وصلنا إلى عام 2040 وصار الريف البريطاني الجذاب يعج بالروبوت. صار لدينا مزارع رأسية من الخضراوات والفاكهة والخضار الورقي، وصارت الماشية محمية بسياج افتراضي.
شهد التغيير الذي طرأ على الوجبات الغذائية انخفاضاً في استهلاك اللحوم، في حين أن تقنيات الإنتاج بالتكنولوجيا الحيوية الجديدة لن تقتصر على الحفاظ على المحاصيل، بل وأيضاً لجعلها أكثر فائدة من الناحية الغذائية.
أولوية استراتيجية
بحسب ما نُشر في صحيفة Guardian البريطانية؛ تلك ستكون هي الصورة المرسومة في تقرير أصدره الاتحاد الوطني للمزارعين في بريطانيا، والذي يحاول رسم الشكل الذي سيبدو عليه حال الزراعة والتغذية في بريطانيا خلال 20 عاماً من الآن.
وقالت أندريا غراهام، رئيسة سياسة الخدمات بالاتحاد الوطني للمزارعين ومُعدة تقرير مستقبل الغذاء في عام 2040، التي أجرت لقاءات مع 50 خبيراً عبر السلسلة الغذائية في بريطانيا لمعرفة وجهات نظرهم:
"يُعتبر التقرير محفزاً لتشجيعنا جميعاً على بدء النقاش حول طعامنا ومستقبلنا حتى نتمكن من التخطيط للمستقبل. وهو أيضاً تذكرة للحكومة، في وقت حرج في التاريخ البريطاني، بأن تجعل إنتاج الغذاء المحلي أولوية استراتيجية في جميع عمليات وضع السياسة".
زيادة الإنتاجية وتقليل التأثير على البيئة
في حين تبدو بعض التوقعات بعيدة المنال، دخل البعض الآخر مرحلته البدائية. وقالت غراهام:
"حتى الآن، ثمة تكنولوجيات تخضع للتطوير من شأنها العناية بالمحاصيل وبكل زراعة أو التحكم في مرعى الماشية دون سياج مادي، وبحلول عام 2040 ستشيع تلك التكنولوجيا في مجال الزراعة".
يجب أن يصير قطاع الزراعة البريطاني أكثر كفاءة إن أراد تحقيق الهدف الرئيسي للاتحاد الوطني للمزارعين المنطوي على القضاء على صافي الإنتاج من الغازات الدفيئة بحلول عام 2040.
وأضافت غراهام: "على مدار العشرين سنة القادمة سنواجه تغيرات محتملة ناشئة عن الزلازل في جميع جوانب المجتمع. إن زيادة عدد السكان في العالم والحاجة إلى الحد من تغير المناخ من شأنهما أن يوفرا فرصاً للغذاء والزراعة البريطانية لزيادة الإنتاجية وتقليل التأثير على البيئة".
الزراعة الرأسية والمحاصيل الصاعدة
سيؤدي إدخال الزراعة الرأسية والتطورات الحديثة التي ستطرأ على تقنية استخدام الإضاءة الصناعية في الزراعة (إضاءة الليد) إلى توسيع نطاق المحاصيل التي يمكن زراعتها باتباع الزراعة المائية والنظام الغذائي المائي والأنظمة البيئية الأخرى الخاضعة للمراقبة.
تشير التوقعات العالمية إلى أن مجال الزراعة الرأسية سينمو ليغتنم مليارات الجنيهات الإسترلينية خلال السنوات القليلة القادمة.
ستنمو زراعة الخضراوات الورقية والخضراوات الأخرى والفاكهة على نطاق واسع بتطبيق تلك التكنولوجيا.
مع ذلك، يجب التغلب على الاستهلاك العالي للطاقة وستظل محصولات معينة عسيرة الزراعة، بحسب التقرير.
وسينطوي أحد الاتجاهات الرئيسية الأخرى على الطعام المطبوع بالتقنية ثلاثية الأبعاد.
وسينتج هذا "أجساماً معقدة من المواد الغذائية اليومية التي ستبدو جيدة وستستخدم لتحسين الأغذية من حيث ملاءمتها وكذلك القيمة الغذائية للوجبات". وهذا من شأنه إنتاج المزيد من الأغذية حسب الطلب والحد من إهدار الطعام.
الطعام الصحي و أجهزة الاستشعار النانوية
ونظراً لأن المملكة المتحدة تطأ بقدمها الطريق لتصير الأمة الأكثر بدانة في أوروبا بحلول عام 2030، بالتالي سيظهر تركيز أكبر على الطعام الصحي. من المرجح أن تواصل شعبية شبه النباتيين التزايد، والذين يغلب على طعامهم الطابع النباتي إلى جانب تناول اللحوم والأسماك من حين لآخر.
وبالفعل 41% من متناولي اللحوم يصنفون أنفسهم حالياً أنهم شبه نباتيين، ونسبة الوجبات المسائية الخالية من اللحوم في تزايد في بريطانيا، وفقاً لبحث أجرته شركة Kantar Worldpanel العالمية.
وبحسب ما ورد في التقرير، فإن اللحوم المزروعة، وهي تلك التي تنتج من زراعة خلال الحيوان في المختبر بدلاً من الحيوانات المذبوحة.
والحصول على البروتين من الحشرات "قد تنمو شعبيتها اعتماداً على التقدم في عل مصادر البروتين تلك أكثر استساغة، إلى جانب إمكانية إنتاجها على نطاق واسع على نحو فعال من حيث التكلفة".
وفي المزارع، ستلعب التكنولوجيا دوراً محورياً بشكل متزايد. ستتمكن أجهزة الاستشعار النانوية من جمع مجموعة كبيرة من المعلومات، مثل بيانات التربة ومستويات الرطوبة، مما سيقلل من الحاجة إلى القيام بأعمال روتينية يومية مثل فحص مستويات الوقود ودرجات الحرارة.
الطائرات بدون طيار و تكنولوجيا تحرير الجينوم
سينتشر استخدام المركبات الجوية بدون طيار أو الطائرات بدون طيار للاستشعار ورسم الخرائط على نطاق واسع.
في حين أن الروبوتات ستؤدي المهام التي تحتاج إلى يد عاملة كثيرة مثل قطف الثمار والحلب وتغذية الماشية وحتى الذبح.
سيشهد النهج متزايد الرواج لللحوم الخالية من المضادات الحيوية انتشار استخدام التكنولوجيا الحيوية في إنتاج الطعام في كل مكان.
كذلك ستصير تكنولوجيات التربية الجديدة شائعة، ومن أمثلتها تحرير الجينوم لإنتاج النباتات والحيوانات مع الأنظمة المناعية المحسّنة ومقاومة الأمراض.
قالت غراهام: "ثمة تكنولوجيا رائعة تلوح في الآفاق. لكن المشكلة هي أن الكثير منها لا يزال محض نماذج مبدئية محدودة النطاق.
ويكمن التحدي في: أيمكن الارتقاء بها؟ كيف لنا أن ننتقل من مزارع واحد يعمل مع عدد قليل من العلماء إلى استيعاب أوسع نطاقاً؟".