بدأت كوريا الشمالية إعادة بناء موقع إطلاق صواريخ، كانت قد فككته جزئياً باعتبار ذلك بادرةً حسنةً بعد القمة الأولى التي جمعت بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الكوري كيم جونغ أون، في يونيو/حزيران 2018.
وتُظهر صور الأقمار الاصطناعية أن أعمال البناء بدأت قبل وقتٍ قصير من قمتهما الثانية الفاشلة بالعاصمة الفيتنامية هانوي الأسبوع الماضي. وأسهم نشر هذه الصور، الثلاثاء 5 مارس/آذار 2019، في تأجيج المخاوف بشأن تعرض جهود السلام للخطر، بحسب ما نشرته صحيفة The Guardian البريطانية.
وحذر جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي، أنه إذا لم ينزع النظام الكوري أسلحته، فستُسرّع الولايات المتحدة وتيرة برنامج العقوبات الحاد المفروض على بيونغ يانغ.
وقال بولتون لشبكة Fox Business الإخبارية، إن واشنطن تنتظر لترى ما إذا كانت بيونغ يانغ ملتزمةً التخلي عن "برنامج أسلحتها النووية وكل شيء آخر متعلق به".
وتابع: "إن لم يكونوا مستعدين لفعل هذا، فأعتقد أن الرئيس ترامب كان واضحاً للغاية. لن تُخفَّف عنهم العقوبات الاقتصادية الطاحنة المفروضة عليهم، وسندرس تكثيف هذه العقوبات في واقع الأمر".
اختُصرت مدة قمة ترامب وكيم، الثلاثاء 26 فبراير/شباط 2019، بعد فشلهما في الاتفاق على صفقة تتضمن نزع الأسلحة النووية مقابل إلغاء العقوبات، لكن مسؤولي إدارة ترامب استمروا في زعمهم، الثلاثاء 5 مارس/آذار 2019، أنهم أحرزوا تقدماً بشأن تقليص الخلافات بين الدولتين.
غير أن الدليل الجديد على تراجع بيونغ يانغ عن خطوات بناء الثقة التي تعهدت بها مسبقاً بالقمة الأولى في سنغافورة، بالإضافة إلى تهديدات بولتون، يشير إلى أن أكثر إنجازات السياسة الخارجية لترامب مدعاةً للفخر معرضةٌ للفشل.
ما الذي كشفته الأقمار الاصطناعية؟
فبعد أن نشرت أجهزة الاستخبارات الكورية الجنوبية تقارير عن تنفيذ أعمال بناء في محطة سهاى لإطلاق الأقمار الاصطناعية، نشر موقعا أبحاث مستقلان صوراً مُلتقطة بالأقمار الاصطناعية، تُظهر أن تقنيِّين في كوريا الشمالية أعادوا بناء هيكل متحرك كان يُستخدم لنقل الصواريخ الفضائية على سكك حديدية إلى منصة الإطلاق. وهناك مؤشرات أيضاً على إعادة بناء منصة تُستخدم لاختبار محركات الصواريخ.
وقال موقع 38 North Website، الذي يتتبع تطور الأوضاع في كوريا الشمالية: "أُعيد بناء الهيكل المستخدم لنقل الصواريخ والمُركَّب على قضبان حديدية عند منصة الإطلاق. ولُوحظ وجود رافعتين للدعم عند المبنى، وأُنشئت الحوائط وأُضيف سقفٌ جديد".
وتابع الموقع: "عند منصة اختبار المحركات، يبدو أن هيكل دعم المحركات قد أُعيد تجميعه. وهناك رافعتان في المكان، وتنتشر مواد البناء بالمنطقة الملاصقة للمنصة".
وقال موقع Beyond Parallel، الذي نشر أيضاً الصور الملتقطة بالأقمار الاصطناعية: "كانت هذه المنشأة غير نشطة منذ أغسطس/آب 2018، وهو ما يشير إلى أن الأنشطة الحالية مقصودة وذات مغزى".
وأكد محللون أن أعمال البناء لا تعني أن هناك إطلاقاً وشيكاً لصواريخ جديدة، وأشاروا إلى أن محطة سهاي استُخدمت حتى الآن لإطلاق أقمار اصطناعية وليس صواريخ باليستية عابرة للقارات. غير أن التكنولوجيا المستخدمة للغرضين واحدة، ولهذا السبب حظر مجلس الأمن على كوريا الشمالية إطلاق أي مركبات فضائية.
الرسالة التي تود كوريا الشمالية إرسالها إلى واشنطن
ويتكهن خبراء كوريا الشمالية بأن أعمال إعادة البناء في محطة سهاي تهدف إلى إرسال رسالة إلى واشنطن، مفادها أن العلاقات بين البلدين قد تتدهور مجدداً إذا لم يكن هناك تقدم فيما يتعلق بتخفيف العقوبات.
وقال أنكيت باندا، زميل لدى اتحاد العلماء الأمريكيين، في تغريدةٍ، إن أعمال البناء قد تكون "تذكرةً للأوقات التي ساءت فيها (العلاقات بين الدولتين) وما قد نفقده إذا انهارت عملية السلام".
وكان ترامب ومسؤولون أمريكيون رفيعو المستوى قد أشاروا إلى تفكيك الأبنية في محطة سهاي، وهدمِ نفق مؤدٍّ إلى موقع اختبار نووي في كوريا الشمالية،، باعتبارهما ضمن فوائد ملموسة لدبلوماسية ترامب.
ولم تُعلق وزارة الخارجية الأمريكية على ظهور الصور الملتقطة بالأقمار الاصطناعية لمحطة سهاي بعدها بساعات قليلة.
ومن المقرر أن يعقد ستيفن بيجون، المبعوث الأمريكي الخاص لدى كوريا الشمالية، مباحثات في واشنطن، الأربعاء 6 مارس/آذار 2019، مع نظيريه من اليابان وكوريا الجنوبية، بشأن كيفية إحياء المفاوضات مع كوريا الشمالية بعد انهيار قمة هانوي.