كتب ستيفن كوفي، بتعمق، حول تحولنا الاجتماعي من التطبع الأخلاقي الزائف إلى الطبائع الشخصية:
"المكون الأكثر أهمية الذي نعتبره في أي علاقة إنسانية، هو ليس ما نقوله أو ما نفعله؛ بل ما نحن عليه. وإذا كانت كلماتنا وأفعالنا تصدر عن مصدر متعالٍ لتقنيات العلاقات الإنسانية (أخلاق التطبع) بدلاً من أن تصدر عن ذواتنا الداخلية (أخلاق الطبع)، فسيحسُّ الآخرون بالإزدواجية. ببساطة، لن نكون قادرين على خلق وتدعيم الأساسات الضرورية للترابط الفعال"، كهذا كتب في كتابه "العادات السبع للأشخاص الأكثر فاعلية".
أخلاق التطبع.. واقعنا الحاضر
عندما يتعلق الأمر بأخلاق التطبع التي سادت في مجتمعنا بالقرن الماضي اصطدمت أميركا بصخرة عندما وصل الرئيس ترامب إلى سدة الحكم.
هذا الرجل، صاحب أكثر الشخصيات صخباً، فاز بترشيح الحزب الجمهوري وكذلك بأصوات الأميركيين. لكن مع ذلك، فإن المشكلة التي يسلط وضع ترامب الضوء عليها، هي أنه ليس المصدر الحقيقي للمشكلة. ترامب ببساطة، هو انعكاس لغياب التفكير والمهارات والروح النقدية عند الكثير من الأميركيين. النمط أو الظاهر تم تفضيله على الجوهر. أخلاق التطبع ضد أخلاق الطبع.
التفكير النقدي
في عائلتنا، التفكير النقدي هو حجر الأساس في كل حوار تقريباً. يجب عليّ الاعتراف بأن الأمر يكون صعباً أحياناً. على سبيل المثال، تكون محادثات العشاء بإمكانها أن تكون تنويرية أو سخيفة بشدة.
"هذا ليس صحيحاً بشكل دقيق، لنوضح هذا الأمر"
"هذا هو منظورك الخاص، لكنّ شخصاً آخر قد ينظر إلى الأمر بشكل مختلف"
"حتى لو كنت لا أتفق مع هذا الشخص، أستطيع أن أقدر لماذا يفكرون بهذه الطريقة"
هذه المحادثات بإمكانها أن تكون منهِكة للذهن، لكن الأمر يستحق. أريد من أطفالي أن يتعلموا كيف يفكرون، ليس فقط فيم يتفكرون.
الرئيس ترامب سيد أخلاق التطبع يتباهى بثروته ويتبجح ويتحدث في دوائر
كان بإمكان قوة أجنبية أن تستفيد من غياب التفكير النقدي عند الجماهير الأميركية. كان هذا ممكناً بالنسبة لروسيا؛ لأن النسبة الأكبر من المواطنين الأميركيين يتلقون تعليماً بُنى على مراكمة المعرفة لأجل اجتياز الاختبارات بدلاً من إظهار مهارات التفكير النقدي في سياقات العالم الواقعي. يظن الأميركيون أن بإمكانهم معرفة الأخبار الكاذبة، لكن العديد منهم يعانون هذه المشكلة دون أن يدركوا ذلك فعلياً. هم لا يعرفون ما لا يعرفونه.
ترامب هو المثال الأقصى الذي أظهر أخلاق التطبع في شمال أميركا وأن تبدو جيداً أفضل من أن تكون جيداً. هو سيد أخلاق التطبع؛ يتباهى بثروته ويتبجح ويتحدث في دوائر. العديد من الناس يصدقونه؛ لأنهم لا يملكون وقتاً سوى لجعجعة الصوت وليس للقصة كاملة.
ترامب يفعل كل هذا بينما يهاجم بقسوة في الوقت نفسه كل المخالفين له. الصادم، أن ترامب وفريقه يكذبون بشأن حقائق أساسية مثل حجم الحضور في حفل التنصيب. المقابلة التي أجراها ترامب مؤخراً مع مجلة التايم كانت واحدة من أمثلة عديدة على الهراء والكذب الذي يمثله ترامب.
نحن جميعاً، سواءً كنا قادة أو متبوعين، يجب أن نسائل حواراتنا الداخلية. لا يبدو أن ترامب يفعل ذلك. لكن العديد من أتباعه الأصليين بدأوا بذلك فعلاً. كلنا يجب أن ندرك النموذج الذي نرى من خلاله العالم، وهو الأمر الذي يأخذنا لثاني خصيصة من خصائص الشخصية تحتاج انتباهاً عاجلاً.
التعاطف
عندما أفكر في كلمة تعاطف، تلقائياً ينتقل تفكيري إلى جذور برنامج التعاطف الذي بدأته ماري جوردن في أونتاريو. هذا البرنامج هو مثال مصغر لما يجب أن يطبق على مقياس أوسع. يحمل هذا البرنامج جوهر الإجابة عن المعضلة الاجتماعية المتمثلة في الانقطاع.
يبدأ التعاطف عندما يتم تقديم الحب والاستجابة لحديثي الولادة من قِبل راعٍ ملتزم. يكبر التعاطف عندما نكون نحن كأطفال كبار وكبالغين قادرين على التواصل مع تلك البدايات ومع الخبرة الإنسانية التي تشاركنا بها جميعاً.
لا يمكننا سوى ملاحظة القليل من التعاطف في ميزانية الرئيس ترامب للأكثر احتياجاً في المجتمع. التفكير النقدي لم يظهر بشكل كبير كذلك؛ "الرئيس يخط متطلبات جديدة للبرنامج الذي يدرب أستاذه النظام التعليمي الأساسي الجديد".
هناك نمط طويل الأمد يدل على انعدام التعاطف عن الرئيس، من معاملته للنساء إلى معاملته للأقليات والمسلمين. حلم مارتن لوثر كنغ لم يتحقق بعد. ما زال الناس يتم الحكم عليهم بناءً على لونهم بدلاً من جوهرهم.
التقدم للأمام
مؤخراً، لم يتم الانقلاب على خطوة التأمين الصحي في متناول الجميع. كان هذا نصراً كبيراً، لكنه مجرد خطوة أولى. شعب أميركا يجب عليه الدفع قدماً في هذه اللحظة، مفضلاً التفكير النقدي والتعاطف بينما يشق طريقه نحو المستقبل.
عبر أميركا، وربما عبر العالم، هناك شحذ للطاقات يحدث كنتيجة مباشرة لتصرفات قائد أميركا البشعة.
العنصرية والتحيز الجنسي والإقصاء، لطالما كانت موجودة وتمثل حقيقة واقعة لمجموعات لا تحصى من البشر. هذا الأمر ليس جديداً. لكن قبحها الجريء يخرج كله دفعة واحدة من الظلال وهو ما دفع العديدين للتصرف. الناس الذين لم يتظاهروا في حياتهم من قبلُ يخرجون للتظاهر الآن.
الناس الذين لم يفكروا يوماً في الترشح للمناصب السياسية يصبحون شيئا فشيئا على قدر التحدي. هذا الإشتباك جميل. أنا بالتحديد تأثرت بنشاط المجموعات المهمشة. سنظل في حاجة إلى قادة من هذه المجموعات وليس فقط أناس ذوو إمتيازات يمثلون هؤلاء الذين تم تهميشهم.
التفكير النقدي والتعاطف، كلاهما مطلوب، ليس فقط لتحقيق قيادة كفؤة؛ بل لعيش حياة جيدة كأفراد.
انتخاب ترامب كان مأساة في حد ذاته. حان الوقت لعودة أخلاق الطبائع.
– هذه التدوينة مترجمة عن النسخة الكندية لـ"هافينغتون بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.