تضاعفت الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة في اليمن لتجنُّب اندلاع معركة في ميناء الحديدة (غرباً)، الذي يسيطر عليه المتمردون، مع تقدم القوات الموالية للحكومة المدعومة من السعودية والإمارات نحو الميناء.
وقام مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الجديد إلى اليمن، مارتن غريفيث، منذ السبت الماضي، بزيارة إلى صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون المتهمون من قبل السعودية، بتلقي الدعم العسكري من إيران.
وأعرب غريفيث في ختام زيارته عن قلقه من الهجوم على مدينة الحديدة الواقعة على ساحل البحر الأحمر على بعد 230 كلم من صنعاء.
وقال "سمعت من خبراء عديدين خلال هذه الزيارة عن الهجوم على الحديدة والتبعات الخطيرة على الوضع الإنساني، التي قد تنتج عنه، والتي يمكن تفاديها"، مضيفاً "أشعر بالقلق أيضاً من تبعات الهجوم على المسار السياسي، وفرص التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع".
هدف الزيارة
وفي نيويورك، قال المتحدث باسم المنظمة الأممية ستيفان دوجاريك، إن زيارة غريفيث إلى صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين تهدف إلى البحث في الوضع في محيط ميناء الحديدة، إضافة إلى سبل استئناف مفاوضات السلام، الرامية لوضع حد للحرب المستمرة منذ 3 سنوات.
وأضاف المتحدث أن "المبعوث الخاص يبحث مع الأطراف في الخطوات الواجب اتخاذها لخفض التوتر، لا سيما في الحديدة".
ومن سالمقرر أن يرفع غريفيث إلى مجلس الأمن، الدولي في 18 حزيران/يونيو الجاري، تقريراً عن جهوده السلمية.
والتقى غريفيث في صنعاء الإثنين مهدي المشاط، رئيس "المجلس السياسي"، السلطة العليا في جماعة الحوثي.
ونقلت وكالة أنباء "سبأ" التابعة للحوثيين عن المشاط قوله "مثلما أن أيدينا على الزناد في خندق الدفاع عن وطننا وسيادته وأمنه ووحدته واستقلاله، فإننا أيضاً نمدّ أيدينا للسلام متى توفرت الجدية لدى الأطراف الأخرى".
ودعا المشاط الأمم المتحدة إلى القيام بدورها في "التخفيف من الكارثة الإنسانية التي خلَّفها العدوان، وإعطاء الأولوية لرفع الحصار عن مطار صنعاء والموانئ اليمنية وإيقاف العدوان".
موقف متصلّب
ورغم أن الحوثيين يمرّون بحلظة ضعف بعد خسارتهم في الساحل وتعرض مقار أمنية تابعة لهم للقصف واستهداف قيادات لهم إلا أنه وفق مصادر سياسية يمنية، طرحوا حزمة شروط على المبعوث الأممي، مقابل الانسحاب من مدينة الحديدة، ومن بينها دفع رواتب الموظفين العسكريين والمدنيين في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، وإعادة فتح مطار صنعاء، والسماح بحركة الطيران التجاري، ووقف الغارات الجوية للتحالف، ورفع الحصار عن الموانئ اليمنية.
ومن الشروط الأخرى التي تم تحديدها تقديم اعتذار عن مقتل صالح الصماد، أعلى مسؤول سياسي لدى الحوثيين، في غارة في أبريل/نيسان، في محافظة الحديدة.
وقال مسؤول حكومي يمني كبير في الرياض لوكالة الأنباء الفرنسية "أظهر الحوثيون موقفاً متصلباً، ووضعوا شروطاً تحول دون نجاح مساعي الحل السياسي".
وبحسب المسؤول، فإن "مساعي المبعوث الأممي لإقناع الحوثيين بتجنيب الحديدة معركة عسكرية، وإقناعهم بالانسحاب منها دون قتال، وتسليم الميناء لوضعه تحت إشراف الأمم المتحدة فشلت حتى الآن، نتيجة الشروط".
ومنذ سنوات، يشهد اليمن نزاعاً بين قوات موالية لحكومة معترف بها دولياً والحوثيين. وتدخَّلت السعودية على رأس تحالف عسكري في 2015، لوقف تقدم المتمردين الذين سيطروا على العاصمة صنعاء، في سبتمبر/أيلول 2014.
وميناء مدينة الحديدة يعتبر المدخل الرئيسي للمساعدات الموجهة إلى المناطق الواقعة تحت سلطة الحوثيين في البلد الفقير. لكن التحالف يرى في هذا الميناء منطلقاً لعمليات عسكرية، يشنّها الحوثيون على سفن في البحر الأحمر.
وكانت الإمارات، الشريك الرئيسي في قيادة التحالف، جمعت في بداية 2018 ثلاث قوى غير متجانسة، ضمن قوة واحدة، تحت مسمى "المقاومة اليمنية"، من أجل شنِّ عملية في الساحل الغربي باتجاه مدينة الحديدة.
ومساء الإثنين، أعلن التحالف العسكري في اليمن بقيادة السعودية عن تقدم جديد للقوات الموالية للحكومة نحو مدينة الحديدة، حيث باتت على بعد 9 كيلومترات، مشيراً إلى أن هذه القوات تنهي استعداداتها قبل التوجه "لتحرير" المدينة.
ويتحكم التحالف بأجواء اليمن وبحركة موانئه، ويمنع حركة الطيران في مطار صنعاء الخاضع لسيطرة المتمردين، ويسمح فقط لطائرات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية بأن تهبط فيه.
ودعا غريفيث مجدداً الثلاثاء إلى فتح المطار، قائلاً "أطالب جميع الأطراف بالعمل على فتح المطار أمام الرحلات التجارية".
وقُتل في النزاع اليمني منذ التدخل السعودي نحو 10 آلاف شخص، وفقاً لوكالة الأنباء الفرنسية.