خطوط عريضة تساعدنا على فهم سيكولوجية مجرم نيوزيلندا

عربي بوست
تم النشر: 2019/03/16 الساعة 08:14 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/03/16 الساعة 14:45 بتوقيت غرينتش
وجد في ترامب قدوة له، وساعده الإنترنت في تنفيذ الهجوم.. خطوط عريضة تساعدنا على فهم سيكولوجية مجرم نيوزيلندا

بدأ الرجل المُسَّلح الذي بثَّ جزءاً من هجومه الوحشي على مسجدين في مدينة كرايست تشيرش في نيوزيلندا، الجمعة 15 مارس/آذار 2019، من خلال كاميرا مُثبتة على رأسه، الفيديو الخاص به بالإشارة بأريحية إلى "ميم" مُنتشر حالياً على الإنترنت، نقلاً عن صحيفة The New York Times الأمريكية.

وبدا أنَّه على دراية واسعة بثقافة الإنترنت اليميني المتطرف. وفي الدقائق المروعة من الفيديو التي تلت ذلك، أثبت أنَّه قاتل غير مبالٍ وغير نادم.

مَن هو سفاح نيوزيلندا؟

حتى مساء الجمعة 15 مارس/آذار، لم تُحدد السلطات هوية الرجل المُسلح.

ولكن قبل بدء الهجوم بفترة وجيزة، نشر رجل قال إنَّه يبلغ من العمر 28 عاماً من أستراليا رابطاً لبيان مكون من 74 صفحة على منتدى يميني، ورابطاً آخر على المنتدى نفسه لصفحة شخصية على فيسبوك، تُظهر الفيديو الذي كان من شأنه أن يوثق لاحقاً المذبحة.

وبالاستناد إلى الفيديو، والبيان، وما نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي، بدأت تظهر صورة لرجل مدفوع بالقومية البيضاء بشكلٍ أساسي، والرغبة في الإيقاع بين الناس في جميع أنحاء العالم على الصعيد الثقافي، والسياسي، والعرقي.

وكان يأمل الرجل أن يؤدي ذلك إلى تأجيج الفتنة، وفي النهاية توليد المزيد من العنف بين الأعراق.

وليس من الواضح ما إذا كان مستخدم فيسبوك هو الرجل الذي اتهمته السلطات في نيوزيلندا بعمليات إطلاق النار التي راح ضحيتها ما لا يقل عن 49 شخصاً.

إذ إنهم قالوا فقط إنَّ المشتبه به رجل في العشرينيات من عمره.

وذكرت هيئة الإذاعة العامة الرئيسية في أستراليا، أنَّ مستخدم فيسبوك عمل مُدرباً شخصياً في صالة رياضية في مدينة جرافتون في أستراليا، بعد إنهائه تعليمه المدرسي في عام 2009 وحتى عام 2011، عندما غادر للسفر إلى الخارج.

 لم يُعرف على الفور إلى أين سافر بالضبط، ولكن كاتب البيان ذكر فيه أنَّه خاض رحلة استكشافية لجزء كبير من أوروبا في ربيع عام 2017.

مدير فندق وصفه بـ "المهذب"

وزار رجل يحمل الاسم نفسه إقليم جيلجيت بالتستان الإداري في باكستان، في أكتوبر/تشرين الأول، حسبما أكد أشخاص في فندقين هناك.

وقال أصغر خان، مدير العمليات في فندق Serena Hotel في باكستان، إنَّ الرجل بدا وكأنَّه مُسافر "مُحب للطبيعة".

وقال سيد إسرار حسين، مالك فندق  Osho Thang القريب، إنَّه مكث هناك لمدة يومين أو ثلاثة أيام مع مجموعة من الرحالة.

وقال حسين: "لقد كان طبيعياً ومهذباً أثناء إقامته، لم يكن هناك شيء خارج عن المألوف".

السفاح كان متدرباً على إطلاق النار

وبدا أنَّ الرجل المسلح ربط إطلاق النار بتكتيكات التصيُّد النموذجية لدى أكثر المحرِّضين اليمينيين تطرفاً على الإنترنت، وأقدم على ذلك ليحوز إعجاب مجتمع من المؤيدين المتشابهين في التفكير على الإنترنت، الذين كانوا يشجعونه ويهتفون له أثناء تنفيذه للعملية وهم يشاهدون الجثث تتراكم فوق بعضها.

 ويعلن البيان بوضوح ما لا يُفصح عنه مُتصيدو الإنترنت عادةً، حسب التخطيط أراد كاتب البيان أن يُزعج الجميع، وأن يتسبَّب في وقوع جدل بينهم.

بيان طويل يشرح أهداف القتل

وكتب أنَّ أحد أهداف عملية القتل هذه هو "تحريض الأعداء السياسيين لشعبي على التحرك، وجعلهم ينخرطون في أعمال، ويختبرون ردود الفعل العنيفة والحتمية التي لا مفرَّ منها ضدَّهم نتيجةً لذلك". وقال إنَّه يريد "التحريض على العنف، والانتقام، ومزيداً من الانقسام".

ويُظهر البيان، والفيديو المروّع، وما يبدو أنَّها منشورات للرجل المُسلح على مواقع التواصل الاجتماعي، خطابَ رجل قومي أبيض نموذجي، بالإضافة إلى طبقات مُتراكمة من النكات الساخرة والتهكم، مما يجعل من الصعب تحليل ما هو حقيقي، وما يعتقد مؤلف البيان أنَّه مضحك.

ويبدو أنَّ الرجل المسلح لديه اهتمام كبير بالتاريخ، على الأقل، بالأجزاء التي يمكن جعلها جزءاً من قصة قومية بيضاء. وكتب على أسلحته أسماء قادة عسكريين كانوا موجودين منذ قرون، وقادوا معارك ضد قوات كان أكثرهم من غير البيض، إلى جانب أسماء الرجال الذين نفذوا مؤخراً عمليات إطلاق النار الجماعي، مستهدفين يهوداً ومسلمين.

ويشير البيان، الذي يفيض بالمشاعر المعادية للمسلمين، إلى غير البيض بـ "الغزاة" الذين يُهددون "باستبدال" البيض.

ويقول كاتبه إنَّه استخدم البندقيات بدلاً من الأسلحة الأخرى، لأنَّه أراد من الولايات المتحدة أن تُدمر نفسها بالجدال حول قوانين الأسلحة.

إنَّ اختياره للكلمات، و"ميمات الإنترنت" المُحددة التي أشار إليها، يشير إلى وجود صلة عميقة تجمعه بالمجتمع اليميني المُتطرف على الإنترنت.

الفيديو نُشر حصرياً على منتدى يميني متطرف

ونُشر رابط الفيديو المُباشر لأول مرة على منتدى "/pol/" على موقع "8chan"، وهو منتدى يميني مُتطرف سيئ السمعة، حيث جرى الاحتفاء بالرجل المُسلح باعتباره بطلاً بعد إطلاق النار.

كانت بعض مراجعه منتقاة بدقة، بينما كان يقود سيارته إلى المسجد استمع إلى أغنية مُرتبطة بمقطع فيديو وطني صربي في عام 1995، جرى تصنيفه مؤخراً على أنَّه "ميم" عنصري.

ما قد يبدو وكأنَّه جزء غريب وثرثرة غير مرتبطة بالبيان، كان في الواقع "ميماً" قديماً نسبياً يُعرف باسم "Navy Seal Copypasta"، وهو صخب مُزيف يُنسخ ويُلصق للإشارة إلى صلابة مزيفة.

على موقع "8chan"، رفع صورة بعنوان "Screw Your Optics"، وهي عبارة يُقال إنَّ روبرت باورز، الرجل المُتهم بإطلاق النار وقتل 11 شخصاً في معبد يهودي في بيتسبرغ بولاية بنسيلفانيا الأمريكية، في أكتوبر/تشرين الأول، كان قد استخدمها.

السفاح طلب الاشتراك في قناة على يوتيوب

وكانت العبارة "Subscribe to PewDiePie" أو "اشترك في قناة بيو داي باي" التي قالها الرجل المُسَّلح في بداية الفيديو، هي "ميم إنترنت" حديثة، تُشير إلى نجم يوتيوب اسمه الحقيقي فيليكس شالبرج، إلا أنَّ استخدام الرجل المُسلح لهذه العبارة لا يجب أن يُفهم على أنَّه دعم لبيو داي باي.

 ونشر بيو داي باي، وهو شخصية مستقطبة ذات جاذبية شعبية، تغريدة على تويتر، يقول فيها: "مشمئز للغاية لأنَّ هذا الشخص نطق اسمي".

دونالد ترامب رمز "لتجديد الهوية البيضاء"

وكتب أنَّ كانداس أوينز، المُعلقة السمراء المحافظة في الولايات المتحدة، كانت أكثر شخص مسؤول عن تطرفه، وهو ادعاء يبدو أنَّ المقصد منه المزاح.

ووصف الرئيسَ الأمريكي دونالد ترامب بأنَّه "رمز لتجديد الهوية البيضاء والهدف المشترك"، ولكنه سخر منه باعتباره "صانع سياسة وقائداً".

كما انتقد التنوع بشدة، وأشاد بـ "الأمم غير المتنوعة" مثل الصين، التي قال عنها إنَّها أقرب من يتشابه مع قِيمِه السياسية والاجتماعية.

في جزء في البيان مكون من أسئلة وأجوبة، سأل نفسه: "أين بَحَثَ عن معتقداته وطوَّرها؟".

وكتب: "الإنترنت، بالطبع. لن تجد الحقيقة في أي مكانٍ آخر".

تحميل المزيد