إمبراطور الإعلام الذي أنقذ سمعة ترمب يتودَّد إلى السعودية.. وهكذا خطط لاستمالة الأمير محمد بن سلمان

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/31 الساعة 10:14 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/01 الساعة 12:20 بتوقيت غرينتش
Donald Trump and David Pecker

منذ قرابة العام، يفكر رجل يُعرف في الأوساط الإعلامية الأميركية بأنه الإمبراطور، في التقرب من ولي العهد السعودي، وإبرام صفقة كبيرة معه، لكن حتى الآن لم يجد جواباً من المسؤولين في الرياض.

ديفيد بيكر الذي أنقذ صورة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، من التشويه في قضية ممثلة الأفلام الإباحية، اصطحب معه صديقه الفرنسي المقرب كاسي غراي، الذي يعمل مستشاراً لرجال أعمال سعوديين، وذهب للقاء الرئيس بالبيت الأبيض، وجرى بينهما حوار هام، في شهر يوليو/تموز 2017، بحسب تقرير لصحيفة The New York Times الأميركية.

وبحسب الصحيفة الأميركية، فقد تحدَّث الرجلان وغيرهما من مستشاري بيكر مع الرئيس في المكتب البيضاوي، وجرى بينهم حديثٌ مقتضب مع صهره ومبعوثه إلى الشرق الأوسط غاريد كوشنر. وقبل أن تنتقل المجموعة لتناول العشاء، التقط الرئيس صوراً له مع ضيوفه وهم يقفون خلف مكتبه.

وخرج بيكر من ليلة العشاء هذه بإنجازٍ كبير؛ فقد حصل على موافقةٍ غير رسمية من البيت الأبيض حول أمرٍ يهمه.

بيكر يحمي صورة ترمب

ولطالما استخدم بيكر إمبراطوريته الإعلامية لحماية صورة الرئيس ترمب. فخلال الحملة الرئاسية عام 2016، عملت شركة أميركان ميديا المملوكة له على وأد قصة ممثلة الأفلام الإباحية السابقة التي ادَّعَت أنها كانت على علاقةٍ جنسية بترمب.

وبحسب الصحيفة الأميركية، كانت ليلة العشاء فرصةً لبيكر ليُظهِر مدى تطوُّر علاقاته داخل البيت الأبيض. فقد كان يفكر في توسعة شركاته الإعلامية داخل السعودية، كما كان يسعى إلى الحصول على شركاء خليجيين.

وتقاطُع علاقات  بيكر مع السعوديين، والتي عزَّزَتها زيارة البيت الأبيض الأخيرة، هي فصلٌ لم يسبق حكايته من علاقةٍ طويلة رمزية بين ترمب وبيكر، بدأت التشكُّل في تسعينيات القرن العشرين. وفي ذلك الوقت، كان ترمب يحتفل بعودته إلى مجال العقارات بعد إفلاس مجموعة الكازينوهات المملوكة له، وكان حينها موضوع الساعة في نيويورك.

وتضيف الصحيفة الأميركية أنه ما لبثت أخبار العشاء الذي تم بين بيكر وترمب في البيت الأبيض، أن انتقلت إلى السعودية، لترسل إلى الرياض إشارةً بمدى نفوذ بيكر في واشنطن.

وبعد ذلك بشهرين، كان بيكر في السعودية ليعقد لقاءاتٍ مع غراين ووليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، حول فرص الأعمال الممكنة في المملكة، حسب ما أوردته شركة أميركان ميديا.
وبحلول شهر يناير/كانون الثاني الماضي، كان بيكر قد أصبح واثقاً تماماً بالتقارب المتنامي بينه وبين المستثمرين السعوديين، الذين سعى إلى الحصول على مساعدتهم في تمويل الاستحواذ على مجلة التايم، وهي الصفقة التي قاتل بيكر من أجل إتمامها، وفقاً لشخصين على اطلاع مباشر على المحادثات، حسبما زعمت "أميركان ميديا"، كما تذكر الصحيفة الأميركية.

وقد طلب الأشخاص الذين نقلوا أخبار التعاملات بين "أميركان ميديا" والسعودية، عدم الكشف عن هويتهم؛ إذ إنهم غير مُرَخَّص لهم بالحديث على الملأ. ولا تزال نتيجة جهود بيكر لبدء العمل مع السعوديين غير واضحة.

وقد حضر بيكر هذا الأسبوع، برفقة غراين، فعاليات في نيويورك للاحتفاء بزيارة الأمير محمد بن سلمان، الذي يقوم بجولة في أنحاء الولايات المتحدة.

خطته لكسب رضا الأمير محمد بن سلمان

وبحسب The New York Times، فقد وضع بيكر خطة لنيل رضا الأمير محمد بن سلمان، والتي بدأت قبيل زيارة ولي العهد السعودي إلى أميركا، فقد نشرت "أميركان ميديا" مجلة من 97 صفحة، كمنشورٍ ترويجي للسعودية وللأمير محمد بن سلمان.

وتحاشت المجلة ذكر أي شيء عن الحملة العسكرية على اليمن بقيادة السعودية، -التي تتهم فيها الرياض باستهداف المدنيين، ولكن السعودية تنفي هذه المزاعم- أو المخاوف من انتهاكات حقوق الإنسان أو الاعتقالات التي طالت عدداً من أفراد الأسرة الحاكمة، بينهم الوليد بن طلال، أحد أبرز عملاء غراين، فيما يُعرف بحملة مكافحة الفساد.

وتتضمَّن المجلة، التي أشارت إلى المملكة العربية السعودية بـ"مملكة السحر" مقابلة مع غراين، تصحبها صورة له مع الرئيس ترمب في البيت الأبيض، والتي التُقطت خلال زيارته برفقة بيكر. كما أثنت على علاقة ترمب بالسعوديين، مشيرةً إلى أن الرئيس الأميركي وافق على "حملة وليّ العهد ضد الفساد" التي شنها في الآونة الأخيرة.

وقالت "أميركان ميديا" إنها أنتجت المجلة "لاستغلال" زيارة وليّ العهد، وحرصت على تأكيد أنها لم تتلقَ أي تعليمات أو توجيه من المسؤولين السعوديين. فأمرٌ كهذا له دلالات قانونية مهمة: فالتوجيه الأجنبي لمنشور ترويجي صِرف كهذا، يمكن أن يستدعي تقديم إقرار إلى وزارة العدل الأميركية. ولم تردّ السلطات السعودية على طلب للتعليق، بحسب The New York Times.
وقد قدَّمَت المجلة -التي وزعت 200 ألف نسخة في وول مارت وغيرها من المنافذ، والتي كلف طبع غلافها نحو 14 دولاراً أميركياً ولا تحتوي أي إعلانات- ترحيباً بالأمير الذي تأتي زيارته في ظل محاولة إدارة ترمب إرساء علاقات أمتن مع المملكة، كما أن كلا البلدين يسعى إلى اقتناص فرص الاستثمار لدى الآخر، بما في ذلك تعهُّد الحكومة السعودية باستثمار 20 مليار دولار في مشروعات البنية التحتية الأميركية. وتقترب المملكة أيضاً من إبرام صفقة لشراء صواريخ أميركية ومعدات عسكرية أخرى، بحسب الصحيفة الأميركية.

دور رجل الأعمال الفرنسي الوسيط

وبحسب The New York Times، فقد ساعد غراين، الذي يبلغ من العمر 30 عاماً، في التوسُّط لإبرام صفقات بين مستثمرين سعوديين وشركات بفرنسا والسنغال والولايات المتحدة. وقد تعرف على بيكر الربيع الماضي، وبعدها نجح الرجلان في عقد سلسلة من المحادثات حول المشهد الاستثماري بالسعودية، حسبما أفاد شخصٌ على اطلاع على سير المحادثات. ثم بعد ذلك بفترة وجيزة، قدَّمَ بيكر دعوة عشاء البيت الأبيض إلى غراين.

ويمتلك بيكر إمبراطورية إعلامية واسعة، وإن كان أكثرها شهرةً "ذا إنكوايرر". ومن بين الإصدارات الأخرى لـ"أميركان ميديا"؛ Men's Journal وHers وFlex  وMuscle & Fitness.

واستخدم بيكر الشركة في بعض الأحيان، لحماية أصدقاء مُقرَّبين من ترمب. فقد رفعت كارين ماكدوغال، العارضة السابقة في مجلة بلاي بوي، قضية زعمت فيها أن محامي ترمب كانت له يدٌ في محاولة "أميركان ميديا" إخفاء قصة علاقتها العاطفية مع ترمب.

فقد اشترت "أميركان ميديا" حقوق نشر القصة في فترة الحملة الرئاسية مقابل 150 ألف دولار أميركي، ولكنها لم تنشرها قط. وفي عالم الصحافة الصفراء، تُعرف هذه المناورة بعملية "catch and kill"، أو "الاصطياد والقتل". وقد أنكر مايكل كوهين، محامي ترمب، الأمر، ونفت "أميركان ميديا" مزاعم كارين. أما ممثلو ترمب فقالوا إنه لم يكن على علاقة قط بها.

وخلال الحملة، نشرت "ذا إنكوايرر" كذلك مقالات مسيئة إلى منافسي ترمب وكل من تتوقع منه الخصومة لترمب، مثل المذيعة التلفزيونية ميغين كيلي. وبمشاركتها في الترويج لترمب، تكون "ذا إنكوايرر" قد شاركت لأول مرة في دعم مرشح رئاسي، بحسب الصحيفة الأميركية.
ومنذ دخول ترمب البيت الأبيض، لم تتوقف "أميركان ميديا" عن نشر مقالات تدّعي وجود مخطط "للدولة العميقة" لإسقاط الرئيس الأميركي. ومع تزايد الفضائح حول البيت الأبيض، نشرت "ذا إنكوايرر" عناوين على شاكلة "دونالد وميلانيا ترمب يردان على خصومهما، ويفضحان الأكاذيب والتسريبات ومحاولات الاستفزاز. كيف سيقضيان على أعدائهما؟!".

وبدا الدعم مُتبادَلاً بين الطرفين؛ فقد مدح ترمب غير مرة إدارة بيكر "أميركان ميديا"؛ بل ودعا إلى إيكال إدارة مجلة التايم إلى بيكر، مع إصراره على تأكيد المعلومة الخاطئة بأنه قد ظهر على غلافها أكثر من أي شخص آخر، بحسب The New York Time.
وكتب ترمب في تغريدةٍ على موقع تويتر عام 2013: "ديفيد بيكر هو الخيار الأمثل لتولي منصب الرئيس التنفيذي لمجلة التايم. لا أحد يقدر على إعادة الروح إليها كما يقدر هو!".

ورداً على سؤال عن اهتمام بيكر بالاستحواذ على مجلة التايم، قال ديلان هاورد، كبير مسؤولي المحتوى في "أميركان ميديا": "أي مسؤول إعلامي ذي بال لا بد أن يتطلع إلى أي فرصة للاستحواذ في ظل المناخ الإعلامي بعصرنا الحاضر".

أزمات الشركة المالية

وقد عانت "أميركان ميديا" صعوبات مالية، ومرَّت بسلسلةٍ من عمليات إعادة الهيكلة في العقد الأخير، وضمن ذلك إفلاسها عام 2010، وهو العام الذي أعلنت فيه المجلة تراكم ديون قدرها مليار دولار أميركي، قبل أن يستحوذ عليها، قبل 4 سنوات، صندوقا استثمار خاصان.

وقالت الشركة في بيان، إنها "في وضع مالي مستقر على نحو كبير".

وواصل بيكر سعيه لإجراء عمليات استحواذ جديدة. واشترى العام الماضي (2017)، US Weekly من "وينر ميديا". غير أن المستشارين الماليين للشركة قالوا إن الموارد المالية لها ظلت شحيحة. وحين اقترح هارفى واينشتاين على صديقه بيكر الخريف الماضي، أن يشتريا معاً Rolling Stone، لم يبدِ بيكر اهتماماً كبيراً. وكتب في رسالة بريد إلكتروني، حصلت "نيويورك تايمز" على نسخة منها: "لا يمكنني الإسهام بأي مبلغ"

وفي المراسلة الإلكترونية نفسها التي جرت في سبتمبر/أيلول 2017، كتب بيكر إلى واينشتاين: "أنا في السعودية لإجراء بعض الأعمال. لا يمكنني الاتصال بك من هنا".

وخلال زيارة غراين السعودية، رتَّب غراين للقاءات بينه وبين بيكر ووليّ العهد السعودي، الذي يتولى رئاسة صندوق الاستثمارات العامة السعودية. وخلال الاجتماع، وصف بيكر رؤيته للتوسُّع في عمله بمجال الفعاليات الترفيهية داخل السعودية، ومن بينها مسابقة Mr. Olympia لكمال الأجسام.

 

 

تحميل المزيد