حصل طالب لجوء كردي تحتجزه أستراليا منذ سنوات في جزيرة في المحيط الهادئ على جائزة أدبية تبلغ قيمتها 75 ألف دولار عن روايته "لا صديق سوى الجبال" التي كتبها من مركز اعتقاله مستعيناً بتطبيق واتس آب.
ولا يزال الكردي الإيراني بهروز بوجاني في جزيرة مانوس التابعة لبابوا غينيا الجديدة وغير مسموح له بدخول أستراليا، حسب تقرير لشبكة هيئة الإذاعة البريطانية BBC. وكان مركز الاعتقال المثير للجدل قد أغلق في أواخر عام 2017، وتم نقله ومئات آخرين لمكان آخر.
بوجاني الذي هرب من خطر الاعتقال والسجن في بلده إيران بسبب نشاطه الصحفي وكتاباته الثورية لم يكن يعرف أنّه سيرسل إلى مركز احتجاز في جزيرة منعزلة ويقضي 5 سنوات فيها بسبب عدم حيازته على الأوراق الثبوتية الكافية لطلب اللجوء، رغم أن صيته ذاع في معظم أنحاء العالم عن طريق الصحف العالمية والمنظمات الحقوقية.
يضيف تقرير BBC أن بهروز كان متجهاً إلى أستراليا برفقة عشرات المهاجرين على القارب، عندما صادفتهم البحرية الأسترالية وقادتهم إلى جزيرة كريسماس ثم مانوس الواقعة في بابوا غينيا الجديدة.
تحدث بهروز لمنظمة هيومن رايتس ووتش وقال إن: "إن مركز دراسة طلبات اللجوء الذي يحتوي على مئات المعتقلين، عبارة عن سجن رهيب كثرت فيه حالات الانتحار، والتعذيب"، وصفحة بهروز على موقع التواصل الاجتماعي، تويتر، مليئة بصور عن معاناة المعتقلين.
ولا يزال بهروز يوثق ويدون على صفحاته في مواقع التواصل الاجتماعي "تجاوزات السلطات بحق المعتقلين"، الأمر الذي دفع بالسلطات إلى عزله عن زملائه ووضعه في سجن انفرادي لأنه "يفضح" أفعالهم بحسب ما كتب بهروز على صفحته وكرر ذلك للصحفيين الذين قابلوه في المعتقل عدة مرات.
وحسب تقرير الشبكة لم يتوقف بوجاني عن الكتابة، وتحسباً " لتمزيق السلطات لأوراقه" استخدم تطبيق واتس أب على هاتفه النقال في كتابة رواية " لا صديق سوى الجبال" على مدار خمس سنوات.
يقول بوجاني:" كنت أكتب في كل مرة رسالة نصية وأرسلها إلى صديقي خارج السجن، ليجمعها في ملف خاص بعيداً عن خطر تمزيق السلطات لأوراقي".
استغرقت كتابة تلك الرسائل 5 سنوات دون كلل أو يأس. وبحسب ما قال في صفحته، فقد " كان يعمل لساعات طويلة كل يوم تصل أحياناً إلى 16 ساعة".
ذاع صيت كتابه في الأوساط العالمية، وبيعت نسخ عديدة منه في حفل افتتاح لكتابه في أستراليا وعلى مواقع الانترنت. ونال إعجاب العديد من الكتاب والروائيين في العالم، ورشحه تطبيق I Book" " للقراء لجدارته.
ويقول بوجاني من خلف الأسوار العالية، إن "صحته غالباً ما تكون رديئة ومزاجه متقلبا بشدة، تتأرجح بين الهذيان والضعف إلى السوداوية والاكتئاب".
ويضيف حسب ما جاء في موقع BBC:" أستطيع الشعور بحالتي النفسية عندما أدخل في حالة الاكتئاب الشديد التي تخرج تماماً عن سيطرتي، و أقف عاجزاً أمام نفسي بلا قوة".
ويشعر بوجاني بأفضل حالاته عندما يكون مشغولاً ويعمل على هدف معين للتحايل على الوقت والساعات التي تبدو له أنها بلا نهاية في ذلك السجن.
بهروز ، من مواليد 1983، لاجئ كردي من مدينة عيلام غربي إيران، والمتاخمة للحدود العراقية من الشمال. درس العلوم السياسية في جامعة "تربيا مدارس" في طهران وعمل في البداية صحفياً في صحيفة محلية تهتم بشؤون الطلاب، ثم عمل في عدة مجلات وصحف إيرانية.
وبعد أن أصبح محرراً لمجلة "واريا" الكردية التي تهتم بالشؤون السياسية والاجتماعية الكردية، لفت أنظار السلطات الإيرانية إليه. وخاصة أن الصحيفة كانت تناقش "أهمية اللهجة واللغة الكردية التي يتحدث بها سكان مدينة عيلام وخطر انقراض تلك الثقافة واللغة بين أبناء الجيل الحديث".
وغادر بوجاني إيران منتصف 2013. ومنذ ذلك الحين وهو في معتقله ولا بصيص أمل بقرب إطلاق سراحه باستثناء التهديد المحتمل بترحيله إلى بلده. ويقول إن حياته ستكون في "خطر شديد" إذا ما رُحّل إلى إيران، و"الاعتقال والتعذيب" سيكونان أقل ما يمكن أن يلاقيه.
اعتقل في إيران عام 2011، وتم استجوابه من قبل الحرس الثوري الإسلامي الإيراني، وبعد أشهر، أطلق سراحه بعد أن كتب تعهداً بعدم العودة إلى كتابات "ثورية" تتعلق بحقوق الأكراد.
لكنه حسب تقرير BBC عمل في تحرير المواد التي كان يرسلها له زملاؤه الصحفيون عن طريق البريد الالكتروني بطريقة سرية، إلا أن السلطات ألقت القبض على 11 من زملائه بعد عامين بسبب اتساع نشاط المجلة وتفاعل الناس معها بحسب ما قال في إحدى مقابلاته مع منظمة هيومن رايتس ووتش.
في تلك الأثناء، كان بوجاني يعمل سراً في موقع أسسه هو من طهران، تحت اسم "مراسلون إيرانيون"، انتشرت أخبار ذلك الموقع سريعاً، وعلمت به السلطات، فلم يكن أمامه سوى الاختباء والتفكير في الهرب خارج الحدود قبل أن يُعتقل هو الآخر.
فكانت، وجهته أستراليا "ظناً منه أنه سينعم بالحرية هناك".