خصصتُ وقتاً كل يوم لأكتب فيه نعم الله.. ليس مبالغة ولكن هكذا غيّر الامتنان حياتي

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/15 الساعة 07:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/16 الساعة 09:02 بتوقيت غرينتش
silhouette of girl sitting on the bench near the sea with sun-rise and feed the sea gulls, shadows, memories, sea sweet dreams

.أستطيع القول فعلاً إن الامتنان غيّر حياتي

لم يكن التغيير السحري يوماً ما منطقياً بالنسبة لي، وقد لا يزال، لا أستطيع استيعاب كيف لأحدهم أن يقول عن كتاب/فيلم إنّه غيّر حياته. بمعنى مهما قيل دائماً أتصوّر أن هناك مواقف متراكمة أتى بعدها الكتاب/ الفيلم ليكمل الموضوع.

رغم أنني أؤمن بأن تجربة لها هذا التأثير؛ لأن في التجربة وقعاً في النفس مختلفاً، ولأنّ الشخص بعد تأثير موقف وصدمة قد يتغير كثيراً فوق ما تتخيله نفسه حتى.

لكن الامتنان فعلاً غير حياتي، وليس بطريقة سحرية، و إنما بشيء من التدرّج، إنّ في تعويد النفس على أمرٍ ما، حتى يصبح جزءاً لا يتجزأ منها، عملُ كثير. وهكذا كان الامتنان معي، ومن هنا بدأت أشعر بأنّ روحي تتهذّب شيئاً فشيئاً.

قد لا أكون بتلك الإيجابية لمن يعرفني، وقد لا يراني شخص من بعيد بأنني سلبية، لكني واقعية جداً، وأحب أن أرى الأمور بصورتها الحقيقية، ليسهل عليّ فيما بعد التخطيط وعمل ما يلزم؛ لأستطيع العيش بدون التخبط في سقف التوقعات قدر الإمكان.

وهنا كان الامتنان حلاً، دائماً ما أفضل أن تكون لي مساحتي الشخصية، وقتي الشخصي، والتفكير في أمر يومي ليساعدني فعلاً على معرفة ما أنا عليه اليوم، ما كنت عليه أمس، ما الذي أستطيع فعله ليكون غداً أفضل بإذن الله.

قررت أن أدوّن امتناني بشكل يومي؛ ليساعدني في تأمل النعم التي يسبغها الله علينا. كنت أدوّن باستمرار خاصةً في قناتي بـ Telegram. وفي مرات أُخر كنت أكتفي بتذكّرها لأن الوقت مرّ على اليوم كله. إنّ فكرة الامتنان كانت تساعدني كثيراً في المضي، مهما مررت به، هذه السنة لم تكن متوقعة بالنسبة لي، وما زالت هناك أمور كثيرة مستمرة لم أتوقعها.

.لا أحد يتخيل ما تمرّ به، وما تعيشه، مهما بدا قريباً منك، كانت وما زلت هذه السنة عبارة عن الكثير من الهبوط ثم العلو قليلاً، وعموماً لست من الأشخاص الكتومين رغم التحفّظ، لكنني أتحدث كثيراً عن أموري الشخصية مع من أعدّهم مقربين، والذين على الأغلب لاحظوا الكثير من المشاعر التي مررت بها، أعتقد أنهم أيضاً لاحظوا أنه رغم كل شيء فإنّ ختام كلامي فيه من الرضا، وإنني أعرف أنني بخير جداً، وأنّ الخير آتٍ من عند رب كريم.

إن الامتنان يمنحني الكثير من لحظات تبعدني عن السخط، لحظات تخبرني كيف أنني ما زلت أنعم بالكثير لكنني أحتاج لأن أوسّع بصيرتي أكثر، فالماء يعني والطعام يعني والمسكن يعني الكثير والكثير والكثير. أن يبتسم لك أحدهم، أن يمّد لك العون دون مقابل، أن تقف في موقف لتخرج منه بفكرة مذهلة، الدهشة، القهوة، الصدف، كل ما صُنع بحبّ، الأصدقاء، الفرص، الحبّ وقوته، الطبيعة، الكلم الطيّب، الكثير مما يجعلك حامداً لله.

أمور صغيرة، تفاصيل دقيقة، الإلهام، من نحبّ، كل مما نعم به ونغفل عنه! العافية، للأشخاص الذين يسمحون لكلماتنا أن تأخذ من وقتهم، لأفكارنا أن تُشارك؛ لأنهم يرونها تستحق لا من أجل أنهم يتفقون معنا فحسب!

لمشاعر الإنجاز مهما بدت في عين الكثير بسيطة، للمشاعر الحلوة، للكتب، لأصحاب الطهي المذهل، للمشاركة في التوصيات/الطعام أو حتى الحديث، للأيام الخفيفة على الروح، للدعوات الباردة على القلب، للمطر، للبحر، لاستغلال الوقت، لأصحاب الروح المبادرة أيضًا.

لليسر الذي ننتظره، لمن يهبنا اليقين في العتمة، لله، لمن يرينا الحديث من منظور مختلف، لمتعة التعلّم، لمشاعر السلام بعد الفوضى، للقدرة على التعاطف، للإنسانية، لعطايا الربّ، للأمور التي تمنحنا شعور الخفة،  للذين يتركون مجرى الكلم الطيّب إلى قلوب الآخرين.

الامتنان قد يكون للأيام المتروكة لمزاجها اللحظي، للباب الذي لا يغلق أبداً للدعاء ومدى اتساع مساحتنا للتعبير عمّا نريد، للحديث المناسب بالوقت المناسب، لما يحدث صدفة وأنت بأمسّ الحاجة إليه، وصفات القهوة، متعة أن تقوم بما تحبّ، للخطط المفاجئة، للهدايا، وللعافية دائماً.

لمن يتذكر تفاصيل بسيطة عننا، للدعوات اللطيفة، للمطر أيضًا، لليقين، محاولات المقاومة، للقلوب التي تسعنا، لمحاولات التجاهل، للجمال في كل مكان، للأمل، للقناعة، للمعرفة، للمصباح الذي يضيء في عقلنا مع كل معلومة، للتساؤلات الممتعة من حولنا، لمحاسن الصدف مثلما يقولون.

امتناني للامتنان بذاته، ولأنني حاولت أن أخصص وقتاً يومياً وفعلت، أعرف جداً مدى أثر الموضوع، أن يكون هناك شيء ما يطبطب على قلبك مهما ساء الوضع، ليس بطريقة توّد أن تركله، وإنما بطريقة تعلّمك أنّ ما عند الله خير، وما يأتي كله خير، وما يحدث كله خير.

بطريقة تريك أن تأملك فيما سبق من أيامك يريك أنها مهما ظننت بأن الأمر بلا حل، فاجأك بأكثر الحلول إدهاشاً، مما يعني أنّ كل أمرٍ سيمضي، و أنني قد لا أملك هذا اليوم لكن هناك ماهو أفضل لي.

 سأستمر بكتابة ما أنا ممتنة عليه؛ لأنني أعرف إن انقطعت فسأعود بشكل تدريجي لما كنت عليه، إن نعمة أن تكون ممتناً هو أن تكون دائماً على بصيرة مما أنت عليه، وما تملك.

مهما بدا سوء الحال، أو الموقف أو.. أو، ستعود لذاتك لتخبرك بأنّ لديك الكثير، وأنّ تذكر ما لديك سيساعدك على أن تهدأ أكثر، أن تحكم على ما يصادفك بحكمة أكثر، أن تحمد الله قدر ما تقدر، ألا تنسى صباحاً أو مساءً "اللهم ما أصبحت/ أمسيت به من نعمة أو بأحدٍ من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر".

 

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
حنان علي
كاتبة ومدونة
تحميل المزيد