بحثاً عن دعم دبلوماسي.. ولي العهد السعودي يستدير إلى آسيا بعيداً عن الغرب كثير الانتقاد

يشرع ولي العهد السعودي في رحلة تشمل خمس دول في آسيا، لتعزيز التحالفات هناك، في وقت تستمر فيه قضية خاشقجي وحرب اليمن في تشويش علاقات المملكة مع الغرب

عربي بوست
تم النشر: 2019/02/16 الساعة 13:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/03/30 الساعة 17:58 بتوقيت غرينتش
ولي العهد السعودي

يشرع ولي العهد السعودي في رحلة تشمل خمس دول في آسيا، لتعزيز التحالفات هناك، في وقت تستمر فيه قضية مقتل جمال خاشقجي، والحرب التي تقودها السعودية في اليمن في تشويش علاقات المملكة مع الولايات المتحدة والقوى الأوروبية، بحسب صحيفة Wall Street Journal الأمريكية.

وقال الأمير محمد بن سلمان، الذي أغضبته الانتقادات الغربية، إنه سوف يسعى للحصول على دعم دبلوماسي من القوى الآسيوية، بما في ذلك الصين والهند، وذلك وفقاً لمستشارين كبار في الحكومة السعودية.

هل هي تحولات حقيقية؟

تمثل هذه الخطوة تحولاً استراتيجياً من شأنه تقليل عزلته الدولية والسماح له بإعادة تأكيد نفوذه على نطاق دولي. ويقدم كل بلد من بلدان هذه الجولة فرصاً استراتيجية واستثمارية للسعودية.

قالت إليزابيث ديكنسون، المحللة الأقدم لشبه الجزيرة العربية بمجموعة الأزمات الدولية: "هذا التحول حقيقي، على الرغم من أنه يبدأ من قاعدة تعاون منخفضة نسبياً".

وتشمل الجولة محطات في الصين والهند -اللتين يمكن لعلاقات أقوى مع ولي العهد السعودي أن تساعدهما على تأمين موارد الطاقة لاقتصاداتهما المتوسعة- إلى جانب ماليزيا وإندونيسيا وباكستان.

مياه كثيرة جرت في النهر

تعتبر هذه الرحلة مغايرة لرحلة ولي العهد السعودي عبر الولايات المتحدة في شهري مارس/آذار وأبريل/نيسان 2018، التي كانت بمثابة رحلة ترويجية تمهيدية قضى فيها بعض الوقت مع الرئيس ترامب وكبار الشخصيات، مثل أوبرا وينفري، ومؤسس موقع أمازون Amazon جيف بيزوس.

لكنَّ هذا كان قبل الخلاف مع الغرب بسبب قتل الصحفي جمال خاشقجي، على يد عملاء سعوديين داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، في شهر أكتوبر/تشرين الأول، والتي خلصت الاستخبارات الأمريكية إلى أنَّه من المرجح أنَّ الأمير محمد هو من أمر بارتكابها. وقد رفضت السعودية مثل هذه التصريحات.

ولاحقاً صوَّت المشرعون الأمريكيون لإيقاف الدعم الأمريكي للحرب التي تقودها السعودية في اليمن. ومرَّر مجلس النواب الأمريكي، الأسبوع الجاري، قراراً حربياً (قانون فدرالي لإيقاف سلطات الرئيس بخصوص توريط الولايات المتحدة بنزاع مسلح دون موافقة الكونغرس الأمريكي)، يقضي بإزالة القوات الأمريكية المشاركة في هذا الصراع، الذي أودى بحياة أكثر من 10 آلاف شخص منذ عام 2015، ودفع بالملايين إلى حافة المجاعة.

وفي آخر زيارة خارجية لولي العهد، في شهر نوفمبر/تشرين الثاني، خرج المتظاهرون في تونس -الديمقراطية الوحيدة في المنطقة- إلى الشوارع، حاملين لافتات مكتوباً عليها الحرف Xبالأحمر على وجه الأمير، فيما يعد علامة على صورته العامة الملطخة.

هل يكون الشرق أكثر دفئاً من الغرب بالنسبة لولي العهد؟

من المرجح أن يتلقى الأمير محمد استقبالاً أدفأ في جولته الآسيوية، إذ يركز على التجارة والعلاقات مع الحكومات، التي من غير المتوقع لها أن تثير اعتراضات على سجل حقوق الإنسان في السعودية. ولم يرد المسؤولون السعوديون على أسئلة حول رحلة آسيا.

من المقرر أن تبدأ الجولة الأحد 17 فبراير/شباط في باكستان، حيث يجلب ولي العهد معه وعداً بمليارات الدولارات دعماً لحليف يواجه أزمة اقتصادية. ومن المتوقع أن يوقع الأمير محمد بن سلمان اتفاقات لا تقل قيمتها عن 12 مليار دولار، بما يشمل خططاً لبناء مصفاة نفطية جديدة، واستثمارات في الطاقة المتجددة، واتفاقية شاملة للاستثمار في قطاع التعدين. ومن المتوقع له أيضاً أن يوافق على اتفاقية لتزويد باكستان بما قيمته 3 مليارات من الدولارات من النفط على أساس الدفع المؤجل.

وفي غضون ذلك، سوف تكون لديه فرصة للتقرب إلى قوة نووية تشارك حدوداً مع إيران، الخصم الاستراتيجي الرئيسي للسعودية.

وقد سمحت عروض بحوالي 30 مليار دولار من الدعم المقدم من السعودية والإمارات لرئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، أن يُرجئ الاقتراض من صندوق النقد الدولي والالتزامات التقشفية التي سوف تصاحب هذا الاقتراض.

أما في الصين، فسوف يلتقي الأمير محمد مع زعماء بلد يعد عميلاً مهماً لصادرات النفط والغاز، إذ إنَّ السعودية هي أكبر مزود للصين بالنفط الخام. وتستثمر بكين نفسها في البنية التحتية والتجارة لتوسيع نفوذها في جميع أنحاء آسيا والشرق الأوسط وإفريقيا.

وفي الهند، الدولة التي أرسلت 2.7 مليون مغترب للعيش والعمل في السعودية، فسوف يلتقي الأمير محمد برئيس الوزراء، ناريندرا مودي. وتعد الهند هي الأخرى مستورداً مهماً للنفط السعودي، إذ تأتي 20% من واردات البلاد من المملكة.

وفي ماليزيا، كان من المقرر أن يلتقي ولي العهد برئيس الوزراء مهاتير محمد ويفتتح مصفاة ومجمعاً للبتروكيماويات، بُنيا في ولاية جوهر جنوبي ماليزيا، وفقاً للمسؤولين الماليزيين. وكانت ماليزيا قد حاولت تبني موقف محايد في شؤون الشرق الأوسط. إذ قررت، في شهر يونيو/حزيران، بعد وقت قصير من تسلم الدكتور مهاتير محمد منصبه، سحب قواتها المتمركزة في السعودية لتجنب التورط في صراع اليمن.

أما إندونيسيا فقد كانت تضغط من أجل إقامة علاقات استثمارية أكبر مع المملكة العربية السعودية، في وقت تتناقص فيه الاستثمارات الأجنبية في هذا البلد العملاق جنوب شرقي آسيا. وكانت السعودية قد تعهدت باستثمار مليارات الدولارات لتوسيع مصفاة إندونيسية، لكنَّ الصفقة توقفت منذ ذلك الحين.

تأجيل الزيارات لماليزيا وإندونيسيا

لكن السلطات في ماليزيا وإندونيسيا، أعلنت السبت 16 فبراير/شباط 2019، أن وليَّ العهد السعودي محمد بن سلمان طلب تأجيل زيارته المقرر أن يقوم بها إلى البلدين ضمن جولة آسيوية له.

وفي سياق متصل، أعلنت وزارة الخارجية الإندونيسية في بيان نقلته وسائل إعلام محلية، تأجيل زيارة ولي العهد السعودي إلى البلاد.

وقالت الوزارة إن "السعودية وإندونيسيا تتواصلان لتحديد موعد جديد للزيارة، ولتحقيق نتائج أفضل".

وكان من المقرر أن يصل ولي العهد السعودي إلى إسلام آباد، السبت 16 فبراير/شباط، على رأس وفد من المسؤولين ورجال الأعمال، في زيارة تستغرق يومين، هي الأولى له منذ توليه منصبه عام 2017.

لكن وزارة الخارجية الباكستانية أعلنت صباح اليوم، في إعلان مفاجئ، تأجيل موعد وصول الأمير محمد بن سلمان للبلاد، إلى الأحد، دون إبداء أسباب لذلك.

 

تحميل المزيد