نتائج الانتخابات النيابية العراقية التي أسفرت عن فوز تحالف "سائرون" بقيادة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر بالمركز الأول، مثلت صدمة لأحزاب سياسية ودول إقليمية ودولية.
حكومة إيران التي تعد الخاسر الأكبر، كانت تتوقع فوز تحالف "الفتح" بقيادة الحشد الشعبي، و"دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي بالمراكز الأولى، لكن إعلان النتائج مثل صدمة لم تكن متوقعة، خاصة بعد توجيهات الصدر بإبعاد التدخل الخارجي وتشكيل حكومة تكنوقراط لا تنتمي لأحزاب السلطة المعتادة.
وحاول النواب الخاسرون في مجلس النواب العراقي المنتهية ولايته إلغاء نتائج الانتخابات، بعدما قرر في جلسته الاستثنائية في 28 مايو/أيار، إلغاء نتائج انتخابات الخارج والتصويت المشروط في مخيمات النازحين في محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى وديالى وكركوك.
وتأتي هذه المحاولات في ظل اتهامات من الائتلافات الخاسرة بتزوير الانتخابات والتلاعب في النتائج، وهو ما رفضته الأحزاب السياسية الفائزة بالإضافة للمحكمة الاتحادية.
ائتلاف المالكي يصف الانتخابات العراقية بالمزورة
عواطف نعمة، النائب عن ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، تصف الانتخابات العراقية بأنها "مزورة"، وذلك في أعقاب خسارتها بالانتخابات.
نعمة تقول لـ"عربي بوست"، إنهم حذروا مفوضية الانتخابات من خطورة التلاعب بأصوات الناخبين وتزويرها، "لكن لم تلتزم بالتحذيرات التي أطلقت من المسؤولين العراقيين وفريق الأمم المتحدة الدعم للانتخابات العراقية"، على حد تعبيرها.
وأضافت أن نظام إدارة الانتخابات المستخدم في الاقتراع العام والخاص والعد والفرز الإلكتروني "فاشل ولم يجمع البيانات بصورة حقيقية"، مطالبة بإعادة عملية العد والفرز اليدوي بدلاً عن الإلكتروني.
ولفتت نعمة، إلى أنه بعد البحث والتحري تبين أن شركة (ميرو) التي تم التعاقد معها من قبل أعضاء المفوضية بملايين الدولارات هي "شركة وهمية لا أساس لها"، والأجهزة المستخدمة في الانتخابات قديمة جداً حتى أن نصف تلك الأجهزة توقفت عن العمل في يوم الانتخابات، على حد تعبيرها.
دولة القانون والوطنية أبرز الخاسرين في الانتخابات العراقية
وتحاول الأحزاب السياسية الخاسرة في الانتخابات العراقية التي تمثل بائتلاف "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وائتلاف "الوطنية" بزعامة نائب رئيس الجمهورية إياد علاوي، وائتلاف "القرار العراقي" بزعامة نائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي، وكتلة "التغيير" المعارضة لحكومة إقليم كردستان، إلغاء الانتخابات وإعادة إجرائها.
مصدر في مجلس النواب العراقي قال لـ"عربي بوست"، إن نواب الأحزاب السياسية الخاسرة في الانتخابات وهم قرابة 150 نائباً، اجتمعوا مع هيئة رئاسة مجلس النواب الخاسرة في الانتخابات، في محاولة لجمع أكثر من 50 توقيعاً لعقد جلسة استثنائية لإعادة الانتخابات العراقية.
وأشار المصدر إلى أن "النواب الخاسرين في الانتخابات تمكنوا من تحقيق النصاب القانوني وعقد جلسة بحضور 165 نائباً من الأحزاب والكتل الخاسرة في الانتخابات"، منوهاً إلى أن "أغلب النواب الخاسرين هم من ائتلاف دولة القانون والوطنية والقرار والتغيير الكردية، وبعض النواب لم يفوزوا بالانتخابات مع ائتلاف النصر والفتح".
إلى ذلك يرى ريبوار طه القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الراحل جلال طالباني، أن الجلسة التي عقدت برئاسة النواب الخاسرين غير قانونية، و"لا تلزم مفوضية الانتخابات ولا تغير من الواقع شيئاً".
ويقول طه لـ"عربي بوست"، إن الجلسة الاستثنائية التي ترأسها الخاسر في الانتخابات سليم الجبوري والنواب الخاسرون "مشكوك في نصابها، وهو أمر غير قانوني ومخالف للنظام الداخلي لمجلس النواب، على اعتبار أن أغلب الحاضرين هم من النواب الخاسرين في الانتخابات".
وأوضح أن القرارات التي تصدر من مجلس النواب تشريعية فقط، حسب ما نص قرار المحكمة الاتحادية لسنة 2012، متهماً بعض الدول الإقليمية بتحريك النواب الخاسرين من أجل سرقة أصوات القوائم الانتخابية والنواب والسياسيين الفائزين في الانتخابات النيابية.
أجندات خارجية وراء مطالب إلغاء الانتخابات
رياض غالي الساعدي النائب عن كتلة الأحرار التابعة لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، يرى بحسب وجهة نظره التي كشف عنها لـ"عربي بوست"، أنه من المحتمل أن تكون هناك أجندات خارجية وإقليمية تقف وراء تحرك النواب الخاسرين في الانتخابات النيابية العراقية من أجل اعادة السياسيين إلى المناصب التي كانوا يشغلونها في البرلمان الحالي والحكومة المنتهية ولايتها.
وأضاف أن قرار النواب الخاسرين في البرلمان "يمثل ورقة الضغط على مفوضية الانتخابات من أجل التلاعب وتغيير النتائج والفائزين في الانتخابات"، لافتاً إلى أن بعض الأحزاب السياسية تهدف من خلال هذا لزعزعة الوضع الأمني في العراق، "إعادة إجراء الانتخابات ستدخل العراق في نفق مظلم وتجعله خارج القوانين والأعراف الدستورية"، على حد تعبيره.
المفوضية: استلمنا 1875 طعناً بنتائج الانتخابات
أعلن حازم الرديني عضو المفوضية العليا للانتخابات العراقية عن استلام 1875 طعناً بنتائج الانتخابات من القوائم والكيانات السياسية والمرشحين.
وقال الرديني لـ"عربي بوست"، إن قرار مجلس النواب بإلغاء الانتخابات وإعادة عملية العد والفرز اليدوي بدلاً عن الإلكتروني تم الطعن به في المحكمة الاتحادية العليا من قبل رئاسة الجمهورية، على اعتبار أن هذا القرار غير نافذ ولا يلزم مفوضية الانتخابات بتطبيقة".
وأوضح أن المحكمة الاتحادية هي الجهة المعنية في العراق بتفسير القوانين والقرارات التي تصدر عن الحكومة أو مجلس النواب، والمحكمة هي من تقرر إلغاءه أو تنفيذ قرارات البرلمان واعتبارها ملزمة لمفوضية الانتخابات وفق القانون والدستور.
وأضاف "إلغاء الانتخابات سيؤثر بشكل فاعل على القوائم والمرشحين الفائزين في الانتخابات العراقية".
وأشار الرديني إلى أن مفوضية الانتخابات استلمت 1875 طعناً بنتائج الانتخابات من القوائم والكيانات والمرشحين منها 500 طعن رفعت إلى المحكمة، بعد النظر في الطعون من قبل المحكمة ستتم المصادقة على نتائج الانتخابات العراقية في نهاية شهر يونيو/حزيران الحالي.
ائتلاف العبادي: الحكومة لا تزال شرعية
يرى علي العلاق القيادي في ائتلاف "النصر" برئاسة رئيس الوزراء حيدر العبادي أن تشكيل الحكومة المقبلة يحتاج لسرعة في ظل التوتر السياسي في العراق بعد إعلان نتائج الانتخابات.
العلاق الذي تحدث لـ"عربي بوست"، قال إن المفوضية العليا للانتخابات تعمل حالياً على معالجة الطعون المقدمة من الأحزاب السياسية على نتائج الانتخابات التي أعلن عنها في في 18 مايو/أيار 2018، "هذا سيؤخر تشكيل الحكومة في ظل التوتر السياسي إلى شهر يوليو/تموز أو أغسطس/آب المقبل".
وأوضح العلاق أنه بعد انتهاء الفترة القانونية وهي 4 سنوات، فالحكومة العراقية تبقى شرعية ولن تتحول إلى تصريف أعمال حسب القانون والدستور العراقي، "الحكومة تتحول إلى تصريف أعمال في حال طلب رئيس الجمهورية سحب الثقة من رئيس الوزراء أو اجتمع البرلمان على سحب الثقة من رئيس الوزراء لكن بعد 4 سنوات تبقى الحكومة مستمرة في عملها لحين تشكيل الحكومة الجديدة".
المحكمة الاتحادية ترفض دعوى بشأن الانتخابات
رفضت المحكمة الاتحادية العليا في العراق دعوى بطلب إلزامها بعدم المصادقة على نتائج الانتخابات العراقية نتيجة الخروقات التي رافقت العملية الانتخابية.
إياس الساموك المتحدث باسم المحكمة الاتحادية يقول في بيان إن "المحكمة الاتحادية العليا نظرت في دعوى بخصوص الخروق الانتخابية التي رافقت عملية انتخابات عضوية مجلس النواب التي جرت يوم 12 مايو/أيار الجاري، حيث طلب المدعي إلزام المدعى عليه رئيس المحكمة الاتحادية العليا/إضافة لوظيفته، بعدم التصديق على نتائج تلك الانتخابات وفق نص المادة (93/ سابعاً) من الدستور".
وأشار الساموك أن "المحكمة أكدت أن القضاء لا يخاصم ولا يعد خصماً في وقائع ينسب صدورها إلى الغير أشخاصاً أو جهات، المحكمة الاتحادية هي صاحبة الشأن في قبول الشكاوى والاعتراضات على الخروق المدلى بها والتي تحدث خلال العملية الانتخابات.
وأشار إلى أن الفقرة السابعة من المادة 93 من الدستور العراقي تنص على أن من مهام المحكمة الاتحادية العليا المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات النيابية.