تسمع كثيراً عن مرض السكري وربما أُصيب به بعض أفراد عائلتك أو معارفك أو أصدقائك، تعرف أنه يُعطل جانباً كبيراً من الحياة، فلا يسمح بتناول أطعمة معينة، كما إنه يجعل الأشياء التي قد تكون بسيطة بالنسبة لغير المصابين به تصبح خطيرة بالنسبة للمصابين به، مثل الجروح أو العمليات الجراحية البسيطة.
فالجراحة من أهم المشاكل التي تواجه مريض السكري ويحتاج المريض وقتها لرعاية خاصة، كل هذا يجعلك تخشى المرض، هنا سنتعرف بشكل أكثر تفصيلاً على مرض السكري، وما هي أعراضه؟ وكيف تتم الإصابة به؟
ما هو مرض السكري؟
مرض السكري هو حالة تُضعف قدرة الجسم على معالجة غلوكوز الدم، والمعروف باسم سكر الدم، ويُعد الغلوكوز عنصراً حيوياً لصحتك، إذ إنه مصدر مهم للحصول على الطاقة للخلايا التي تُشكل العضلات والأنسجة، كما أنه يُعد مصدر الطاقة الرئيسي للدماغ، والإصابة بمرض السكري تعني أن الغلوكوز لم يصل إلى خلايا الجسم، وارتفعت نسبته في مجرى الدم.
يأتي الغلوكوز من مصدرين رئيسيين: تناول الطعام كما أن كبد الإنسان يقوم بإفرازه، يُمتص الغلوكوز في مجرى الدم، حيث يدخل خلايا الجسم بمساعدة هرمون الأنسولين، كما أن الكبد بالإضافة إلى تصنيعه للغلوكوز فهو يُخزنه أيضاً.
وعندما تكون مستويات الغلوكوز لديك منخفضة، كأن لا تأكل لفترة طويلة، يقوم الكبد بتكسير الجليكوجين المُخَزن لديه وتحويله إلى الغلوكوز للحفاظ على مستوى الغلوكوز في نطاقه الطبيعي.
عليك أن تأخذ التدابير الاحتياطية والحذر اللازم عند زيادة الغلوكوز في الدم والإصابة بمرض السكري، لأنه يمكن أن يؤدي السكري إلى تراكم السكريات في الدم، مما قد يزيد من خطر حدوث مضاعفات خطيرة، مثل: السكتة الدماغية وأمراض القلب.
هناك أنواع مختلفة يمكن أن تحدث من مرض السكري، وتعتمد طريقة التعامل مع الحالة على نوع المرض، فليس كل أشكال مرض السكري تنبع من زيادة الوزن أو نمط الحياة الخاطئ الذي يحتوي على الكثير من العادات غير الصحية، فقد يكون الأمر خاضعاً للاستعدادات الوراثية والعوامل البيئية.
أنواع مرض السكري وأسبابها
هناك ثلاثة أنواع من مرض السكري: مرض السكري من النمط الأول، مرض السكري من النمط الثاني، مرض سكري الحمل.
1- مرض السكري من النمط الأول:
يحدث هذا النوع عندما يفشل الجسم في إنتاج الأنسولين، والأنسولين هو هرمون يأتي من غدة تقع خلف المعدة وتحتها البنكرياس، يُفرز الأنسولين في مجرى الدم، ومع دوران الأنسولين في الدم، فإنه يُمكّن الغلوكوز من دخول الخلايا، يُخفض الأنسولين كمية الغلوكوز الموجودة في مجرى الدم، ومع انخفاض مستوى السكر في الدم سينخفض أيضاً إفراز الأنسولين.
عدم إفراز الأنسولين بشكل طبيعي لدى مرضى السكري من النمط الأول، يجعلهم يجب عليهم تناول الأنسولين الاصطناعي يومياً للبقاء على قيد الحياة.
غير معلوم على وجه الدقة ما هي الأسباب التي تقف وراء الإصابة بمرض السكري من النمط الأول، وإن كان المُرجح بنسبة أكبر أن جهاز المناعة المسؤول عن مكافحة الفيروسات والبكتيريا الضارة، يُهاجم الخلايا المُنتجة للأنسولين في البنكرياس ويُدمرها.
وهذا يجعل الجسم غير قادر على إفراز الأنسولين بشكل كامل، أو يفرز نسبة بسيطة منه، وبدلاً من انتقال السكر إلى الخلايا فإنه يتراكم في مجرى الدم، يُعتقد أيضاً أن حدوث مرض السكري من النمط الأول، مُرتبط بمجموعة من الاستعدادات الوراثية والعوامل البيئية، وإن كان من غير المعلوم ماهية هذه العوامل بالضبط.
2- مرض السكري من النمط الثاني:
في مرض السكري من النمط الثاني فإن الجسم يستمر في انتاج الأنسولين، لكن هذا المرض يؤثر على طريقة استخدام الجسم للأنسولين، فلا تستجيب له خلايا الجسم على نحو فعّال كما يحدث في الحالة الطبيعية.
فتصبح الخلايا مقاومة للأنسولين ويكون البنكرياس غير قادر على إنتاج القدر الكافي من الأنسولين للتغلب على هذه المقاومة، فبدلاً من انتقال السكر إلى الخلايا التي تحتاج إليه للحصول على الطاقة، يتراكم في مجرى الدم.
يُعدّ السبب وراء الإصابة بمرض السكري من النمط الثاني غير معلوم بالتحديد أيضاً، على الرغم من الاعتقاد بأن العوامل البيئية والوراثية لها دور في تطور المرض، كما أن السكري من النمط الثاني له ارتباطات قوية بالسمنة وزيادة الوزن، وعدم بذل الكثير من الجهد والحركة، وهو النوع الأكثر شيوعاً من مرض السكري.
3- سكري الحمل:
يحدث المرض أثناء فترة الحمل، وهو مثل الأنواع الأخرى من مرض السكري، يؤثر على كيفية استخدام الخلايا لديك للسكر (الغلوكوز)، ويسبب مرض سكري الحمل ارتفاعاً في نسبة السكر في الدم، ويمكن أن يؤثر على حملك وصحة طفلك.
لا يحدث سكري الحمل في جميع النساء، وعادةً ما ينتهي المرض بعد الولادة، ويعود السكر في الدم إلى مستواه الطبيعي، ولكن إذا سبق لكِ الإصابة بمرض سكري الحمل، فإنك معرضة لخطر الإصابة بالسكري من النمط الثاني، وينبغي الحفاظ على المتابعة الطبية لمراقبة وإدارة نسبة السكر في دمك.
لا يعرف الباحثون سبباً واضحاً وراء الإصابة بسكري الحمل، وإن كان المُرجح أن الإصابة تتم بسبب إنتاج المشيمة مستويات عالية من الهرمونات الأخرى المختلفة، والتي تُضعف من قدرة الأنسولين على العمل، الأمر الذي يؤدي إلى رفع نسبة السكر في الدم.
عندما ينمو الجنين وتنتج المشيمة المزيد والمزيد من الهرمونات المضادة للأنسولين يحدث مرض سكري الحمل، وقد يؤثر ارتفاع نسبة السكر في الدم على نمو الجنين وصحته، عادةً ما يتطور المرض خلال النصف الأخير من الحمل.
يمكن أن تُصاب أي امرأة بسكري الحمل، ولكن تزداد احتمالية حدوثه وفقاً للسن، فالنساء الأكبر من 25 عاماً أكثر عُرضة للإصابة به، التاريخ المرضي العائلي أو الشخصي كأن تكون المرأة أصيبت بمقدمات السكري وهو ارتفاع طفيف في نسبة السكر في الدم.
أو يكون أحد أفراد الأسرة المقربين كالوالدين أو الإخوة مُصاباً بمرض السكري من النمط الثاني، الوزن الزائد بشكل كبير أكثر عرضة للإصابة بالمرض، العرق غير الأبيض فلأسباب غير واضحة تكون النساء ذوات البشرة السوداء أكثر عرضة للإصابة بالمرض.
خطورة الإصابة بمرض السكري
يمكن لمضاعفات السكري أن تُسبب مخاطر بالغة للجسم وأعضائه الرئيسية، مثل:
– أمراض القلب والأوعية الدموية:
يزيد مرض السكري بشكل كبير من خطر الإصابة بمختلف مشاكل القلب والأوعية الدموية، بما في ذلك مرض الشريان التاجي مع آلام في الصدر (الذبحة الصدرية)، والنوبات القلبية، والسكتة الدماغية، وتصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم.
– تلف الأعصاب:
يمكن أن يؤدي السكر الزائد إلى إصابة الشعيرات الدموية التي تغذي أعصابك، وخاصة في الساقين والأطراف، وقد يتسبب ذلك في الشعور بوخز أو خدر أو ألم، يبدأ عادةً في أطراف أصابع القدم أو أصابع اليدين وينتشر تدريجياً إلى أعلى، عدم ضبط معدل السكر في الدم يؤدي في النهاية إلى فقدان الإحساس بالشعور في الأطراف المصابة.
– ضرر بالقدم:
يزيد تلف الأعصاب في القدمين أو ضعف تدفق الدم إلى القدمين من خطر المضاعفات المختلفة المتعلقة بالقدم، فيمكن للجروح والبثور، إذا لم تعالج، أن تتحول إلى إصابات خطيرة قد تتطلب في نهاية المطاف بتر الإصبع أو القدم أو الساق.
– تلف الكلى:
تحتوي الكلى على الملايين من مجموعات الأوعية الدموية الصغيرة التي تُنقي الدم من الفضلات، يمكن أن يضر داء السكري بنظام التنقية هذا، مما يُسبب الفشل الكلوي أو الإصابة بالمرحلة الأخيرة من مرض الكلى الذي لا يمكن علاجه، والذي يتطلب غسيل الكلى أو زراعة كلى.
– تلف العين:
يمكن لمرض السكري أن يتلف الأوعية الدموية في شبكية العين، مما قد يسبب العمى، كما يزيد السكري من احتمالية حدوث مخاطر أخرى متعلقة بالبصر.
– أمراض الجلد والفم:
قد يجعلك مرض السكري أكثر عرضة لالتهابات في الجلد والفم، بما في ذلك الالتهابات البكتيرية والفطرية، كما تصبح معرضاً لأمراض اللثة وجفاف الفم.
– مضاعفات سكري الحمل:
يمكن لارتفاع مستويات السكر في الدم أن يكون خطراً على كل من الأم والطفل، ويزداد خطر حدوث الإجهاض ووفاة الجنين والعيوب الخلقية عندما لا يتم التحكم في المرض بشكل جيد.
بالنسبة للأم يزيد مرض السكري من مشكلات العين السكرية/اعتلال الشبكية، وارتفاع ضغط الدم الناجم عن الحمل.
أعراض مرض السكري:
يمكن أن تظهر أعراض مرض السكري فجأة، وتتضمن: زيادة العطش، كثرة التبول، التبول في الفراش ليلاً لدى الأطفال والذين لم يعتادوا أن يبللوا سريرهم من قبل، الجوع الشديد، فقدان في الوزن بشكل طبيعي غير مقصود.
أيضاً العصبية والانفعال وبعض التغيرات النفسية الأخرى، و حالة دائمة من الإرهاق والضعف، و مشكلات في العينين وعدم وضوح الرؤية، سمرة الجلد في مناطق معينة من الجسم، ويمكن أن تتضمن المناطق المُصابة العنق والإبط والمرفق والركبة.
النمط الأول من مرض السكري يمكن أن يحدث في أي عُمر، إلا أنه عادةً ما يظهر أثناء الطفولة أو المراهقة، كذلك يمكن أن تحدث الإصابة بالنمط الثاني من السكري وهو الأوسع انتشاراً في أي عمر، على أنه أكثر شيوعاً بين الأشخاص الذين تخطوا 40 عاماً.
متى يعتبر المريض مُصاباً بمرض السكري؟
يشير الأطباء إلى أن الأشخاص يعانون من مرض السكري عندما يتراوح معدل السكر في الدم عادة بين 100 و 125 ملليغرام لكل ديسيلتر، تتراوح مستويات السكر في الدم الطبيعية بين 70 و99 ملليغرام / ديسيلتر، في حين أن الشخص المصاب بداء السكري سيكون لديه سكر دم صائم أعلى من 126 ملليغرام / ديسيلتر.
كيف يمكنك التعامل مع مرض السكري؟
إذا تم تشخيص مرض السكري فسينصح الأطباء غالباً بإجراء تغييرات على نمط الحياة لدعم فقدان الوزن ومحاولة السيطرة على معدلات السكر في الدم، قد يحيل الأطباء المريض إلى أخصائي تغذية ليساعده على اتباع نظام غذائي صحي يُمكنه من إدارة مرض السكري والتعامل معه، ومن الخطوات التي يمكن أن يتخذها الشخص لتبني نمط حياة صحي مع مرض السكري:
1- تناول نظام غذائي غني بالأطعمة الطازجة والمغذية، بما في ذلك الحبوب الكاملة والفواكه والخضراوات والبروتينات الخالية من الدهون ومنتجات الألبان قليلة الدسم ومصادر الدهون الصحية مثل المكسرات.
2- تجنب الأطعمة عالية السكر التي توفر سعرات حرارية لا لزوم لها، مثل المشروبات الغازية المحلاة، والأطعمة المقلية، والحلويات عالية السكر.
3- ممارسة التمارين الرياضية لمدة 30 دقيقة على الأقل في اليوم لمدة 5 أيام على الأقل في الأسبوع، مثل المشي أو ركوب الدراجة أو السباحة.
من المرجح أن تساعد الخسارة في فقدان الوزن الشخص على الاحتفاظ بفوائد طويلة الأجل في التعامل مع مرض السكري.