سوريا.. التفاوض على العدم

"إن المفاوضات ليست عيباً أو خيانة أو تنازلاً، إنما هي استمرار لتطلعات الشعوب، واستثمار لتضحيات الشعب السوري العظيم، الذي تحمل على مدار 6 سنوات ما لم يتحمله شعب من قلبه".

عربي بوست
تم النشر: 2017/04/24 الساعة 03:13 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/04/24 الساعة 03:13 بتوقيت غرينتش

كلنا في الفترة الأخيرة لاحظ بشكل كبير أن التفاوض في الأزمة السورية لم يعد ذلك التفاوض الذي قرأنا عنه في كتب علم التفاوض، والذي يرتكز في مجمله على إنقاذ ما يمكن إنقاذه، واستغلال بصيص الفرص، من أجل إسكات صوت المدافع والقنابل، بات اليوم الوضع السوري كارثياً، بحيث يتفاوض السوريون على "العدم" وليس على "الحياة".

من حسن حظي أنني قرأت كتاب الدكتور صائب عريقات "الحياة – مفاوضات"، الذي يتحدث فيه عن أهمية القاعدة المشتركة في بناء وتهيئة الأجواء لتحقيق المراد التفاوضي، وهو خروج الأطراف بالنسب المعقولة للمكسب؛ لأنه لا يوجد 100% مكسب في التفاوض، ولكنه قسمة الغرماء، والكل يتذكر ولايات الحرب العالمية الثانية، التي كانت بسبب معاهدة فرساي التي جاءت كثيراً على الجانب الألماني، مما دفع هتلر في نهاية الأمر إلى تمزيق المعاهدة، وضياع حياة أكثر من 40 مليون إنسان.

الأرضية المشتركة شيء مهم جداً الآن للوضع السوري الذي يحتاج أولاً إلى تبني شيء واحد الآن:
أولاً: توحيد موقف المعارضة السورية، فبدلاً من منصة القاهرة، ومنصة الرياض، ومنصة موسكو، وتحويل هذه الأصوات المتعددة وأصحاب الرؤى المختلفة إلى منصة واحدة تجمع أقصى سقف ممكن من الآراء حول مستقبل سوريا، بما يسمى تفاوضياً "one position" ودمج الأوراق "MERGED PAPER".

ثانيا: تفهم الأسد أن سوريا مختلفة الآن، والاستعمار على الأبواب، وأن التحالف الروسي لن يبقى كثيراً خلف شجرته، وهذه نقطة مهمة جداً، وأن التاريخ لن يرحم من سيكون السبب في نقصان السيادة السورية، مع البحث عن إمكانية خروج آمن له، أو منفى يحتويه هو وأسرته.

ثالثاً: عمل وساطة عربية – عربية، وذلك بدعوة قمة عربية طارئة تكون في المغرب، لوضع سيناريو مستقبل سوريا خلال الـ3 سنوات القادمة، ويدعى للقمة كل أطياف المعارضة السورية تحت منصة "المعارضة السورية"؛ لنخرج بتوصيات الرباط التي تقود المرحلة الانتقالية.

رابعاً: بعد الاتفاق على القاعدة المشتركة ترفع راية "حب سوريا يجب ما قبله".

خامساً: تعويض كل من فُقد له أحد أو تهدم له بيت أو تجارة من الطرفين من مبلغ مالي يأخذ من الدول العربية مجتمعة على أن تتحمل الخليجية النصيب الأكبر لوفرتها المالية ولإمكانياتها الأحسن من شقيقاتها العربيات، وطبقاً للمصير المشترك في حل قضايا الأمة.

سادساً: توصيات مؤتمر الرباط لمدة 3 أعوام فقط، ويصبح بعد ذلك الشأن السوري لأبنائه هم من يقررون مستقبله.

سابعاً: فتح صفحة جديدة، وهذا هو الأهم، ومسامحة السوريين لأنفسهم أولاً وإطلاق سراح كل المحكوم عليهم في قضايا سياسية.

قد يكون هذا الكلام جدالاً لمناقشات أخرى، ولكن أخشى ما أخشاه أن ينتقل تفاوضنا فيما بعد ليس على الحياة، ولكن على العدم.

وأختم بعبارة "إن المفاوضات ليست عيباً أو خيانة أو تنازلاً، إنما هي استمرار لتطلعات الشعوب، واستثمار لتضحيات الشعب السوري العظيم، الذي تحمل على مدار 6 سنوات ما لم يتحمله شعب من قلبه".

تبقى خياراتنا نحو الحرية ونحو سوريا جديدة هي المنطلقات الأساسية، ويجب على المعارضة أن تترك قاعدة "TAKE IT OR LEAVE IT"، وأن يتنازل النظام عن قاعدة "IAM HOMe"؛ لنستطيع أن نحافظ على ما تبقى من سوريا التي تستحق مستقبلاً أفضل.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد