البحث عن الحكم الذاتي.. أهم مدينة عراقية تضغط من أجل إجراء استفتاء يُمكِّنها من حكم نفسها

عربي بوست
تم النشر: 2019/04/06 الساعة 12:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/04/06 الساعة 12:29 بتوقيت غرينتش
محتجون عراقيون في البصرة يعترضون على نتيجة الانتخابات البرلمانية الأخيرة/ رويترز

معضلة كبيرة يمر بها العراق هذه الأيام، وهي رغبة البصرة -أهم محافظاته- بإجراء استفتاء للحكم الذاتي، بسبب الخلاف مع بغداد على عوائد النفط الذي يخرج من البصرة، لكن الأمر لن يمر بسهولة، بسبب الخلافات بين القيادات الشيعية المسيطرة عليها.

وقال موقع Stratfor الأمريكي، إن البصرة تريد التحول إلى نموذج أشبه بإقليم كردستان، حتى تتمكن من الحصول على عوائد كبيرة من النفط الذي تصدِّره، والذي يوازي ما تنتجه دولة الكويت.

الصورة الكبيرة

ويُعَدُّ العراق دولةً مُتنوِّعةً إلى حدٍّ كبيرٍ بفضل الطوائف الكبيرة الثلاث (الشيعة والسنة والأكراد)، ويُشكِّل الشيعة أكبر طوائف البلاد، لكن الشيعة مُنقسمون للغاية على أنفسهم. وحالياً يضغط الكثيرون داخل مُحافظة البصرة التي يُسيطر عليها الشيعة من أجل زيادة الحُكم الذاتي بها، ويُطالبون بالمزيد من الاستثمارات والتنمية المحلية اعتماداً على ثروة الطاقة داخل حدود المُحافظة، لكن من غير المُرجَّح أن يلقى هذا الهدف دعماً من الحكومة العراقية -التي يغلب عليها الشيعة أيضاً- نظراً لأن اقتصاد الحكومة يعتمد على موارد البصرة.

وتُنتِجُ مُحافظة البصرة العراقية نفس عدد براميل النفط التي تُنتجها دولة الكويت المُجاورة بالكامل تقريباً، لكنها لا تتحكم تماماً في عوائد ذلك النفط، لأن الحكومة الفيدرالية العراقية، التي تتحكَّم في اقتصاديات البلاد، تقع في بغداد.

ودفعت هذه الحقيقة الاقتصادية بسُكَّان البصرة إلى السعي مراراً وتكراراً لزيادة مساحة حكمهم الذاتي، وسيطرتهم على ثروة منطقتهم النفطية. وفي الأول من أبريل/نيسان، أطلق مجلس مُحافظة البصرة محاولةً واضحةً أخرى لفعل ذلك، من خلال التصويت بالإجماع على تحويل المنطقة إلى منطقة حكمٍ ذاتي في العراق بموجب دستور البلاد. وربما تُؤدي هذه الخطوة إلى تفعيل بندٍ في الدستور العراقي يسمح للمحافظة بأن تتحول إلى منطقةٍ مستقلة عن طريق الاستفتاء. وفي حال نجاح جهود المجلس، ستحظى العاصمة الاقتصادية للعراق بوضعية مُماثلةٍ لإقليم كردستان العراق، لكن البصرة لن ترضخ لتلك الضغوطات بسهولة، بحسب الموقع الأمريكي.

البصرة: عاصمة العراق الاقتصادية المُضطربة

وتُعَدُّ البصرة هي موطن ثُلثي إنتاج النفط العراقي، وتحتوي على حجمٍ أكبر من احتياطيات النفط المُؤكدة داخل البلاد، لكنها تعيش نزاعاتٍ شبه دائمةٍ مع بغداد بشأن عائدات النفط والاستثمارات المحلية منذ الإطاحة بصدام حسين، الزعيم الأسبق، قبل أكثر من 15 عاماً مضت. وزعم بعض أعضاء مجلس البصرة في الماضي أن بغداد مدينةٌ للمُحافظة بقرابة الـ45 مليار دولار في صورة عائدات نفطٍ وغازٍ غير مدفوعةٍ من الاتفاقيات السابقة، رغم أن الرقم مُبالغٌ فيه دون شك.

فارقٌ كبيرٌ بين المنطقة والمُحافظ

وبحسب الموقع الأمريكي، في حال تحوَّلت البصرة إلى منطقةٍ ذاتية الحكم، فستتزايد سُلطاتها المكفولة دستورياً زيادةً كبيرة. ورغم أن بغداد ستحتفظ عملياً بحقوق كافة حقول النفط التي تُنتِجُ النفط حالياً، لكن البصرة ستكون قادرةً على الزعم بأنها تُسيطر على حقوق أي حقل نفطٍ أو غازٍ غير منتجٍ حالياً -على غرار ما فعلته حكومة إقليم كردستان- ومن ثم تقوم بطرحها في مزادٍ علني. وفي حال لجأت البصرة إلى هذا الخيار، فستفتح الباب أمام المزيد من العائدات المحلية للحكومة المحلية، بالإضافة إلى زيادة الفُرَصِ المُتاحة أمام الشركات البصراوية للاستحواذ على عقودٍ محلية في قطاعي النفط والغاز. وستتمتَّع البصرة أيضاً بالمزيد من السيطرة على اقتصادها المحلي، والقدرة على اتِّخاذ قرارات إدارةٍ اقتصاديةٍ واسعة النطاق.

يلزم الحذر من الآتي

سيُحاول الساسة العراقيون على الأرجح منع إجراء الاستفتاء، وستكون هناك دعاوى مُناهضةٌ لتلك الخطوة من شخصياتٍ قياديةٍ شيعيةٍ مثل مقتدى الصدر وآية الله العظمى علي السيستاني. ولا ترغب إيران أن ترى المُعسكر الشيعي داخل العراق في حالة انقسام، لذا ستُحاول منع الأحزاب المُؤيدة لإيران والميليشيات التي تدعمها طهران داخل العراق من دعم ضغوطات البصرة، من أجل الحصول على حكمها الذاتي.

وسيُصبح عادل عبدالمهدي، رئيس الوزراء العراقي، في موقفٍ حرجٍ نتيجة ضغوطات البصرة من أجل إجراء استفتاءٍ على الاستقلال. إذ يُحاول عبدالمهدي إدارة حكومته الفوضوية وكافح من أجل اختيار وزيري الداخلية والدفاع في مناصبهما الحساسة. وسيُحاول على الأرجح التفاوض مع البصرة لاحتواء حالة عدم الاستقرار، لكن السؤال الحقيقي هو: إلى أي مدى سينجح في مساعيه؟ إذا حاول سلفه حيدر العبادي جاهداً أن يجد المال والعائدات التي تكفي لكسب رضا المُحتجِّين عام 2018، ولم تتحسَّن أوضاع بغداد المالية منذ ذلك الحين. وفي حال نجاح حكومة عبدالمهدي أن تمنع استفتاء مجلس محافظة البصرة، فربما تدخل البصرة فترةً أخرى تسودها الاحتجاجات والعنف المتزايد.

تحميل المزيد