بدأت قوات يدعمها التحالف بقيادة السعودية والإمارات، الأربعاء 13 يونيو/حزيران 2018، هجوماً على مدينة الحديدة الساحلية في اليمن، في أكبر معركة في الحرب المستمرة منذ نحو 3 سنوات، بين التحالف وحركة الحوثيين المتحالفة مع إيران.
وقالت الحكومة اليمنية، المعترف بها دولياً، في بيان أصدره مكتبها الإعلامي، إن طائرات وسفن التحالف تنفذ ضربات تستهدف تحصينات الحوثيين، دعماً لعمليات القوات اليمنية البرية، التي احتشدت جنوب أكبر موانئ البلاد.
وبدأت عملية "النصر الذهبي" بعد انتهاء مهلة حددتها الإمارات للحوثيين، الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء، لتسليم الميناء الوحيد الخاضع لسيطرتهم.
والحديدة، المطلة على البحر الأحمر، أكبر ميناء يمني، ويمثل شريان حياة لليمنيين، إذ يستقبل 80% من السلع الأساسية القادمة إلى البلد الفقير، الذي تقول الأمم المتحدة إنه يصارع أكبر أزمة إنسانية في العالم. وتقول منظمة الصحة العالمية، إن نحو 8.4 مليون يمني يعيشون على حافة المجاعة.
الحوثي: استهدفنا بارجة للتحالف
وحذر محمد علي الحوثي، أحد زعماء الحوثيين، التحالفَ المدعوم من الغرب من مهاجمة الميناء، وقال على تويتر إن قواته استهدفت بارجة للتحالف. وسبق أن هدَّد بشنِّ هجمات على ناقلات نفط في ممر الشحن الاستراتيجي بالبحر الأحمر.
وقالت قناة المسيرة التي يديرها الحوثيون، وتبث من لبنان، إن صاروخين قصفا البارجة، ولكن لم يرد تأكيد من التحالف.
وتحاول الأمم المتحدة إقناع الأطراف المعنية بالتوصل لاتفاق يساعد على تفادي تنفيذ الهجوم على الحديدة، وهو ما تخشى المنظمة الدولية أن يزيد من عدم وصول الغذاء والوقود والأدوية لليمنيين، ويفاقم أكبر أزمة إنسانية في العالم.
ووفق تقديرات الأمم المتحدة، يعيش 600 ألف شخص في المنطقة. وفي أسوأ سيناريو يمكن أن تسفر المعركة عن مقتل ما يصل إلى 250 ألفاً، وعن قطع المساعدات والإمدادات الأخرى عن الملايين الذين يواجهون الجوع والمرض.
وقالت ماري كلير فغالي، المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إن "من المرجح أن يفاقم الهجوم وضعاً إنسانياً كارثياً بالفعل في اليمن".
ويمثل الهجوم أول مرة يحاول فيها التحالف المدعوم من الغرب السيطرة على مدينة رئيسية محصنة جيداً، بهدف حصار الحوثيين في صنعاء، وقطع خطوط إمدادهم، لإجبارهم على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.
وتُقاتل قوات يمنية مدعومة من الإمارات، ومؤلفة من انفصاليين جنوبيين ووحدات محلية، من السهل الساحلي للبحر الأحمر، وكتيبة يقودها ابن أخي الرئيس السابق علي عبدالله صالح جنباً لجنب مع قوات إماراتية وسودانية.
نقطة تحول
تدخل التحالف في اليمن لإعادة حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وكبح ما تعتبرها الرياض وأبوظبي أهدافاً توسعية إيرانية.
وقالت الحكومة المعترف بها دولياً، في بيان منفصل نشرته وسائل الإعلام الرسمية اليمنية "تحرير ميناء الحديدة يشكل علامة فارقة في نضالنا لاستعادة اليمن من الميليشيات التي اختطفته لتنفيذ أجندات خارجية".
وأضاف البيان "تحرير الميناء يمثل بداية السقوط للحوثيين، وسيؤمّن الملاحة البحرية في مضيق باب المندب، وسيقطع أيادي إيران التي طالما أغرقت اليمن بالأسلحة التي تسفك بها دماء اليمنيين الزكية".
وينفي الحوثيون أن يكونوا وكلاء للإيرانيين، ويقولون إن تمردهم يستهدف الفساد والدفاع عن اليمن من الغزاة.
ويقع اليمن في الطرف الجنوبي للبحر الأحمر، حيث يعد أحد أهم الممرات التجارية في العالم لناقلات النفط، التي تمر قرب شواطئ اليمن، متوجهة من الشرق الأوسط إلى أوروبا عبر قناة السويس.
وقالت الإمارات إن قوات التحالف تهدف إلى استمرار الميناء في العمل، لكنها حذرت من أن الحوثيين يمكن أن يخربوا البنية التحتية، ويزرعوا ألغاماً برية وبحرية مع انسحابهم.
وقالت ريم الهاشمي، وزيرة الدولة الإماراتية لشؤون التعاون الدولي، إنه إذا خرج الميناء من تحت سيطرة الحوثيين فقد يخفف التحالف القيود الرامية إلى منع وصول الأسلحة إلى الحوثيين، ويسهل تدفق السلع والمساعدات إلى اليمن.
وتقول الرياض إن الحوثيين يستخدمون الميناء لتهريب أسلحة إيرانية الصنع، تشمل صواريخ يطلقونها على مدن سعودية، وهي اتهامات نفتها حركة الحوثي وإيران.
مجموعة الأزمات الدولية: الحرب في اليمن تدخل مرحلة جديدة أكثر تدميراً
اعتبرت مجموعة الأزمات الدولية، أن الحرب في اليمن تدخل "مرحلة جديدة أكثر تدميراً"، في حال اندلاع معركة محتملة في ميناء الحديدة (غرباً)، الذي يسيطر عليه المتمردون الحوثيون، مع تقدم القوات الموالية للحكومة المدعومة من السعودية والإمارات نحو الميناء.
ودعت المجموعة واشنطن إلى عدم منح حلفائها الضوء الأخضر لبدء المعركة، التي من المتوقع أن تطول كثيراً على سواحل مدينة الحديدة.
وتُقدِّر الأمم المتحدة أن هناك قرابة 600 ألف مدني يعيشون في الحديدة والمناطق القريبة. ويعتبر ميناء مدينة الحديدة المدخل الرئيسي للمساعدات المتجهة إلى المناطق الواقعة تحت
سلطة الحوثيين في البلد الفقير. لكن التحالف يرى فيه منطلقاً لعمليات عسكرية يشنّها الحوثيون على سفن في البحر الأحمر.
وقالت المجموعة في تقرير، إن المعركة من أجل الحديدة "من المرجح أن تطول، وتترك
ملايين اليمنيين دون طعام أو وقود أو إمدادات حيوية أخرى"، مشيرة إلى أن "القتال سيثني (الأطراف المتحاربة) عن العودة إلى طاولة المفاوضات، بدلاً من تمكينها. وسيُغرق اليمن أكثر في ما هو بالفعل في أسوأ أزمة إنسانية في العالم".
ودعا التقرير الولايات المتحدة إلى "عدم منح الضوء الأخضر لهجوم على الحديدة"، مشيراً إلى أن عليها "الضغط على الإمارات لوقف حركة العناصر الخاضعة لسيطرتها".
وكانت الخارجية الأميركية أبلغت دولة الإمارات الإثنين، بضرورة استمرار تدفق المساعدات عبر ميناء الحديدة في اليمن.
وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في بيان، إن الولايات المتحدة "تراقب التطورات عن كثب"، ولكنه لم يصل إلى حد تحذير التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات من السيطرة على المدينة.
وأكدت مجموعة الأزمات الدولية على ضرورة أن تقوم واشنطن بإقناع التحالف العسكري وشركائه اليمنيين، بالمشاركة في المفاوضات، برعاية الأمم المتحدة.
وبحسب الأمم المتحدة، فإن المبعوث الخاص لليمن مارتن غريفيث، أجرى حتى الإثنين "مفاوضات مكثفة" مع المتمردين والسعودية والإمارات، من أجل "تجنُّب مواجهة عسكرية في الحديدة".
ويقول التحالف العسكري العربي، إن المتمردين الحوثيين يستخدمون الميناء الواقع على البحر الأحمر لتهريب الأسلحة. وقال التحالف الأسبوع الماضي، إن القوات اليمنية تقدّمت إلى حدود 9 كيلومترات من الحديدة.
ومنذ سنوات، يشهد اليمن نزاعاً بين قوات موالية لحكومة معترف بها دولياً والمتمردين الحوثيين.
وتدخلت السعودية على رأس تحالف عسكري في 2015، لوقف تقدم المتمردين الذين سيطروا على العاصمة صنعاء، في سبتمبر/أيلول 2014.
وأدى النزاع منذ التدخل السعودي في اليمن إلى مقتل نحو 10 آلاف شخص، وإصابة نحو 53 ألفاً بجروح، في ظل أزمة إنسانية تعتبرها الأمم المتحدة الأسوأ في العالم حالياً.