حزن آلاف الفرنسيين خاصة، والعالم بأجمعه لما وقع لكاتدرائية نوتوردام في باريس، جراء الحريق العنيف الذي شبَّ بها، والذي اندلع في وقت مبكر من يوم الإثنين 15 أبريل/نيسان 2019. وقد انهارت قمّة البرج العملاق للكاتدرائية في إثر ذلك. وإن كان تاريخ هذه الكاتدرائية يعود للعصور الوسطى، نتساءل لماذا لم يحزن العالم بهذا الحجم حين تمّ هدم آثار العراق وسوريا؟ هل كاتدرائية نوتوردام أعرق بكثير من بلاد "ما بين النهرين" دجلة والفرات وبلاد الشام؟!
أمّا سوريا، فقد نُهبت آثارها، وخُربت العديد من معالمها من قِبَل العديد من الأطراف، فاستعملت قلعة حلب كحصن للحكومة السورية، وتساقطت عشرات القذائف على كافة أرجاء القلعة، ودمّرت سنة 2013 مئذنة المسجد الأموي، الذي يعود تاريخه إلى عصر السلاجقة الأتراك، وهدّم جامع الخسروية وغيره. وأصبحت آثار سوريا أيضاً في يد شبكات التهريب، ولا ندري هل للحكومة أيضاً علاقة بهذا، إلَّا أنَّ ملامح تاريخ سوريا تكاد تختفي مع ما يحدث اليوم بمختلف مناطق البلاد، بعد أن أصبحت بين مطرقة التدمير وسندان النهب.
ما أحوج العراق وسوريا اليوم إلى لفتة عالميّة كهذه، حتّى يعود المجد لهما ويسترجعا تاريخهما، فلِتاريخ الشعوب قيمتها. اليوم نقول عن مصر "أم الدنيا" فخراً بعظمة تاريخها، تاريخ الفراعنة المجيد.
نحن أيضاً نحزن لما حلّ بكاتدرائية نوتوردام، ولكن نتمنى أن تعطي الوسائل الإعلامية العالمية تلك الأهميّة لآثار العراق وسوريا. فللإعلام دور فعّال توعية الرأي العامّ، حتّى إنّه أحياناً يتمّ التأثير في القرارات السياسية. ويا ليت هذا التأثير يساعد سوريا والعراق على استرجاع قطع أثرية منهوبة، شاهدها البعض في بعض المتاحف العالمية، بأوروبا وأمريكا.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.