يعد تنظيم التجمعات الحاشدة ونشر الأخبار الوهمية وتأجيج التوترات الطبقية واللعب بورقة الدين من بين أكثر الأساليب البغيضة التي يُزعم أن بعض الأحزاب السياسية الهندية قد استخدمتها أثناء تدافعها للحصول على الأصوات خلال موسم الانتخابات.
والآن، مع شروع 1.3 مليار شخص مرة أخرى للمشاركة في أكبر ممارسة ديمقراطية في العالم، تحاكي لعبة ألواح جديدة بعضاً من هذه العملية الانتخابية، حيث تقدم للاعبين الاستراتيجيات الانتخابية المعتادة والقذرة.
شبكة CNN الأمريكية قالت إن لعبة The Poll: The Great Indian Election Game تحاكي بشكل كبير عملية الانتخابات الهندية المعقدة، ويمكن أن تقدم تصوراً ما لما يدور خلف الكواليس في هذا الاقتراع الأكبر في العالم.
وتعد هذه اللعبة من بنات أفكار الصحفي عبير كابور البالغ من العمر 27 عاماً، حيت أتى بالفكرة في عام 2017 بعد قيامه بتغطية الانتخابات الوطنية وانتخابات الولايات.
قال كابور: "لقد بدأت أفكر في كيفية كون الأحزاب مثل اللاعبين، حيث لديهم مجموعة من الموارد الثابتة مثل المال والشعبية على الأرض والعاملين في الحزب والأيديولوجيات ووسائل الإعلام وغيرها من المؤسسات. لكن المعلب الانتخابي والدوائر الانتخابية تعد شيئاً مختلفاً".
وأضاف: "إن الانتخابات تشبه اللعبة، ويجب أن نكون قادرين على محاكاة ذلك بطريقة تكسر الحاجز بين الناس والسياسة. نريد أن يفهم الناس العملية الانتخابية".
قدمت اللعبة أيضاً لكابور رؤية فريدة حول الناخبين الهنود وتفضيلاتهم السياسية.
نظام وستمنستر
كانت الهند مستعمرة بريطانية سابقة، ونظامها السياسي يتبع نموذج وستمنستر. تقدم الأحزاب مرشحين لشغل المقاعد في "لوك سبها"، مجلس النواب في البرلمان الهندي، وأي حزب يفوز بأغلبية المقاعد يحق له اختيار رئيس الوزراء.
عبر 543 دائرة انتخابية، سيتنافس المرشحون على أصوات الناخبين الذين يبلغ عددهم 900 مليون نسمة، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف عدد سكان الولايات المتحدة.
يمكن أن يلعب هذه اللعبة السياسية من ثلاثة إلى أربعة أشخاص، يمثل كل منهم حزباً سياسياً وينشئ إعلاناً انتخابياً من خلال اختيار "بطاقات السياسة" التي يجب أن يدافع عنها.
استُخدِمَت المصطلحات من البيانات الانتخابات الحقيقية للأحزاب وأُخذت التعاريف من الكتب المدرسية بالمدارس الثانوية، لأن أحد أهداف كابور هو تثقيف اللاعبين في هذه العملية – كما هي.
وقال كابور: "أدركت مبكراً أنه إذا بنيت موقفاً مثالياً لا يقلد الانتخابات الهندية، فسيحدث تنافر إدراكي كبير عندما يواجه الناس انتخابات (فعلية)".
اللاعب الذي يتمكن من إقناع المعارضين بإستراتيجيته سيعمل على وضع المكعبات أعلى بطاقة الدوائر الانتخابية. يستخدم اللاعبون الموارد المالية واستراتيجيات الحملات الانتخابية أثناء قتالهم من أجل التأثير.
وقال كابور إن اللعبة لا تقدم دروساً حول أخلاقيات السياسة.
وقال: "نريد من الناس أن يفهموا عملية الانتخابات، وأن هناك قضايا وهناك وعوداً يجري قطعها، ونحن لا نحاسب دائماً الأفراد على تلك الوعود".
التأثيرات وراء المعتقدات السياسية
أُطلِقَت اللعبة، المتوفرة باللغتين الهندية والإنجليزية، في يناير/كانون الثاني، وكان كابور يسافر إلى البلاد للترويج لها.
على طول الطريق، لاحظ أن الطريقة التي يلعب بها الناس تعكس خلفيتهم وخبراتهم في السياسة.
وقال كابور: "وجدنا أنه في مدينة حضرية مثل دلهي، لا نتحدث مع بعضنا البعض عن السياسة. لذلك، ترى هذا التخوف، وترى المزيد من الصلابة المبنية على الطريقة التي يريد الناس أن يروا العالم بها. تصبح غرف الصدى مرئية للغاية في المناطق الحضرية".
وأضاف: "إذا اتجهت بعيداً إلى أطفال قادمين من خلفيات أكثر حرماناً في مومباي، فستشهد الكثير من المفاوضات. هذه هي حياتهم والتفاوض مع الدولة. إنهم أكثر جدالاً وراحة مع فكرة مناقشة القضايا التي تهمهم."
في لكناو، وهي مدينة في ولاية أوتار براديش الأكثر اكتظاظًا بالسكان في الهند، أنشأ بعض المشاركين لعبة إضافية.
وقال كابور: "في ولاية أوتار براديش، وهي مركز للسياسة الهندية، ترى أن هناك استهتاراً أساسه تفشي الفساد. ويتمثل أحد أجزاء اللعبة في مجادلة الأفراد للحفاظ على دوائرهم الانتخابية، ولكن في نهاية الأمر، هم فقط يتاجرون بالمال. لقد رأوا المال على الطاولة ولم يهتموا بالحجج".
توقعات الانتخابات
بدأت لعبة الحياة الحقيقية في الهند في 11 أبريل/نيسان 2019. نظراً لأن إجراء انتخابات في دولة بهذا الحجم يعد مهمة هائلة، سيجري التصويت على مراحل في جميع أنحاء البلاد وسينتهي في 19 مايو/أيار، وسيُعلَن الفائز في 23 مايو/أيار. يواجه حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي الحاكم تحدياً من قبل تحالف يقوده حزب المؤتمر العلماني.
بعد أن سافر عبر البلاد خلال موسم الانتخابات، هل لدى كابور أي تنبؤات؟
قال كابور: "نحن نعلم ما الذي يدعمه أفراد الحزب من خلال البيان الرسمي وبطاقات السياسة التي يختارونها. ما أراه هو أن هذه الانتخابات مفتوحة على مصراعيها. هناك ما يكفي من التعليقات الطائشة التي صدرت بشأن عدم قدرة الحكومة على توفير الخدمات الأساسية، وهناك عدد كاف من الأشخاص الذين سيتنافسون".
وأضاف: "إذا اعتقد أي شخص أن هذه الانتخابات محسومة واتجهت إلى أي من الجانبين، فسيكون من السابق لأوانه تحديد الفائز بالانتخابات. ستكون الانتخابات مثيرة جداً للاهتمام".