اجتماع جسّ النبض.. هل تتورط الجامعة العربية في التطبيع مع إسرائيل بقمة تونس؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/03/21 الساعة 11:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/03/30 الساعة 16:53 بتوقيت غرينتش
الحاضرون والغائبون عن القمة العربية الأوروبية بشرم الشيخ

لم يتبقَّ على انعقاد القمة العربية الثلاثين التي تحتضنها تونس إلا أيام، في وقت كثُر فيه الحديث عن التطبيع العربي مع إسرائيل عبر الجامعة العربية، التي ظلَّت منذ نشأتها تعبِّر عن الشعوب لا عن حكامهم.

لكن هذا الاجتماع، الذي من المفترض أن يكون في نهاية مارس/آذار 2019، سبقته عدة مؤشرات تثير القلق، مما قد تنمّ عنه هذه القمة، التي بات المحور العربي الفعال فيها السعودية والإمارات ومصر لا يمانع، على الأقل في الغرفة المغلقة، في إقامة تحالف يضمّ إسرائيل، في مواجهة إيران العدو الجديد.

وقبل أسابيع كشف مؤتمر وارسو للسلام، في بولندا، عن تغيير كبير في مواقف الدول العربية تجاه إسرائيل، من خلال اللقاءات التي جمعت بين قادة عرب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في مقر إقامة الأخير في بولندا، أو في الاجتماع الذي رصدته الكاميرات، وأظهر ارتياحياً ومزاحاً عربياً مع نتنياهو ووزير الخارجية اليمني ونظيره السعودي.

بروفة وارسو

مؤتمر وارسو قد يُنظر له على أنه "بروفة" للتطبيع العربي مع إسرائيل في القمة المقبلة، مما أثار قلقَ مسؤولٍ تونسي سابق، الذي يخشى مِن تورُّط بلاده في "توجهات التطبيع" مع إسرائيل.

إذ أعرب وزير الخارجية التونسي الأسبق، رفيق عبدالسلام (2011: 2013)، عن أمله بألَّا تتورَّط بلادُه في "توجهات التطبيع" مع إسرائيل، خلال القمة العربية المقبلة.

عبدالسلام، وهو قيادي في حركة "النهضة"  قال في مقابلة مع وكالة الأناضول التركية: "نأمل أن تقدم تونس تطلعات الشارع العربي… لدينا خشية حقيقية من أن تكون هذه القمة (في تونس) قمة تفريط في الحقوق العربية والفلسطينية، من خلال الدفع تجاه التطبيع".

وأضاف: "نأمل ألَّا تتورط تونس في توجهات التطبيع في القمة، وتخالف تطلعات الشارع التونسي والعربي".

وتابع: "هناك خشية من أن يتم تزييف الواقع العربي، من خلال القول إن الخطر الرئيسي، الذي يمسّ الأمن العربي، هو الذي يتأتى من إيران أو من تركيا، أو ما يُسمى بالإسلام السياسي".

عملية تضليل

عبدالسلام شدَّد على وجود "حقائق صُلبة في المنطقة، والشعوب العربية تعرف العدوَّ من الصديق… لدينا خشية من  أن تسير هذه القمة في مسارات منحرفة لا تستجيب لتطلعات الشارع العربي والإسلامي".

ومضى قائلاً: "نأمل ألَّا تتورط تونس في مثل هذه السياسات، السياسة الخارجية التونسية قائمة على النأي عن الصراعات العربية الداخلية".

وأضاف: "ننحاز للقضية الفلسطينية وللقدس ومواجهة مشروع الاحتلال والاستيطان، هذه ثوابت لدى التونسيين ولدى الشارع العربي والإسلامي، ونأمل أن تحافظ تونس على استقلالية موقفها".

وشدَّد على أن "هناك دولاً إقليمية تتورط في التطبيع مع إسرائيل، تحت عنوان أن العدو أصبح إيران وتركيا والإسلام السياسي، وكل هذا تضليل".

صفقة القرن

ولعل ما يثير القلق من هذه القمة هو الزخم المتزايد حول ما يُطلق عليه صفقة القرن، التي يدعم تنفيذها زعماء عرب مثل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، هؤلاء القادة الثلاثة لا يوجد لديهم قلق أو مانع ضدّ تمرير هذه الصفقة التي يرعاها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ويعمل على تطبيقها صهره ومبعوثه الخاص إلى المنطقة جاريد كوشنر.

أهم بنود هذه الصفقة هو تبادل الأراضي بين إسرائيل ودول عربية مثل مصر والأردن، بحسب كتاب يتحدث عن تفاصيل الخطة بعنوان (مؤسسة كوشنر: الجشع والطموح والفساد، القصة الاستثنائية لجاريد كوشنر وإيفانكا ترامب)، من تأليف الكاتبة البريطانية فيكي وارد، ونشرته دار St Martin's Press للطباعة.

وكتبت وارد: "إنَّ ما أراده كوشنر… هو أن يقدم السعوديون والإماراتيون المساعدة الاقتصادية للفلسطينيين. كان ثمة خطط لإنشاء خط أنابيب من السعودية إلى غزة، حيث يمكن بناء مصافٍ ومحطة للشحن، وسوف تمكن الأرباح من إنشاء مصانع لتحلية مياه البحر، ليتمكن الفلسطينيون من العثور على عمل، ومعالجة معدل البطالة المرتفع".

وقالت وارد إنَّ هذه الخطة شملت أيضاً تبادلاً للأراضي، يقوم بموجبه الأردن بمنح أرض تضاف إلى الأراضي الفلسطينية، و "في المقابل، يحصل الأردن على أرض من السعودية، التي سوف تستعيد جزيرتين في البحر الأحمر كانت قد منحتهما لمصر لإدارتهما عام 1950".

أيضاً تصريحات مثيرة لملك الأردن، حول ممارسة أطراف معينة ضغوطاً عليه مقابل بعض "التنازلات" بشأن القدس، الأمر الذي يعتبره الملك الأردني عبدالله الثاني خطاً أحمر لا يمكن الموافقة عليه.

وكوشنر نفسه، كان قد قال لقناة Sky News Arabia، أثناء مؤتمر وارسو، الشهر الماضي فبراير/شباط، إنَّ خطة البيت الأبيض، المتوقع تقديمها في وقت ما بعد انتخابات الـ9 من شهر أبريل/نيسان في إسرائيل، سوف تركز على "قضايا الحدود".

وقال كوشنر إنَّ الخطة سياسية واقتصادية على حد سواء، وإنها "فعلاً متعلقة بإنشاء الحدود وحلِّ قضايا الوضع النهائي… سوف يكون للخطة تأثير اقتصادي واسع، ليس على إسرائيل والفلسطينيين فحسب، وإنما على المنطقة بأسرها أيضاً". وأضاف صهر الرئيس وكبير مستشاريه أيضاً، أنَّ الخطة سوف يكون لها أثر كبير على المنطقة بأسرها، بما في ذلك الأردن ومصر ولبنان.

هل الأمر سيمرّ بسهولة؟

رغم كل المؤشرات حول إمكانية تطرّق هذه القمة إلى التطبيع مع إسرائيل فإن الموقف ليس بالسهولة الكافية، فعددٌ من الدول العربية مثل قطر والجزائر والمغرب لا يرحِّب بمثل هذه التصريحات في اجتماع عربي مثل هذا، في نفس الوقت الانقسامات العربية البارزة قد تحول دون أي موافقة أو دعم عربي تجاه هذا الملف الحساس.

أيضاً من الأمور الأخرى التي تُشكِّك في إمكانية تمرير هذا الأمر في هذه القمة، ما يتعلق بالجامعة العربية نفسها، التي أقيمت في الأساس قبل الإعلان رسمياً عن قيام إسرائيل عام 1948، من أجل الدفاع عن الفلسطينيين ضدَّ الجماعات اليهودية المسلحة، التي كانت ترتكب مجازر بحقِّ الفلسطينيين، مما يعني استبعاد تورّط الجامعة في هذا الأمر.

كذلك لم يُعهد على الجامعة العربية أن تبنَّت موقفاً مثل هذا من قبل، خاصة أن القمة العربية التي عُقدت في بيروت عام 2002، والتي وافقت على المبادرة العربية للسلام، لم توافق عليها إسرائيل أو تلتزم بها، مما يصعب على القادة العرب اللجوء إلى الجامعة في هذا الأمر.

 

تحميل المزيد