التجنيس وسيلة مشروعة للحصول على البطولات.. كيف فاز المنتخب القطري على المنتخب الاماراتي؟

عدد القراءات
5,105
عربي بوست
تم النشر: 2019/01/30 الساعة 11:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/05/29 الساعة 08:23 بتوقيت غرينتش

هل هنالك قصة أعظم من قصة المنتخب القطري أو "العنابي"، كما يحلو لمحبيه أن يطلقوا عليه، قصة تُكتب بماء الذهب في كيفية التغلب على الظروف والأجواء والمشاحنات للوصول لأبعد نقطة في بطولة قارية يستعد لها الجميع سنيناً وأشهراً طوالاً لتحقيق الأهداف.

المنتخب القطري ضرب أروع الأمثلة في كيفية التغلب على الظروف، ولم يرتكن أو "يشكو" العراقيل التي تم ويتم وضعها في طريقها باستمرار، بل كان ردُّه دائماً في المعلب وعلى الملآ وهو يشق طريقه بجدارة ويسحق "الخصوم" الواحد تلو الآخر وصولاً للمباراة النهائية في كاس آسيا أمام الكمبيوتر الياباني، وبعد أن "ظنه" الجميع لقمة سائغة ها هو يثبت أنه من أقوى المرشحين للحصول على اللقب القاري بتشكيلته المدججة بالنجوم، ولكن كيف قهر "العنابي" كل هذه الظروف؟

أولاً: التحضير الجيد

كل من شاهد المنتخب القطري يدري أن هذا المنتخب قد تم إعداده بصورة جيدة جداً قبل البطولة، وأن لاعبيه تم تحضيرهم نفسياً بصورة أكثر من ممتازة للتعامل مع ظروف البطولة والمباريات، وقد نجح أفراد المنتخب في التفرغ للجانب الرياضي فقط دون الالتفات لأي مشتتات خارجية، والنتيجة كانت تأهلاً تاريخياً للنهائي "بسحق" جميع المنتخبات بلا رحمة.

ثانياً: العب لنفسك قبل أن تلعب للآخرين

بطولة بهذا الحجم والقوة والتي تجمع أقوى منتخبات القارة الآسيوية لا مجال للتهاون فيها، فأنت هنا تخدم نفسك بنفسك ولا تنتظر هدايا الآخرين، وهذا ما رأيناه في المنتخب القطري الذي دخل البطولة وعينه وهدفه على تقديم كرة قطرية خالصة بداية من الدفاع الصلب الذي تميز به المنتخب، مروراً بالهجمات السريعة الخاطفة التي أصبحت ماركة مسجلة للمنتخب في هذه البطولة، وانتهاءً بالعمل حتى آخر دقيقة في المباراة وعدم الركون فقط لتسجيل هدف أو اثنين، فطالما سجلت الهدف الأول فهنالك طريقة للهدف الثاني، وهذا هو سر المنتخب القطري في هذه البطولة.

ثالثاً: تفرُّغ الآخرين للإساءة ونسيان منتخباتهم

الكل كان شاهداً على أن المنتخب القطري وجد "متاريس" عديدة تم وضعها في طريقه بطريقة مباشرة وغير مباشرة، وهذا ما نجده في حرمان جمهوره من الحضور وتشجيع منتخبه من المدرجات في موقف وجد استنكاراً من الجميع، كما أن العديد من الجماهير الأخرى خاصة جماهير منتخبي "السعودية والإمارات" لم تهتم بمنتخبها بل تفرغت للإساءة للمنتخب القطري على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي وداخل الملعب، متناسيةً أن منتخباتها والمستوى الضعيف الذي ظهرت عليه في هذه البطولة والدليل هو "سحق" المنتخب القطري لكليها ومع الرأفة خاصة المنتخب الإماراتي الذي ظهر بلا حول ولا قوة، وأن هنالك "نفخاً" مبالغاً فيه كونه المنتخب المضيف، وأتى التأكيد في "سحق" المنتخب له بأربعة أهداف كاملة ليؤكد أن وصوله لهذه المرحلة "مجرد ضربة حظ" شأنه شأن المنتخب السعودي أيضاً الذي فاز عليه نفس المنتخب أيضاً في رحلة سيره للمباراة النهائية.

رابعاً: استغلال البطولة لتحقيق مآرب سياسية

مع حالة الخصومة الخليجية بين قطر ودول منطقة الخليج ظهر أن هنالك الكثير من الأجندة السياسة التي أُريد لها أن تمر عبر هذه البطولة، بداية بالدعوات الرسمية وغير الرسمية التي ظهرت هنا وهناك لعدم تشجيع المنتخب القطري من الجماهير الأخرى، وأيضاً توزيع اتحادي "السعودية والإمارات" للتذاكر المجانية لكل من يريد التشجيع ضد المنتخب القطري حتى وإن كان ضد منتخب آسيوي غير عربي، كما أن حالة الشحن والتحفيز العاليين قد ظهرت بصورة واضحة في وجوه اللاعبين الإماراتيين والسعوديين وكأن هنالك شيئاً آخر يثقل كاهلهم غير لعب كرة القدم، وعندما فشلوا في مجاراة لاعبي المنتخب القطري تفرغوا للإساءات والضرب والركل دون كرة، في تصرف لا يدينهم فقط بل ينتقص من قدرتهم كلاعبي محترفين ويدين قاداتهم لتحويل بطولة لكرة قدم إلى ملعب سياسي لتحقيق أجندتهم التي "يبدو" أنهم فشلوا في تنفيذها في الملاعب السياسية.

التجنيس كوسيلة لتحقيق البطولات

بالتأكيد قطر لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة في مسألة تجنيس لاعبين من جنسيات أخرى للعب في صفوفها، فهنالك نماذج عديدة حول العالم تحفظ لقطر أن طريقتها هذه فعالة ومشروعة تماماً، وأقرب مثال لذلك المنتخب الفرنسي حامل كأس العالم الأخيرة بتشكيلة "كُلها" من أعراق وجنسيات أخرى جلبت المجد لفرنسا ليس في كأس العالم الأخيرة فحسب بل كأس العالم 1998 أيضاً.

وهذا ما لم ينتبه له أو "تستسيغه" جماهير وإداريو المنتخبات العربية وتفرغوا لنعت المنتخب القطري بأوصاف مثل "منتخب الأمم المتحدة" وما شابه ذلك من أوصاف لا تنتقص شيئاً من قدرة وقوة المنتخب القطري، بل هي "حيلة العاجز" بعد أن شاهدوا هذا المنتخب الأممي يطيح بخصومه واحداً تلو الآخر ليتأهل لنهائي البطولة.

بينما مسؤولو هذه المنتخبات وبعد أن شهدوا ضعف منتخباتهم وحالة "النفخ الكاذب" الذي ضخوه في جسد منتخباتهم وأنها لا تُقهر والكثير من غيرها من "الأوصاف" الكاذبة التي أرادوا تصديرها للجماهير وهم عالمون بضعف منتخباتهم وعدم مقدرتها على مجاراة الكثير من المنتخبات الآسيوية حتى تلك التي وصلت للبطولة أول مرة.

ولكن يبدو أن هذه "الحيل" والأكاذيب لم "تبلعها" هذه الجماهير بعد الردود القوية التي قوبلت بها هذه التصريحات والتغريدات من المسؤولين والتي أكدت بها هذه الجماهير أنها واعية جداً وتعرف بالضبط مكامن خلل منتخباتها وضعفها في مجاراة منتخبات آسيا.

وهذا ما يجب أن يلتفت له هؤلاء الذين يسمون أنفسهم مسؤولين، فأن تهتم بأمور منتخبك خير لك من البحث عن "عورات" الآخرين، وأنت نفسك لديك الكثير من "العورات" التي لا تسترها تصريحات هناك وهناك، بل عليك العمل على تحسين منتخبك ليستطيع مجاراة باقي منتخبات القارة وعدم الركون للتاريخ والنظر للأمام لأن النظر للخلف كثيراً هو دليل العجز وقلة الحيلة بينما الآخرون يتقدمون.

مسيرة المنتخب القطري حتى الآن في البطولة الآسيوية تعتبر إنجازاً كبيراً وشرفاً مشهوداً وثمرة عمل وتخطيط علمي ونفسي وبدني منذ فترة طويلة، وقد بدأ القطريون يجنون ثماره الآن، وبعد الفوز الرائع في نصف النهائي والتأهل المستحق للمباراة النهائية نجد أن المنتخب القطري سجل أرقاماً قياسية ستبقى طويلاً في سجلات الاتحاد الآسيوي والبطولة القارية بشكل خاص بداية من نظافة الشباك ووصولاً إلى غزارة الأهداف.

بعد نجاح الدفاع القطري ومن خلفهم الحارس المخضرم سعد الدوسري في الحفاظ على نظافة الشباك للمباراة السادسة على التوالي، وهو رقم غير مسبوق ليس في تاريخ مشاركات المنتخب القطري فقط بل وفي تاريخ كل المنتخبات الآسيوية.

كما أن لخط الهجوم نصيباً من هذا الإنجاز بعد تسجيل 16 هدفًا دفعة واحدة خلال هذه البطولة بواقع أكثر من هدفين ونصف في المباراة الواحدة مع الضمان شبه الكامل للقب هداف البطولة بعد أن رفع المهاجم المتميز المعز على عبدالله رصيده إلى 8 أهداف دفعة واحدة، وهو أعلى رقم تهديفي في تاريخ البطولة متساوياً مع علي دائي الهداف التاريخي لمنتخب إيران.

 

 

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
مدثر النور أحمد
كاتب سوادني
مدثر النور أحمد هو كاتب سوداني مهتم بالرياضة والتكنولوجيا والخصوصية على الإنترنت. لديه حُب وعِشق مختلفان للرياضة وخاصة كرة القدم.
تحميل المزيد