تطور جديد وهام ألقى بظلاله على المشهد السياسي في الجزائر، إذ دعا قائد أركان الجيش أحمد قايد صالح، إلى تطبيق مادة دستورية تنص على شغور منصب رئيس البلاد أو استقالته لحل الأزمة الراهنة.
صالح قال "يتعين بل يجب تبني حل يكفل الخروج من الأزمة، ويستجيب للمطالب المشروعة للشعب الجزائري، وهو الحل الذي يضمن احترام أحكام الدستور واستمرارية سيادة الدولة".
واستطرد "حل من شأنه تحقيق توافق رؤى الجميع ويكون مقبولاً من كافة الأطراف، وهو الحل المنصوص عليه في الدستور في مادته 102".
وتنص المادة 102 من الدستور الجزائري على أنه في حالة استقالة الرئيس أو وفاته أو عجزه يخلفه رئيس مجلس الأمة (البرلمان) لمدة 90 يوماً تنظم خلالها انتخابات جديدة.
ويواجه نظام الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، منذ أكثر من شهر، انتفاضة شعبية غير مسبوقة، وتقول المعارضة إن قرابة 20 مليون مواطن شاركوا خلالها في تظاهرات تطالب برحيله لخمس جمعات متتالية.
المادة 102 ماذا تقول؟
وتنص المادة 102 على أنه إذا استحال على رئيس الجمهوريّة أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدّستوريّ وجوباً (المحكمة الدستورية)، وبعد أن يتثبّت من حقيقة هذا المانع بكلّ الوسائل الملائمة، يقترح بالإجماع على البرلمان التّصريح بثبوت المانع.
يُعلِن البرلمان، المنعقد بغرفتيه المجتمعتين معاً، ثبوت المانع لرئيس الجمهوريّة بأغلبيّة ثلثي (2/3) أعضائه، ويكلّف بتولّي رئاسة الدّولة بالنّيابة مدّة أقصاها 45 يوماً رئيس مجلس الأمّة (عبدالقادر بن صالح) الّذي يمارس صلاحيّاته مع مراعاة أحكام المادّة 104 من الدّستور.
وفي حالة استمرار المانع بعد انقضاء 45 يوماً، يُعلَن الشّغور بالاستقالة وجوباً حسب الإجراء المنصوص عليه في الفقرتين السّابقتين وطبقاً لأحكام الفقرات الآتية من هذه المادّة.
في حالة استقالة رئيس الجمهوريّة أو وفاته، يجتمع المجلس الدّستوريّ وجوباً ويُثبِت الشّغور النّهائيّ لرئاسة الجمهوريّة.
وتُبلّغ فوراً شهادة التّصريح بالشّغور النّهائيّ إلى البرلمان الّذي يجتمع وجوباً.
ويتولّى رئيس مجلس الأمّة مهام رئيس الدّولة لمدّة أقصاها 90 يوماً، تنظّم خلالها انتخابات رئاسيّة.
ولا يَحِقّ لرئيس الدّولة المعيّن بهذه الطّريقة أن يترشّح لرئاسة الجمهوريّة.
التصريح الجديد من رئيس أركان الجيش الجزائري فتح الباب أمام التساؤلات عن ماذا سيحدث في الفترة المقبلة، خاصة في ظل حساسية موقف المؤسسة العسكرية.
انحياز كامل للشعب
ومن جانبه قال المحلل السياسي محمد باشوش إن هذه الخطوة تأتي في إطار موقف الجيش الداعم لخيارات الشعب إذ طالبت المعارضة بتدخل الجيش من أجل تطبيق المادة 102 من الدستور.
وأضاف باشوش أن المجلس الدستوري سوف يعلن شغور منصب الرئيس ومن ثم سيوافق مجلس الأمة على خلو منصب بوتفليقة ويتولى رئيس المجلس فترة انتقالية لمدة 45 يومياً لحين إجراء انتخابات جديدة.
ربما يكون القرار انحيازاً لبوتفليقة:
ورغم رجاحة الرأي الذي يصب في اتجاه دعم تصريحات رئيس الأركان لمطالب الشعب إلا أنه قد يكون هذا الموقف دعماً لبوتفليقة وليس العكس، فالقرار في النهاية بيد مجلس الأمة وضرورة موافقة ثلثي أعضاء البرلمان على هذه المطالب، وبما أن الائتلاف الحاكم المكون من 4 أحزاب يسيطر على البرلمان فقد يكون احتمال تمرير القرار ضعيفاً.
وكانت الأحزاب الأربعة التي تشكل الائتلاف الحاكم في البلاد قد قررت ترشيح بوتفليقة لخوض الانتخابات والاستمرار في سدة الرئاسة لولاية خامسة مدتها خمس سنوات، قبل أن يتراجع بوتفليقة نفسه بعد ذلك بسبب ضغط الشارع.
موقف الجيش يتطور
وتطورت مواقف قيادة الجيش، الذي يعد أهم ركائز الدولة الجزائرية بشكل مضطرد، من التحذير من انحراف التظاهرات، إلى الإشادة بها، وفي النهاية إعلان واضح بالوقوف إلى جانب الشعب والاستعداد لحمايته، والمطالبة بحل عاجل للوضع القائم.
وكان ذلك في آخر خطاب لقائد الأركان الفريق قايد صالح، خلال زيارة إلى المنطقة العسكرية الثالثة بتندوف (جنوب غرب) 18 مارس/آذار الجاري.
وأعلن بوتفليقة 11 مارس/آذار الجاري، سحب ترشحه لولاية خامسة، وتأجيل انتخابات الرئاسة إلى جانب عقد مؤتمر للحوار لصياغة دستور جديد قبل تنظيم انتخابات رئاسة مبكرة لن يترشح فيها، وذلك على وقع انتفاضة شعبية رافضة لاستمراره في الحكم.
ورفضت المعارضة والحراك الشعبي مقترحات بوتفليقة، وأكدت في عدة مناسبات أن مطلبها هو رحيله مع وجوه نظام حكمه.
والسبت الماضي، عرضت أبرز القوى المعارضة في البلاد خارطة طريق لتجاوز الأزمة تقوم أساساً على اختيار هيئة رئاسية لخلافة بوتفليقة، وحكومة توافق، وهيئة مستقلة لتنظيم انتخابات جديدة.