من منا لم يتساءل وهو صغير: كيف أصبح رائد فضاء؟.. معظمنا أيضاً كان يعتقد أن هذا الحلم الجميل ما هو إلا ضرب من ضروب المستحيل.
في الواقع أن تصبح رائد فضاء هو أمر صعب ويحتاج إلى الكثير من العمل والجهد بالإضافة إلى تضحيتك تقريباً بحياتك الشخصية، لكنه في نهاية الأمر ليس مستحيلاً.
اقرأ أيضاً
كيف أصبح رائد فضاء؟.. في الماضي كانت الشروط معقدة
في بادئ الأمر لم يكن من السهولة بمكان أن تكون أحد رواد الفضاء في وكالة ناسا الدولية.
فعندما تم اختيار أول رواد فضاء في الوكالة في العام 1959، كان أحد شروط اختيارهم التمتع بخبرة طيران في الطائرات النفاثة وخلفية في الهندسة.
ليس هذا فحسب، يجب أيضاً ألا يتجاوز طولهم 1.75 سم ليتناسب مع مركبة الفضاء ميركوري.
في عام 1964، أدركت ناسا أن عمل رواد الفضاء لا يجب أن يقتصر على أولئك ذوي الخبرة الهندسية، فبدأوا بالبحث عن خبراء في العلوم الطبيعية مثل الفيزياء أو الكيمياء أو البيولوجيا.
اقرأ أيضاً
اليوم الوضع مختلف
بتطور أهداف وكالة ناسا، وتنوع مهامها وبعثاتها، تغيرت متطلباتها لرواد الفضاء كثيراً عما مضى.
الخبرة في الطيران والهندسة لم تعودا الطريق الوحيد لخوض تجربة الفضاء الفريدة.
حتى المدرسون يستطيعون السفر إلى الفضاء
الماجستير أو الدكتوراه لم تعودا شرطاً من شروط القبول في وكالة ناسا للفضاء، لكن الحصول على هذه الدرجات العليا بالتأكيد يجعل المرشح أكثر تأهيلاً.
الحاصلون على درجة البكالوريوس في الهندسة أو العلوم البيولوجية أو العلوم الفيزيائية أو علوم الكمبيوتر أو الرياضيات يستطيعون التقدم أيضاً.
أما سنوات الخبرة فيجب ألا تقل عن 3 سنوات في مهنة ذات صلة بطبيعة الدراسة.
حتى إن كانت هذه الخبرة هي عبارة عن 3 سنوات من التدريس لطلاب المرحلة الابتدائية فلا بأس بذلك طالما أن المدرس حاصل على البكالوريوس في العلوم أو الفيزياء أو الرياضيات.
ما لا يقل عن 1000 ساعة يقضيها المرشح بقيادة الطائرة النفاثة ممكن أن تحل محل سنوات الخبرة الثلاث أيضاً.
القدرة على اجتياز اختبار ناسا الجسدي من الشروط الأساسية
من الضروري أن يكون المرشح لائقاً بدنياً وإلا سيصعب عليه التأقلم في الفضاء وقد يعرض الطاقم لمشاكل في حال حدوث أي طارئ طبي له.
امتلاك نظر سليم كان من الشروط الأساسية جداً للعمل كرائد فضاء في الماضي، إلا أن المعايير اختلفت اليوم.
فابتداء من العام 2007 سمحت وكالة ناسا للمتقدمين بإجراء عمليات تصحيح البصر (الليزر أو الليزك)، بشرط مرور عام واحد على الأقل بعد إجراء العملية مع عدم ظهور آثار مضرة على المدى البعيد.
حدة البصر القريبة والبعيدة يجب أن تكون 20\20.
ضغط الدم يجب ألا يزيد على 140\90 في وضعية الجلوس.
الطول يتراوح بين 157.5 و193 سم.
أعمار المرشحين
يعتقد البعض أنه يجب على المتقدمين لمهنة رائد الفضاء أن تكون أعمارهم صغيرة نسبياً، لكن هذا أحد المعتقدات الخاطئة الشائعة.
إذ لا يوجد عمر معين يرشحك أو يمنعك من خوض هذه التجربة طالما تتمتع بالمؤهلات اللازمة.
فيما مضى كان متوسط الأعمار المقبولة بين 26 و46 عاماً، لكن القيود العمرية لم تعد موجودة فيما بعد.
على سبيل المثال في العام 1998 قام رائد الفضاء الأمريكي جون جلين برحلة إلى الفضاء وهو يبلغ من العمر 77 عاماً.
18.300 طلب تقديم في سنة واحدة
بعد إرسال طلب التقدم لوكالة ناسا، يقوم مجلس اختيار رواد الفضاء التابع للوكالة باستعراض الطلبات، وتقييم مؤهلات المرشح.
طلبات التقديم للوكالة حققت رقماً قياسياً في العام 2016 حيث بلغ عدد المتقدمين 18300.
بعد ذلك، يدعو مجلس الإدارة حوالي 120 من أكثر المرشحين تأهيلاً إلى مركز جونسون للفضاء التابع لناسا في هيوستن – تكساس، لإجراء الجولة الأولى من المقابلات.
تتضمن المقابلات أسئلة تمنح الإدارة القدرة على اكتشاف سمات شخصية تبحث عنها ناسا في روادها تتضمن المرونة ومهارات العمل الجماعي وشغف التعلم.
بالإضافة إلى أن المتقدمين يخضعون لفحوصات طبية ضمن هذه المرحلة لتحديد مدى لياقتهم وقابليتهم للعمل مع الوكالة.
نصف المرشحين الذين أجروا مقابلات الجولة الأولى يترشحون للجولة الثانية التي يتم خلالها اختيار العدد المطلوب من رواد الفضاء المستقبليين.
لكن لا يبدأ هؤلاء المقبولون عملهم على الفور كرواد فضاء بل يخضعون لفترة تدريبية مدتها سنتان.
فترة التدريب الشاقة
عندما تقبل وكالة ناسا المرشحين النهائيين، تبدأ على الفور الفترة التدريبية التي تمتد لسنتين.
يتلقى المتدرب في هذه المرحلة دروساً عن أساسيات عمل محطة الفضاء الدولية ورحلات الفضاء بشكل عام.
كما يتلقى تدريباً على الغوص بالمعدات ويخضع لتدريبات عسكرية للبقاء حياً في الماء واختبارات سباحة كما يتم تعريض المرشحين لضغط جوي عالٍ ومنخفض ولبيئة تحاكي بيئة الفضاء.
يتوجب أيضاً على المتدرب تعلم اللغة الروسية، إضافةً إلى حصوله على دورات في التعامل مع الإعلام.
مرحلة ما بعد التدريب
حتى بعد التخرج وانتهاء الفترة التدريبية، لا يتم إيعاز مهام فضائية لرواد الفضاء مباشرة.
بل يستغرق الأمر سنوات يقومون خلالها بأعمال أخرى كمساعدة رواد الفضاء الآخرين أثناء رحلاتهم الفضائية والعمل كضابط اتصال في مركز القيادة الفضائية.
كما يتوجب عليهم التدرب على مهام المشي في الفضاء في مختبرات ناسا في معامل الطفو المتعادل التي تهيئ بيئةً منعدمة الجاذبية.
وتتوسع رقعة تدريب رواد الفضاء لتتعدى مباني ناسا إلى وكالات عالمية شريكة لناسا كالتوجه إلى كندا لتعلم كيفية تشغيل الذراع الآلية لمحطة الفضاء الدولية.
وعلى جميع رواد ناسا أيضاً اكتساب مهارات الطيران بالتدرب لساعات محددة شهرياً على طائرة T-38.
وأخيراً..هيا إلى الفضاء
بعد سنوات من التدريب المكثف يتم اختيار رائد الفضاء المحظوظ الذي سيزور الفضاء لأداء مهمة معينة.
لكن السنوات التي قضاها في التدريب لا تعني أنه كامل الأهلية، إذ يتعين عليه الآن الانكباب على قراءة كتب وبحوث علمية تتعلق بمهمته تحديداً.
كما يتوجب عليه التدرب مطولاً بشكل فردي أو ضمن فريق عمل لضمان إتقان المهمة والإلمام بأدق تفاصيلها.
تشمل التدريبات أيضاً كيفية إعداد الوجبات في الفضاء وتخزين المعدات، وإدارة النفايات، واستخدام الكاميرات، والعمليات التجريبية.