لو حاولت سرد ما رصدته من خلال الردود المتعلقة بهذه القضية، لوجدنا أمراً محورياً تدور في فلكه جل التعقيبات، وهو اعتبار المبادرة فضيحة لأمة لا تعرف سوى إنتاج الفشل والتباهي به.
لكن، في نظري، إن دلت كمية الردود المنتقدة للمبادرة على شيء، فهو للأسف أزمة النقد الفارغ وغير البناء والتعريف الخاطئ للنجاح، بل الإبداع أحياناً في السخرية من الذات. ولو ضع الحروف على النقاط والرد على عاصفة النقد الهيستيري لمبادرة الإبريق، فأتمنى استيعاب النقط التالية:
أولاً: الذي يعتبر هذا تخلفاً، فأكبر تخلف تعاني منه أمتنا، كما سبق ذكره، هو النقد الفارغ وغير البناء، والركض خلف كلمات منمقة من هنا وهناك، يظن صاحبها أنه قد أوتي من الحكمة ما يجعله يسخر من أي مبادرة، دون أن يكلف نفسه عناء النبش وراءها ليرى الصورة الكاملة للموضوع.
ثانياً: أصحاب مبادرة الإبريق هم شركة خاصة منتجة لحبوب الشاي الأخضر، ولا يمكن لومهم على إهدار المال لأنه ليس مالاً عاماً.
ثالثاً: هذا الابريق الضخم كان وسيلة تسويقية ناجحة، والدليل على ذلك ما أحدثته من BUZZ جعل العلامة التجارية للشركة القائمة عليها تصل إلى أكبر عدد من عملائها المستهدفين (وأولهم أصحاب هذا النقد). وهذا في حد ذاته نجاح كبير لأصحاب المبادرة.
رابعاً: مثل هذه الأفكار قد تصنع الحدث على الصعيد الدولي، وهذا إبداع جميل ونجاح يثنى عليه، بل وجب دعمه لما له من أثار إيجابية على تسويق الوجهة السياحية للبلد، خصوصاً أن الشاي يعد رمزاً ثقافياً لبلدنا.
وقبل الختام، أود أن أشير إلى أن الأمم المتقدمة لم تصل إلى ما وصلت إليه بنقد وتحقير أي مبادرة، بل بالعكس هم يشجعون الإنتاج كيفما كان شكله، ويدعمون روح المبادرة مهما كان نوعها ويفتخرون بإنجازاتهم مهما اعتبرها البعض تافهة.
إن انتقاد كل صغيرة وكبيرة والإبداع أحياناً حد الهوس في السخرية من كل المبادرات، ليخفي وراء قناع صاحبه أزمة نفسية عميقة، تدل على ضحالة الوعي وقصور الرؤية. لدى أدعو كل من رأى في نقده لمثل هذه المبادرة صواباً، أن يشمِّر عن ساعديه ويرينا قمة إبداعه ليضعنا على قائمة الدول المتقدمة، بدل أن يتفنن في نقد الآخرين ويغدق عليهم بما نقله من منتديات الحكم الجاهزة والعِبَر الخالدة.
ولم يبقَ لي في الأخير كذلك إلا أن أستعير البيت العربي الشهير وأحشر فيه إبريقنا المسكين فأقول: "نعيب إبريقنا والعيب فينا .. وما لإبريقنا عيب سوانا"!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.