لنتخيّل أنّ بين يديك الآن نصاً فلسفيّا ثقيلاً تحاول قراءته لأوّل مرة. وبالطبع أنت تدرك أن الفلسفة لا تُشبه الروايات والأدب، ربما قد يُصيبك الملل، أو تقرر ألا تقرأه. موقع Thought Co تساءل هذا السؤال، وهو الآن يقدِّم لك الإجابة في هذا التقرير.
1- القراءة بغرض الفَهم
يجب أن نضع الأمور في سياقها أولاً. ضَعْ في حسابك أنَّك حين تقرأ الفلسفة فإنَّ ما تقوم به فعلاً يتمثّل في فهم قطعةٍ مكتوبة. وهذا يختلف اختلافاً كبيراً عن صور القراءة الأخرى، مثل تصفُّح جريدة لتجميع معلومات، أو قراءة رواية للاستمتاع بقصة جيدة.
القراءة الفلسفية ممارسة للفهم، وينبغي أن تُعامَل على هذا النحو.
2- الفلسفة قائمة على الجدل
الكتابة الفلسفية مقنعة. وعند قراءة نصٍّ فلسفيٍّ فأنت بذلك تقرأ رأي كاتب يحاول إقناعك بمعقولية موقفٍ ما أو عدم معقوليته، هل ستقتنع بموقف الكاتب؟ لتجيب عن هذا السؤال عليك أن تفهم الأفكار المعروضة والاستراتيجيات المستخدمة فَهماً كاملاً.
3- خُذ وقتَك في القراءة
الكتابات الفلسفية دسمة وصعبة. وعند قراءة النص الفلسفي ضَع لنفسك أهدافاً واقعية، فعند قراءة صفحة من رواية يمكنك أن تستغرق ثلاثين ثانية فقط، أما في الفلسفة فيمكن أن تستغرق قراءة صفحة واحدة عشر دقائق على الأقل، أو ربما أكثر.
4- حدِّد ما هي النقطة الأساسية؟
قبل أن تبدأ القراءة تصفَّح الورقة بسرعة، لتلتقط النقطة الأساسية التي يحاول الكاتب إيصالَها، وكذلك هيكل النص.
إذا كان النصُّ مقالاً اقرأ الفِقرتين الأولى والأخيرة بالكامل، وإذا كان النص كتاباً اقرأ جدولَ المحتويات ومُرَّ مروراً سريعاً على الملاحظات الافتتاحية. بمجرد أن تتصفح النصَّ ستكون مستعداً بشكل أفضل للغوص فيه، وقراءة النص الكامل بذكاء.
5- دوِّن تعليقاتك
لِيكن معك دائماً قلمٌ رصاص، وقلم تحديد، وحدِّد الفِقرات التي تبدو لك فقراتٍ جوهريةً: أين يذكر الكاتبُ الموضوعَ الأساسي، وأين يَعرِض المفاهيمَ الأساسية، وأين يُقدِّم الأسبابَ أو الحُجج الخاصة به. حاوِل أيضاً أن تفهم النقاطَ الأضعف في النص إجمالاً.
6- فكِّر تفكيراً ناقداً
مُهمتك كقارئ للفلسفة لا تقتصر على استقبال المعلومات كما لو كنت تقرأ كتاباً في الأحياء، فأنت تتعاملُ مع حُجج جدلية، يمكنك أن تتفق معها أو تختلف؛ ولكن في جميع الأحوال سيكون عليك أن تُقرر السببَ الذي لأجله اتخذت قرارك.
بينما أنت تقرأ ابحث عن أخطاءٍ في الحجة التي يستخدمها الكاتب، وضعْ علامةً عليها. إذا كنت تقرأ لغرض الدراسة فسيُطلَب منك بلا شك أن تردَّ -كتابةً أو شفاهةً- على الحجة التي استخدمها الكاتب.
7- … ولكن لا تتسرع في تفكيرك
لا يسير النقد الفلسفيّ على ما يُرام عادةً عند التفكير بسرعة. فالفلسفة أمرٌ قائم على التأمُّل، لا شك أن التفكير أثناء القراءة أمرٌ لا بأس به، ولكن ينبغي أن تراجع إجاباتك ثلاث مرات على الأقل، لتتأكد من تماسكها.
إذ يمكن أن تتبيَّن أنَّ أفكارك النيِّرة ونقدك القوي مصاغان بطريقةٍ سيئة؛ لذا تذكَّر أن عليك أن تتحلَّى بالتواضع والصبر والنظر بعناية في الأمور.
8- كوِّن شعوراً بالتعاطف الفلسفي والنقد الذاتي
لتبنِي مهارات قراءة فلسفية كبيرة سيكون عليك أن تكوِّن قدراً من التعاطف الفلسفي والنقد الذاتي. تُعدُّ كتابة الفلسفة أمراً صعباً، تخيَّل أنَّك مكان خَصمك، وحاول الردَّ على ما يوجِّهه لك مِن نقدٍ.
هذا التدريب يمكن أن يُحسِّن فَهمك للنص الفلسفي بقدرٍ مذهل، بحيث يعرض عليك وجهات نظر لم تكن واضحةً أمامك من قبل.
9- عاوِد القراءةَ باستمرار
بينما أنت تصنِّف ملحوظاتك الناقدة وتعدِّلها، انظر ثانية في النص لإنعاش ذاكرتك، وشحذ أفكارك، والتأكد من أنك فسَّرت كلام المؤلف تفسيراً صحيحاً.
10- شارك في نقاشات فلسفية
تُعدُّ مناقشة النص الفلسفيِّ مع آخرين من بين أفضل الطرق لفَهم نص فلسفي وتحليله.
ليس من السهل دائماً أن تجد أصدقاءً مهتمين بالخوض في نقاشاتٍ فلسفيةٍ مطوَّلة؛ ولكن غالباً ستجد طلاباً آخرين في صفِّك مستعدين للحديث عن محتوى فروضهم الدراسية. ويمكنكم أن تصلوا معاً إلى استنتاجات لم تكن لِتُفكر فيها وحدك.