في البحث الذي أجريته عن التوقيت الصيفي اكتشفت أنَّ الأمريكيين لا يحبون أن يعبث الكونغرس بساعاتهم، هكذا يقول د. ستيف كالندريلو أستاذ مُحاضر في جامعة واشنطن.
وفي مسعى لتجنُّب تبديل الساعة مرتين سنوياً في الربيع والخريف، فإنَّ بعض منتقدي التوقيت الصيفي، حسني النية، ارتكبوا خطأ بالإشارة إلى أنَّ إلغاء هذا التوقيت، والعودة إلى التوقيت القياسي الدائم، من شأنه أن ينفع المجتمع.
وبعبارة أخرى، فإنَّ الولايات المتحدة لن تقدم الساعة في الربيع أو تؤخرها في الخريف إلى الأبد، لكنهم مخطئون، ذلك أنَّ التوقيت الصيفي ينقذ أرواحاً ويوفر الطاقة ويمنع الجريمة.
وكذا فليس من المستغرب أنَّ السياسيين في واشنطن وكاليفورنيا وفلوريدا يقترحون الآن الانتقال إلى التوقيت الصيفي على مدار السنة.
وينبغي للكونغرس استغلال هذا الزخم لنقل البلاد بأكملها إلى التوقيت الصيفي على مدار السنة، بعبارة أخرى، تقديم الساعات كلها بشكل دائم.
ولو فعل الكونغرس ذلك فإنني أرى 5 طرق سوف تتحسن بها حياة الأمريكيين على الفور بحسب ما نشره موقع Science Alert.
1. سوف تُحفظ الأرواح
بكل بساطة: الظلام يقتل، والظلام في المساء أخطر بكثير من الظلام في النهار.
ذلك أنَّ معدل الوفيات في ساعة الذروة المسائية أكبر مرتين من المعدل في ساعة الذروة الصباحية لأسباب شتى:
إذ يكون عدد أكبر من الناس في الشوارع، وتجري كمية أكبر من الكحول في عروق السائقين، ويسرع الناس للوصول إلى منازلهم، ويكون عدد أكبر من الأطفال بالخارج للتمتع باللعب الحر في الهواء الطلق.
وكذا فإنَّ حوادث التصادم المميتة التي تصدم بها العربات المشاة تزداد بمقدار ثلاثة أضعاف عندما تغيب الشمس.
يجلب التوقيت الصيفي ساعة إضافية من ضوء الشمس إلى المساء لتخفيف هذه المخاطر، أما التوقيت القياسي فيؤدي إلى العكس تماماً، إذ ينقل ضوء الشمس إلى الصباح.
وأظهرت دراسة شاملة لباحثين من جامعة روتجرز، أنَّ من الممكن إنقاذ حياة 343 شخصاً سنوياً إذا حدث الانتقال إلى التوقيت الصيفي على مدار العام. وسوف يحدث تأثير معاكس لو فرضت الولايات المتحدة التوقيت القياسي على مدار العام.
2. سوف تنخفض الجرائم
الظلام صديق الجريمة أيضاً. إنَّ لنقل ضوء الشمس إلى ساعات المساء أثراً أكبر بكثير في منع الجريمة مما لو نقل إلى ساعات الصباح.
وينطبق هذا الأمر بشكل خاص على جرائم الأحداث، التي تصل إلى ذروتها في ساعات ما بعد المدرسة والساعات المبكرة من المساء.
يفضل المجرمون بقوة أداء عملهم في ظلام المساء والليل.
وتقل معدلات الجرائم بمقدار 30% في الصباح إلى ساعات بعد الظهر، حتى عندما تكون ساعات الصباح هذه قبل شروق الشمس، عندما تكون السماء لا تزال مظلمة.
وقد وجدت دراسةٌ بريطانية عام 2013 أنَّ تحسين الإضاءة في ساعات المساء من شأنه تقليل معدل الجريمة بنسبة تصل إلى 20%.
3. سوف تُوفر الطاقة
لا يعرف الكثير من الناس أنَّ التبرير الأصلي لاختراع التوقيت الصيفي كان توفير الطاقة، في البداية أثناء الحربين العالميتين الأولى والثانية.
ثم لاحقاً أثناء أزمة نفط أوبك عام 1973. فعندما تغيب الشمس في وقت متأخر من المساء، فإنَّ ذروة حمولات الطاقة تُخفَّض.
وجميع الأشخاص تقريباً في مجتمعنا يستخدمون الطاقة في الساعات المبكرة من المساء عندما تغيب الشمس، لكنَّ نسبةً كبيرة من السكان يكونون لا يزالون نائمين عند شروق الشمس، ما يؤدي إلى انخفاض الطلب على الطاقة في ذلك الوقت بشكل كبير.
إنَّ وجود المزيد من الشمس في المساء لا يتطلب كهرباء أقل فحسب لتوفير الإضاءة، وإنما يقلل أيضاً كمية النفط والغاز المطلوبة لإضاءة المنازل والشركات عندما يكون أولئك الناس في أشد احتياجهم إلى هذه الطاقة.
في ظل الوقت القياسي، فإنَّ الشمس تشرق مبكراً، ما يقلل استهلاك الطاقة في الصباح، لكنَّ نصف الأمريكيين فحسب يكونون مستيقظين في ذلك الوقت للاستفادة من الشمس.
وقد حفز هذا المنطق بعض الناس في كاليفورنيا إلى التوصية بجعل التوقيت الصيفي هو التوقيت الدائم منذ عقد مضى، عندما كانت الولاية تعاني من نقص متكرر في التيار الكهربائي، والتناوب في الخفض المتعمد للتيار الكهربائي.
وقدّر مسؤولون بلجنة الطاقة في كاليفورنيا أنَّ من الممكن توفير 3.4% من استخدام الطاقة في كاليفورنيا في فصل الشتاء حال الانتقال إلى التوقيت الصيفي على مدار العام.
وبالمثل، فقد أدى التوقيت الصيفي إلى توفير150 ألف برميل من النفط عام 1973، وهو ما ساعد على مواجهة أثر حظر النفط الذي فرضته أوبك.
4. تجنب تغيير الساعة يحسن من النوم
منتقدو التوقيت الصيفي محقون في شيءٍ واحد: هذا التغيير للساعة مرتين سنوياً سيئ للصحة والرفاهية.
ذلك أنَّ تغيير الساعة يُحدث ضرراً بالغاً بدورات نوم الناس. وتزداد النوبات القلبية بنسبة 24% في الأسبوع الذي يلي تقديم الساعة في الربيع، في شهر مارس/آذار. وتكون هناك زيادةٌ طفيفة أثناء أسبوع رجوع التوقيت في شهر نوفمبر/تشرين الأول.
وإذا لم يكن هذا الأمر سيئاً بما فيه الكفاية، فقد أظهرت دراسةٌ من عام 2000 أنَّ مؤشرات الأسواق المالية الرئيسية:
بورصة نيويورك، وأمريكان إكسبرس، وبورصة نازداك، تحقق في المتوسط عوائد سلبية يوم الإثنين، الذي يجري فيه التداول بعد تحويل الساعات، على الأرجح بسبب دورات النوم المشوشة.
وأحياناً يستخدم نقاد تبديل الساعة مرتين سنوياً هذه النقاط للجدال لصالح جعل الوقت القياسي دائماً.
ومع ذلك، فإنني أعتقد أنَّ من المهم أن نلاحظ أنَّ فوائد النوم ذاتها متاحة أيضاً لو كان التوقيت الصيفي هو المعتمد على مدار العام.
وبالإضافة إلى ذلك، لا يقدم التوقيت القياسي تأثيرات توفير الطاقة أو حفظ الأرواح أو منع الجرائم، بخلاف التوقيت الصيفي.
5. ينتعش الترفيه والتجارة في الشمس
أخيراً، فإنَّ الترفيه والتجارة ينتعشان في ضوء النهار، ويعيقهما ظلام المساء.
فالأمريكيون أقل رغبة في الخروج والتسوق في الظلام، وليس من السهل للغاية أن تلتقط كرة بيسبول في الظلام أيضاً.
هذه الأنشطة أكثر انتشاراً في الأوقات المبكرة من المساء مما هي عليه في ساعات الصباح الأولى، وكذا فإنَّ ضوء الشمس ليس مفيداً في ذلك الوقت.
وكذا، فليس من المستغرب أنَّ غرفة التجارة الأمريكية، جنباً إلى جنب مع معظم المصالح الترفيهية في الهواء الطلق، تفضل تمديد التوقيت الصيفي.
وتظهر الأبحاث أنَّ ضوء الشمس أهم بكثير لصحة الأمريكيين وكفاءتهم وأمنهم في الأوقات المبكرة من المساء، من الصباح الباكر.
وليس معنى ذلك عدم وجود سلبيات للتوقيت الصيفي، وأهمها وجود ساعة إضافية من ظلام الصباح.
لكنني أعتقد أنَّ مزايا تمديد التوقيت الصيفي تفوق مزايا الوقت القياسي بكثير. لقد حان وقت تقديم الساعات إلى الأبد، وعدم الاضطرار إلى تعديلها مرة أخرى.