الإفراج عن 18 معتقلاً سورياً.. لماذا رضخ النظام لهم دون بقية المعتقلين، وما علاقة الروس بالقرار؟
أثار إفراجُ السلطات السورية عن 18 معتقلاً من سجن حماة المركزي الاستغرابَ وسط متابعي الشأن السوري، خاصة أن هذه الخطوة جاءت استمراراً لمبادرة سابقة بإطلاق معتقلين من هذا السجن تحديداً.
وقال عضو "هيئة القانونيين السوريين"، المحامي عبدالناصر العمر حوشان، في تصريح لموقع "سمارت" السوري، إن هؤلاء الـ18 معتقلاً يُعتبَرون دفعةً أولى من أصل 106 محكومين أبلغتهم إدارة السجن بقرار إخلاء سبيلهم، حيث سيُطلقون على دفعات خلال الأسبوع الجاري.
وأضاف حوشان أن أغلب الذين صَدَرَ قرارُ إخلاء سبيلهم قضوا ثلاثة أرباع مدة الحكم، وبينهم 15 محكوماً بالإعدام.
وأشار إلى أن باقي المحكومين بالإعدام خُفضت أحكامهم إلى الأشغال الشاقة المؤبدة، والصادرة بحقهم أحكام بالأشغال الشاقة المؤبدة خُففت عقوبتهم إلى الأشغال الشاقة لمدة 15 سنة.
وفي 20 مارس/آذار 2019، أفرج النظام السوري عن دفعة كبيرة من المعتقلين في سجن حماة المركزي، ضمَّت 50 شخصاً تم اعتقالهم منذ عام 2011، على خلفية مشاركتهم في الاحتجاجات الشعبية ضد النظام السوري، ليصل عدد الذين أفرج النظام عنهم إلى 106 معتقلين، منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2018.
إفراج السلطات السورية عن 18 معتقلاً.. ماذا وراء هذا الخبر غير المتوقع
ترجع أسباب هذه الخطوة النادرة إلى الإضراب الذي نفذه السجناء في هذا السجن العام، حسب المصادر السورية المعارضة.
وكان 40 معتقلاً تلقّوا في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2018، قرارات تقضي بنقلهم إلى سجن "صيدنايا" العسكري، بينهم 11 شخصاً سيُنفذ حكم الإعدام بحقهم، وكانوا اعتقلوا على خلفية مشاركتهم بمظاهرات بداية الثورة السورية، ليدخلوا بعدها بإضراب مفتوح.
وقال المحامي عبدالناصر حوشان، عضو "هيئة القانونيين السوريين"، إن الإضرابات التي قام بها معتقلو سجن حماة المركزي عام 2016 احتجاجاً على أحكام الإعدام التي أصدرتها محاكم الإرهاب والمحكمة الميدانية بحق عدد منهم، جعلت السجن خارج السيطرة منذ ذلك العام.
وأضاف حوشان في تصريح لموقع "عنب بلدي" السوري المعارض، إن الإضرابات التي ترافقت مع استعصاء داخل السجن منعت الضباط وعناصر السجن من الدخول إلى الزنزانات، كون الأمر ترافق مع تغطية إعلامية وحقوقية، وتفاقم الوضع حين أعلن المعتقلون في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إضرابهم عن الطعام.
وبحسب حوشان، أرسلت اللجنة الأمنية في حماة وفداً من لجنة أهلية إلى المعتقلين، لإنهاء الإضراب عن الطعام دون شروط، إلا أن المعتقلين أصرُّوا على مطالبهم بإلغاء أحكام الإعدام والإفراج عن السجناء الذين انتهت مدة محكوميتهم، ولكن النظام رفض الاستجابة.
وما علاقة الروس بالقرار؟
تلك التطورات استدعت تواصل اللجنة الأهلية مع قاعدة حميميم الروسية بشكل مباشر، التي راسلت السلطات المعنية في موسكو من أجل إطلاعها على الوضع داخل سجن حماة.
كما رفعت "هيئة القانونيين السوريين" تقريراً حقوقياً إلى لجنة التحقيق الدولية المستقلة الخاصة بسوريا، مع تأمين شهادات حية من المعتقلين داخل السجن.
كل ذلك، بحسب المحامي السوري، شكَّل ضغطاً على النظام السوري، ما استدعى الإفراج عن 106 معتقلين، جميعهم ممن انتهت مدة محكوميتهم أو قضوا ثلاثة أرباع المدة، وبعضهم كانت تشملهم أحكام الإعدام.
كما خُفضت الأحكام بحقّ بعض المعتقلين من الإعدام إلى المؤبد مع الأشغال الشاقة، وخُفضت عقوبة المحكومين بالمؤبد إلى 15 عاماً مع الأشغال الشاقة.
ولكن لماذا رضخ النظام في هذا المعتقل تحديداً؟
أرجع عضو "هيئة القانونيين السوريين"، عبدالناصر حوشان، رضوخ النظام إلى ضغط روسي ساعد عليه إضراب المعتقلين عن الطعام، ونقل ذلك إلى الإعلام، الأمر الذي لم يحدث في بقية المعتقلات السورية.
وأضاف حوشان أن النظام السوري استغلَّ الأمرَ بقوله إنه أفرج عن معتقلي سجن حماة بموجب عفو رئاسي، إلا أن معظم المعتقلين المُفرج عنهم كانوا ممن أنهوا محكوميتهم، كما أن "العفو" الذي زَعَمَ النظام إصدارَه لم يشمل بقية المعتقلين في السجون الأخرى.
ويشير المحامي السوري، المطّلع على وضع المعتقلين في سجن حماة، إلى أن إدارة السجن عمدت إلى إجبار المعتقلين المُفرج عنهم على التوقيع على تسوية تتضمن الإفراج عنهم مقابل الالتحاق بالخدمة الإلزامية أو الاحتياطية في صفوف النظام السوري.
وتعرف "هيئة القانونيين السوريين" نفسها على مواقع التواصل الاجتماعي، بأنها مجموعة قانونيين سوريين، تعمل تمهيداً لمرحلة العدالة الانتقالية، للوصول لدولة المؤسسات والقانون دون النظام السوري، ومن أهدافها متابعة ملف المعتقلين ودراسة القوانين التي أصدرها النظام بعد الثورة السورية، وإعداد المذكرات القانونية حول جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.