أنفقت روسيا حوالي 12 مليار دولار لبناء الملاعب والمطارات والطرق في 11 مدينة استعداداً لفعاليات كأس العالم.
ولكن يبدو أن موسكو تواجه تحدياً في رسم الابتسامة على وجوه الأشخاص الذين سيقومون باستقبال الضيوف.
التحدي الأول.. الابتسامة
ففي خضم التحضيرات للبطولة، كان الآلاف من المتطوعين والموظفين في وسائل النقل العام يخضعون لدروس خاصة حول سبل رسم ابتسامة على وجوههم والتصرف بأدب وتعلم قول أهم العبارات في اللغة الإنكليزية.
وقد كانت النتائج متفاوتة، وفق ما ذكرت صحيفة The telegraph البريطانية.
وقالت آنا ماليوك، المنسقة في مقرات متطوعي كأس العالم التي تقع في مدينة موسكو، إنه "في بعض الأحيان يصعب علينا التعبير عن مشاعرنا من خلال التبسم. ولكن إذا كان الشخص لا يبتسم، فهذا لا يعني أنه غير سعيد، بل بالعكس. عادة ما يكون الأشخاص منفتحين ويرغبون في تقديم يد المساعدة، إلا أنهم والغالب، يكونون بصدد العمل بجدية".
وليس من قبيل الصدفة أن ينظر الأجانب إلى الروس في الكثير من الأحيان على أنهم مُتجهمون وحادو الطباع. ففي ثقافة الروس المحلية، يعتبر التبسم في وجه الغرباء أمراً مصطنعاً، فليس من المنطقي أن تكون سعيداً لرؤية شخص لا تعرفه.
وتعتبر التفاعلات بين الروس محدودة عموماً إلى أقصى درجة، حيث أنه من المفضل لديهم أن تعبر عن أفكارك دون إسهاب على أن تكون مهذباً، أو أن تلتزم بما يعرف باللباقة السياسة المتعارف عليها في الغرب، التي تثير امتعاضهم عادة.
وقد سخر أحد البرامج المشهورة التي بثت على قناة MTV الروسية في أوائل القرن الحادي والعشرين، من قسوة الشعب الروسي من خلال شعار، صاغه المقدم الروسي الأميركي، "الضحك! إنه يزعج الجميع".
خلال السنة الماضية، قامت عالمة النفس، إلنارا مستفينا، بتقديم دورة تعليمية مدتها ساعتان تحت عنوان "الخدمة تبدأ بابتسامة" ضمت ما يقارب عن 800 مسؤول في الخطوط الحديدية الروسية.
وذكرت مصطفينا أن المشاركين في هذه الدورة كانوا يواجهون صعوبة في التبسم في البداية.
وأكد المشاركون بأنه من المهم تغيير هذه العادة حتى لا يعتقد المشجعون الأجانب في كأس العالم أن طباع المسؤولين تتسم بالعدائية.
وأضافت مستفينا، أن "هؤلاء الموظفين لم يعتادوا على التبسم نظراً لأن مهامهم صعبة.
بالإضافة إلى ذلك، يعتبر الروس أن رسم ابتسامة من النظرة الأولى تعد أقرب إلى ابتسامة أميركية مخادعة. لذلك، أريهم كيف يجب عليهم أن يبتسموا من خلال اتباع خطواتي".
كما يخضع موظفو السكك الحديدية الذين يرتدون الزي الرمادي إلى دروس لتعلم كيفية جعل "عيونهم تلمع" لتحويل الابتسامة المتوترة إلى ابتسامة صادقة، وكيفية التبسم انطلاقاً من أعينهم فقط لإبراز تفهمهم أو تعاطفهم.
وتشرف مستفينا على دورة تدريبية تحت مسمى "التفاعل مع مشجعي كرة القدم".
وقالت مستفينا إنه "يجب علينا أن نكون لطيفين ونرحب بالضيوف بشكل لائق، لكي لا يفسر مشجعو كرة القدم الشرسين عدم تبسمنا على أنه سلوك قاس".
وتقوم مستفينا، في بعض الأحيان، بزيارة محطة القطار وهي متنكرة في نظارات سوداء لمعرفة ما إذا كان تلاميذها يطبقون ما تعلموه على أرض الواقع.
التحدي الآخر.. اللغة
أما التحدي الرئيسي الآخر الذي سيواجهه الروس، فيكمن في تدريس اللغة الإنكليزية، التي لا يستطيع نسبة كبيرة من المواطنين تحدثها أو فهمها. ووفقاً للشركة الدولية لتعليم اللغات "Education First"، تحتل روسيا المرتبة 24 من أصل 27 دولة أوروبية فيما يتعلق بدرجة الإلمام العام باللغة الإنكليزية.
حتى وقت قريب، كانت الإشارات والإعلانات في الأنفاق باللغة الروسية حصراً، وكان على أولئك الذين لا يعرفون الأبجدية السيريلية أن يقوموا باحتساب عدد المحطات للوصول إلى المحطة المنشودة.
لكن الخرائط الآن باتت تقدم نسخاً من أسماء المحطات بالأحرف اللاتينية.
كان الخطاب الذي أدلى به فلاديمير بوتين عقب ظفر بلاده بشرف تنظيم كأس العالم، الذي كان محرجاً إلى حد ما، أول مناسبة يتحدث فيها الرئيس الروسي، باللغة الإنكليزية علناً.
وكجزء من تدريبهم، تمرن حوالي 34 ألف متطوع مشارك في كأس العالم في موسكو على كيفية تحية المعجبين وإعطاء التوجيهات باللغة الإنكليزية.
وعندما سئلت متطوعة، تدعى أولغا كوبريانو، عن مثال مما تعلمته ذكرت "مرحباً بك في روسيا"، لكنها واجهت صعوبة في قول المزيد.
واعترفت قائلة: "أشعر بالخجل عند التكلم باللغة الإنكليزية". وأردفت المنسقة المسؤولة عنها، داريا ديريابينا: "لكنك تملكين قلباً طيباً".
أما مترو موسكو فأصدر ملصقاً تذكيرياً يحمل عبارة "كن مهذباً"، وكتب عليه كيفية نطق أهم العبارات الإنكليزية المكتوبة بالحروف السيريلية، على غرار "Yu a velkem"، مرحباً بك، وعبارة "Khau "ken ai khelp yu، أي كيف يمكنني مساعدتك؟ لكن الملصق لا يفسر معنى العبارات.
وحيال هذا الشأن، صرحت منسقة المتطوعين السيدة ماليوك، قائلة: "لا يمكننا تلبية احتياجات الجميع، لكن متطوعينا سيكونون مهذبين ومتألقين إلى أقصى حد".