لماذا أرفض أن أتساوى مع أخي وأبي وزوجي؟!

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/09 الساعة 07:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/09 الساعة 10:30 بتوقيت غرينتش
Portrait of businesswoman wearing hijab, in the office, at her work place.

منذ زمنٍ طويلٍ وأنا يلومني عدد من النساء لعدم توجُّهي للكتابةِ عن حقوقِ النساءِ وظاهرةِ المساواةِ بين الجِنسيين.. فتوجَّهتُ إلى إحدى الندَواتِ التي تُقام مرةً كلَّ أسبوع للتعرّف على هذه الظاهرةِ، ولكي أثقِّف نفسي عن حقوقِ النساءِ في المجتمعاتِ العربية خصوصاً، وفي داخلي بعض التساؤلاتِ لاكتشاف سببِ تعلّق البعضِ وشغفهنّ في هذه الظاهرةِ التي ما كانت أبداً لتستدعِيَ اهتمامي لولا كلُّ هذا الصخب والتوتّر المرافقُ لها.

 جلستُ في الصفّ الأخير، أنظر إلى كم الجموع الغفيرة وأستمعُ لصخبِ المُحيطين، آثرتُ الصمت مستمعةً ومتأملةً ما تحبكهُ النساء هنا للحديثِ عن تحقيق المساواة في الشؤونِ الاجتماعية والسياسيةِ والاقتصادية.. تجادلُ بعضُ النسوةِ للحصول على فرَصٍ متساوية، وأخريات يجادلن بقدرةِ المرأة بالتفوق على الرجال، وغيرهن اعتقدن أنّ المساواةَ هي التساوي في مقدارِ الحرية.

   استغربت رؤية النساء من جميع الأعمار حتى طالبات المدارس لم يسلمن من هذه الجلسات، فالكثير من الأمهات اللواتي أحضرن بناتهن لتعريفهن بحقوقهن قبل الزواجِ على حدّ قولهن، صُدمت بالفكرة، فلم لا يدعْنَهنّ يعشن تجربتهن الخاصة على أقل تقدير، وبعدها فلتختَر كل منهن طريقة تفكيرِها، فلم نُعلِم الفتياتِ بضرورة وجود الأزَمات والعُقد مع الرجال؟

قررتُ أن أكسر صمتي وأخرجَ نفسي وأخرجهن من هذا الصراعِ غير المُجدي بالنسبة لي، فاغتنمتُ فرصةَ الصمت التي سادت لعدة ثوانٍ، وقلت: فلنلجأ إلى القرآن الكريم.. رشقتني النسوة بنظَرات استغراب وكأنني أخبرتهن للتوّ عن كنزٍ لم يكونوا قد أدركنه بعد.. صمتٌ غمر المكان، حتى أعلنت عريفة الحفل اختتام الندوة.

 مسرعةً انطلقت لأَخرج من هذا المكان، وأدعو ربي في جوف قلبي ألا أكون يوماً على هذا القدر من البؤسِ والتعاسة.. أتخالون حقاً أن البشر جميعهم سواء، بالطبع لا، أعلم أن بعضَ النساء خائفات وبعضهنّ استسلمن لأقدارهن، لكن هل تخونهن ذاكرتهن إلى حدّ رؤية جميع الرجال سواء؟!

 المرأةُ هي أحد الجنسين من الإنسان، والإنسان معاملةٌ تقومُ على الإحسان والعدالة الربانية والإنسانية.. فقد ورد في سورة آل عمران: "…أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى"، فلندعُ للتكامل؛ لأنني كفتاةٍ أرفض أن أتساوى مع أخي وأبي وزوجي المستقبلي.. لا بدّ لنا من الاعترافِ أن الفِطرة التي خُلقنا عليها لا تجعلنا نستهوي التساوي بل التكامل والتكافل والتراضي.. "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ".

  فلنحترم الطبيعةَ التي خلقنا عليها واختلافها عن الرجل، فأدوار النساءِ عليها أن تتساوى وفطرتهن التي تحتاج أن ترتبطَ بالعاطفةِ والحبّ والأمومةِ والطاعةِ والحاجةِ للرعاية والعطف والمحبة.. النساءُ هن الرقةُ والعذوبةُ والجمال والحياء، هكذا هن النساءُ فكيف نطالب بالمساواةِ بمن هو مكلّف من الله بأعمالِ الكفايةِ والقدرة الجسدية والإنفاقِ والحماية وإصدارِ القراراتِ الحاسمة.. والرأفة.. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "رفقاً بالقوارير"، الرفقُ أي: اللطف، واللينُ والسهولةُ في التعامل مع النساء.. يوصي بنا الرسول خيراً، فأيّ رجل لا يرفق بالنساءِ لا يمثل ديناً جاء ليعطي النساءَ حقوقهنّ واحترامَهن وصيانة كرامتهن.

       المرأة بعاطفتها التي خلقَها الله عليها تكونُ مكملةً لعمل الرجلِ، فكما يسعى الرجلُ لتأمينِ حياةٍ ميسورة، وتأمينِ مستقبلِ زوجتِه وأولاده، أو أخواته، تسعى المرأةُ لتأمين العطف والحنان لأفراد أسرتها، تطيعُ والدَها وتخدمُه محبةً واحتراماً، وتطيعُ زوجَها وتستجيبُ لطلَباته حناناً وعطفاً، وتشاركُه في حياتِه الفكريةِ والثقافيةِ والاقتصادية، تكونُ كاتمةً أسرارَه، ومصدرَ أمانِه ومراحَ أحزانِه ومخاوفه.. وكما يعتمدُ المجتمعُ على الرجلِ يعتمد على الأنثى، فروحُ العاطفةِ تزكي الحياة الإنسانية، ومساهماتُ المرأةِ في المجتمعِ تكمنُ بكونِها اللبِنة الأساسية فيه.

مدونات الجزيرة

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
رزان الزيود
كاتبة أردنية
تحميل المزيد