وجدت دراسة حديثة أنَّ الكميات الكبيرة من الدهون تضر بكتيريا الأمعاء وترفع احتمال الإصابة بأمراض.
شملت الدراسة أكثر من 200 شاب، كُلِّفوا باتباع حِمية غذائية إما منخفضة، أو متوسطة، أو عالية الدهون لستة أشهر.
وقال الباحثون إنَّ أفراد مجموعة الحمية الغذائية عالية الدهون شهدوا "تغييرات غير مرغوبة" في مستويات بعض البكتيريا المعوية والمُركَّبات التي تنتجها تلك البكتيريا.
وكتب المؤلفون في الدراسة التي نُشِرَت يوم 19 فبراير/شباط بمجلة GUT أنَّ مثل هذه التغييرات قد يكون لها نتائج سلبية "على المدى الطويل، مثل زيادة خطر الإصابة بالأمراض الأيضية مثل السكري من النوع الثاني".
وقد تكون النتائج مهمة على نحوٍ خاص للسكان في الصين والبلدان الأخرى التي تشهد النظم الغذائية فيها عملية "تغريب" متزايدة، مقارنةً بالنظم الغذائية التقليدية في المنطقة.
وربما تنطبق النتائج كذلك على السكان في الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة الذين لديهم بالفعل نظم غذائية تحتوي على نسبة عالية من الدهون، لكنَّ المؤلفين يقولون إنَّ هناك حاجة لإجراء مزيدٍ من الأبحاث لاختبار تلك النتائج.
بالإضافة إلى ذلك، أُجريت الدراسة على الشباب الأصحاء البالغين (في عمر 18-35 عاماً)، لذا ليس واضحاً ما إن كانت النتائج تنطبق على المجموعات السكانية الأخرى.
الدهون تضر بكتيريا الأمعاء وتخل بتوازنها
دراسات سابقة أظهرت أنَّ حِميات الأشخاص يمكن أن تؤثر على بكتيريا الأمعاء، وأنَّه جرى ربط السِمنة بحدوث انخفاضات في بعض أنواع هذه البكتيريا.
لكنَّ دراسات قليلة نسبياً فحصت التغييرات التي تطرأ على بكتيريا الأمعاء بعد تكليف أشخاص بحِمية غذائية معينة، وفق ما ذكر موقع Live Science.
في الدراسة الجديدة، وُزِّع المشاركون عشوائياً على كل واحدٍ من الحِميات الغذائية الثلاث:
1- مجموعة الحمية منخفضة الدهون، التي حصل أفرادها على 20% من سعراتهم الحرارية اليومية من الدهون و66% من الكربوهيدرات
2- مجموعة الحمية متوسطة الدهون، التي حصل أفرادها على 30% من سعراتهم الحرارية اليومية من الدهون و56% من الكربوهيدرات
3- والمجموعة عالية الدهون، التي حصل أفرادها على 40% من سعراتهم الحرارية اليومية من الدهون و46% من الكربوهيدرات.
الدراسة راقبت البكتيريا المسؤولة عن مقاومة الالتهاب
وكان العدد الإجمالي للسعرات الحرارية وكمية البروتينات والألياف في حِمية المشاركين هي نفسها للمجموعات الثلاث. وسُحِب من المشاركين كذلك عينات دم وبراز عند بداية ونهاية الدراسة.
وعند نهاية الدراسة التي استمرت 6 أشهر، شهد المشاركون في مجموعة الحمية منخفضة الدهن زيادة في مستويات ما تُسمَّى بالبكتيريا الجيدة التي تُعرَف باسم "Blautia" و"Faecalibacterium"، مقارنةً بمستوياتها عند بداية الدراسة.
كما تراجعت مستويات تلك البكتيريا لدى مجموعة الحمية عالية الدهون.
وقال الباحثون إنَّ بكتيريا Blautia و Faecalibacterium تساعد على إنتاج حمض دهني يُدعى حمض البوتيرات، وهو مصدر رئيسي للطاقة لخلايا الأمعاء وله خواص مضادة للالتهاب.
في الواقع، حين قاس الباحثون مستويات البوتيرات في عينات براز المشاركين، وجدوا أنَّ مستويات هذا المُركَّب زادت لدى مجموعة الحمية منخفضة الدهون عند نهاية الدراسة، في حين انخفضت تلك المستويات لدى مجموعة الحمية عالية الدهون.
الحمية عالية الدهون سببت التهابات في الدم
علاوة على ذلك، على مدار فترة الدراسة، شهد أفراد المجموعة عالية الدهون زيادة في مستويات بكتيريا تُسمَّى "Bacteroides" و"Alistipes"، والتي يجري ربطها بالنوع الثاني من السكري.
زادت لدى أفراد مجموعة الحمية عالية الدهون كذلك مستويات ما تُسمَّى بالأحماض الدهنية طويلة السلسلة، والتي يُعتقَد أنَّها تثير الالتهابات في الجسم.
وبالفعل، وجد الباحثون مستويات متزايدة من بعض علامات الالتهاب في دم المشاركين من تلك المجموعة.
قال الباحثون: "مقارنةً بالحمية منخفضة الدهون، يبدو أنَّ المواظبة الطويلة على حِمية عالية الدهون" لها آثار سلبية، على الأقل بالنسبة للشباب الأصحاء البالغين في الصين الذين يتحولون إلى نظامٍ غذائي غربي أكثر.
ولكنها ساهمت في خسارة الوزن
وأشارت الدراسة إلى أنَّ المشاركين في كل المجموعات الثلاث خسروا وزناً أثناء الدراسة، وخسرت مجموعة الحمية منخفضة الدهون الوزن الأكبر.
وقال المؤلفون إنَّه ليس واضحاً ما إن كانت خسارة الوزن مرتبطة ببعض التغييرات التي شهدتها البكتيريا المعوية للمشاركين ومؤشرات التمثيل الغذائي لديهم، لذا فإنَّ الأبحاث المستقبلية بحاجة لتوضيح هذا.
وأُجريت الدراسة بالمستشفى العام التابع لجيش التحرير الشعبي الصيني في بكين وجامعة تشجيانغ في مدينة هانغتشو الصينية.