شاب جاءني بكتابه الجديد، ولم يكن في التنمية البشرية، ولا في الشعر، ولا في كيف تحقق أموالاً طائلة في بضعة أيام، وبالمناسبة ليس عيباً، ولكنه كان تحت عنوان "تفهيم الأنام وسطية الإسلام".
تعجبت من قدم الاسم، ولكنه كان عنواناً مهماً على المستوى الشخصي، وخاصة ما تمر به أمتنا هذه الأيام من تيارات بعيدة كل البعد عن تلك الوسطية التي تأكدت لي بمنطقها وسلامتها كمنهج سليم من خلال الحياة، ومن خلال التعلم على أيدي علماء شربوا من المعين الصافي.
ليس العنوان فقط هو ما جذبني بالمناسبة، ولكن أيضاً هو أن لدينا -ولله الحمد- شباباً يفهمون المنهج السليم ويصدرونه للآخرين ويدافعون عن طهرانية الدين من ولوج كثير من الأشخاص الذين وقفوا على طرفَي النقيض بين الإفراط والتفريط.
الكتاب يتناول مباحث كثيرة، منها هيئة المسلم وحياته في الملبس والمأكل والمشرب وكل شؤون حياته بشكل يحقق في نهاية الأمر "التوازن" الذي يدفع المسلم في النهاية إلى السعادة؛ لأن السعادة ليست مطلباً مستحيلاً، ولكنه يتحقق من تلك النظرة الوسطية للحياة.
الدراسة التي قدمها صديقي إسلام أحمد يوسف والتي تقع في أكثر من 200 صفحة من القطع الكبيرة أبهجتني كثيراً؛ لأنه اسم على مسمى، فكان إسلام يشرح، ولا بد علينا في عالمنا الإسلامي الذي يعاني اليوم من حصار شديد وصور ذهنية خاطئة ووجود مثل هذه الدعوات الشابة التي ستحمل الدين يوماً ما أن نهتم بها؛ لأنهم سهامنا ضد من فهم خطأ أو ولج للدين من زاوية ليست دقيقة أو استغلته جماعات لديها طموحات سياسية لتستغله في تنفيذ أجندتها، ولكن -ولله الحمد- لسنا بحاجة لوسطاء لمناقشة هذا الدين، فيستطيع المسلم فيه أن يبلغ ما يريد، وأن يقرأه، ولو كانت آية فقط دون حاجة إلى لوغاريتمات أو تخصص، وما قدمه إسلام رغم أنه ليس تخصصه العلمي شريعة، فإنه قدم فيه نظرة شرعية سليمة كما رأيت من زاوية مراعاة الجوانب الشرعية في الكتابة، ومراعاة ضوابط الإسناد والاستدلال، وتدعيم وجهات النظر.
كلمة أخيرة
مهم جداً أن نواجه الأفكار المغلوطة عن وسطيتنا التي تحمل الخير في مدلولها، فليست فقط وسطية المنهج، ولكنها وسطية الخير والمآل والنظرة للحياة بشكل شمولي "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً".
والمؤسف حقاً بعد كل هذا التراث الذي استند له إسلام أن تكون هذه هي نظرة الخارج لنا، وأن فكرة "الإسلاموفوبيا" هي تعميم خاطئ، فكما أن التيارات الأخرى بها من المتشددين فإن إسلامنا أيضاً مرق منه كثير وهو بريء من هذا تماماً، وأعتقد أن وجود هذه الأطروحة التي قدمها شاب مسلم تؤكد ما أقول.
المعركة ما زالت مستمرة، ولكنها ليست معركة الرصاص، ولكنها معركة الوعي اليقظ وتبني مثل هؤلاء الشباب الذين سيحملون الراية قريباً، ويدفعون عن الإسلام الكثير مما علق به في فترات الهزيمة التي نعيشها، في يوم قريب ستصحح الصورة بل قريباً جداً.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.