ضد حركات التمرد لحماية قطعان الإبل التي يملكها.

حميدتي محمد حمدان دقلو السودان
الجنرال محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع/ رويترز

سعى "حميدتي" لتقنين وضعهم  كـ"جنود" للحصول على وضع قانوني خاص، ونجح في ذلك بعد زيارة إلى الخرطوم، حيث تلقف الجيش باستحسان فكرة وجود قوات مساندة له لمحاربة حركات دارفور، التي تمكنت عام 2003 من الهجوم على مدينتي "الفاشر" و"الجنينة".

ينتمي "حميدتي" إلى عشيرة الماهرية أحد بطون قبيلة الرزيقات، وهو ابن عم موسى هلال، الزعيم الأهلي لعشيرة المحاميد، أحد فروع قبيلة الرزيقات.

عرف عنه قربه من جنوده، وبساطته في التحدث والتعامل مع الناس، مع إكرامه للضيوف ومشاركته لجميع القبائل في أنشطتها، وعلاقات جيدة مع قبيلة الزغاوة، التي يشكل بعض أبنائها عماد "حركة العدل والمساواة".

وعين "حميدتي" قائداً لقوات الدعم السريع (ق د س) برتبة "فريق أول"، وهي قوات خاصة يغلب عليها أبناء قبيلة "الرزيقات"، وشكلت على مبدأ نسق حركات دارفور المسلحة.

وفي البدء عُهد لقوات الدعم السريع مصاحبة وحماية "الأطواف التجارية"، وهي القوافل التي تنقل المؤن والوقود إلى ولايات دارفور ثم توسع دورها لاحقاً.

وتعمل قوات الدعم السريع على منهج سريع وخفيف، لكنه حاسم.

علاقاته بدول الخليج

بعدما برز اسم حميدتي في الأيام الأولى للحراك في السودان سعت دول الخليج ولاسيما السعودية والإمارات إلى ضم حميدتي إلى صفها، فقواته التي وصلت إلى 80 ألف شخص يتمركز 20 ألف منها في الحرب اليمنية بناء على طلب السعودية والإمارات كما أن هذه القوات تقوم بعمليات متقدمة في الجبهات، أهمها حماية الحدود الجنوبية السعودية ومناطق وعرة داخل اليمن.

وعقب مشاركته القوية في اليمن دعمته السعودية بـ 12 دبابة فيما يعد هذا تطوراً نوعياً في قوات حميدتي، خاصةً وأن جنوده لا يعتمدون إلا على عربات الدفع الرباعي التي تصنعها شركة تويوتا اليابانية، حتى بات يطلق عليها السودانيون عليها اسم "تاتشر"، نسبة لرئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر.

أيضاً يبحث حميدتي عن طيارين متقاعدين للعمل معه في قوات الدعم السريع والتي ربما قد تمدها دول الخليج فيما بعد بطائرات حتى تؤسس قوية عسكرية موازية للجيش السوداني الذي نجح البشير في جعل أغلب قياداته من الحركة الإسلامية أو المتعاطفين معها، لكن إذا نجح حميدتي في هذا الأمر فإنه سيقدم فرصة ذهبية للإمارات والسعودية اللتين تعاديان الحركات الإسلامية بشكل علني، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين، خاصة وأن الإمارات لديها سياسة مشابهة لما يحدث في ليبيا وقد تصنع أبوظبي من حميدتي نسخة سودانية من خليفة حفتر.

دور حميدتي في عزل البشير والتقرب من المتظاهرين

عبد الفتاح البرهان المحكمة الجنائية الدولية عمر البشير
الرئيس السوداني السابق عمر البشير/رويترز

مع بداية الحراك في بعض المحافظات الجنوبية في السودان استدعى البشير بعض قوات حميدتي لتأمين العاصمة الخرطوم من أي اضطرابات، فيما حاول حميدتي كسب ود الرئيس أكثر عندما ألقى القبض على عدد من المتظاهرين فيما حدثت صدامات معهم بعد ذلك، لكنه في كل الأحوال نشر قواته في العاصمة والتي استغلها فيما بعد في الإطاحة بالبشير

وفي أثناء الإطاحة بنظام البشير في 12 أبريل/نيسان 2019، كان لـ"حميديي" دور بارز في عزل الرجل، بحسب ما نشرته وسائل إعلام، تمثَّل بأنه كان أحد القادة الذين طالبوا البشير بالرحيل، في حين رفض بعد ذلك تصريحات وزير الدفاع، عوض بن عوف، بشأن الفترة الانتقالية وطالبه بألا تزيد المدة على 6 أشهر وليس عامين، كما أنه اعتذر عن المشاركة في المجلس العسكري قبل أن يقبل بمنصبه الجديد عقب إقالة عوض بن عوف وصلاح قوش.

وكان حميدتي ظهر في مقطع فيديو وقال إن البشير أمره بالتعامل الخشن مع المتظاهرين وقتل الآلاف منهم حتى لو وصل الأمر إلى قتل ثلث الشعب حتى تستتب الأمور لكن حميدتي رفض هذا الأمر من الرئيس وطالبه بالرحيل.

وعقب توليه منصب نائب المجلس العسكري، أمر حميدتي قواته بعمل حملات نظافة للشوارع، أمام القيادة العامة للجيش السوداني، بحجة وجود "أجسام غريبة" خلَّفتها اشتباكات الأيام الماضية.

ومن أجل استمالة المتظاهرين إلى صفه، قال بيان قوات الدعم السريع: "مهمة قواتكم الحفاظ على سلامتكم".

لكن في الفترة الأخيرة توترت العلاقة بشكل كبير بين المجلس العسكري الانتقالي وبين قادة التظاهرات وعلى رأسها تجمع المهنيين السودانيين على حصص الطرفين في المجلس الانتقالي الذي سيشرف على الفترة المقبلة في البلاد.

تحميل المزيد